12 سبتمبر 2025
تسجيلقال صاحبي: اختلفت الآراء حول حدود تعليم المرأة، وقد دار جدل كبير بين علماء التربية وفقهاء الإسلام حول هذه القضية، وأي العلوم تدرس؟ أفدني.. جزاك الله خيرا. قلت: لبيان ذلك نوضح أهم الآراء في تعليم المرأة: الرأي الأول: وهو يدعو إلى عدم تعليم المرأة غير الدين والقرآن، وهذا الرأي استبعد تعليم المرأة العلوم الأخرى بما في ذلك الكتابة والقراءة أيضا، ولهذا الرأي أنصار ومؤيدون ولهم حججهم وأدلتهم في ذلك ومنهم: القابسي الفقيه القيرواني: صاحب كتاب الفضيلة لأحول المتعلمين: ويرى عدم تعليم المرأة غير الدين والقرآن فيقول: (أما تعليم الأنثى القرآن فهو حسن، فأما أن تتعلم الترسل والشعر وما أشبه ذلك فهو مخوف عليها وإنما تعلم ما يرجى صلاح، ويؤمن عليها من الفتنة). ويرى القابسي في تعلم المرأة غير الدين فتنة وذلك يرجع إلى الخوف من فسادها من الاختلاط الذي قد يصاحب عملية التعليم خصوصا للصغار، فمخافة المفسدة دفعت القابسي ومن سار على خطاه بمنع المرأة من التحصيل العلمي. قال صاحبي: من الذي سار على خطى القابسي؟ قلت: الجاحظ: حيث يقول: (لا تعلموا بناتكم ولا تروهن الشعر وعلموهن القرآن ومن القرآن سورة النور). وابن سينا يرى أن: (المرأة ليست أهلا للعمل كالرجل، فلذلك يجب ألا تؤهل تأهيلا علميا لذلك، بل تعد لتحافظ على الزوج وأن تقوم بواجبها من إدارة المنزل وتربية الأطفال). وبالنظر إلى أنصار هذا الرأي نرى أنهم بصورة عامة لم يعنوا بآرائهم حرمان المرأة من التعليم، بل يرجع قولهم إلى الغيرة على الأخلاق وحفظ مكانة المرأة وعدم فتح باب من شأنه – في رأيهم – أن يحدث مفسدة كبيرة، ورغم ما وصلت إليه المرأة العصرية من تعليم ومنزلة علمية كبيرة، فإننا نرى المرأة اليوم في جميع الميادين والعلوم على غير السابق، ولكن وبالمقابل وقع ما كان يخشاه السابقون من خروج للمرأة عن حدود مهمتها الأصلية وأصبح دورها الاجتماعي أقل بكثير من السابق، وابتعدت المرأة كثيرا عما كانت عليه من البيت والتربية الأسرية حتى أن بعض النساء فقدت أولويات سمات ربة البيت. الرأي الثاني: وهو الشائع الذي نؤيده، يقول بتعليم المرأة جميع العلوم الدينية منها وغير الدينية أيضا وفق شروط معينة، وقد استمد أنصار هذا الرأي أدلتهم استناداً إلى القرآن والسنة الشريفة ومنها: حث القرآن الكريم نساء النبي صلى الله عليه وسلم على التعلم ونشر الدين (واذكرن ما يتلى في بيوتكن من آيات الله والحكمة)، "الأحزاب: 34". وفي الحديث الشريف (طلب العلم فريضة على كل مسلم) والفوائد التي تعود على الأمة من تعليم البنات عديدة، فتعليم المرأة يعني تعليم أسرة وتثقيفها لأن بنت اليوم أم المستقبل. قال صاحبي: من أنصار هذا الرأي؟ قلت: أنصار هذا الرأي ابن حزم وحسن البنا ومحمد قطب، القرضاوي ومحمد عمارة، فابن حزم يرى أن تعليم المرأة من الأمور الواجبة (ويجبر الإمام أزواجه النساء على تعليمهن). ويرى حسن البنا أن تعليم المرأة من الأمور الواجبة وأن المرأة هي أساس الأسرة (إذا صلحت الأسرة صلحت الأمة...) ويرى محمد قطب أن تعليم المرأة أمر واجب فيقول: (كان المسلمون على خطأ بيّن وظلم بيّن للمرأة حين منعوها تعليمها). أما القرضاوي فيرى أن تعليم المرأة ليس شراً بذاته بل ربما قاد إلى خير كثير. ويرى محمد عمارة (أن المساواة بين المرأة والرجل في جميع الميادين، ميادين التكوين والتربية والإعداد والتأهيل.. والعمل والتطبيق في المنزل والمجتمع على السواء). والله من وراء القصد.