11 سبتمبر 2025

تسجيل

خارطة فهم حرب المتوسط

23 ديسمبر 2015

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); أنا أحب الخرائط كثيرًا، وأنصح الجميع بامتلاك خرائط في منازلهم أو أماكن عملهم لدورها في فهمنا للعالم. سنحتاج الآن إلى خريطة للشرق الأوسط بما في ذلك البحر المتوسط، من أجل فهم الأزمة الحالية، إضافة إلى مسطرة وقلم رصاص. اعثروا على المنطقة التي تشكل مصب نهر النيل بالبحر المتوسط، والتي تعرف باسم "دلتا النيل" شمالي مصر، وارسموا خطًا بينها وبين مدينة أنطاليا التركية، المطلة على البحر المتوسط.. هذه هي المنطقة التي تسمى شرقي المتوسط. سنقوم بتصغير الرقعة قليلًا، ارسموا خطًا يصل بين جزيرة قبرص ومدينة اللاذقية السورية، (المنطقة الممتدة ما بين مدينة اللاذقية السورية وحتى الحدود مع تركيا، تسمى منطقة بايربوجاق ذات الغالبية التركمانية أرجو منكم تذكرها جيدًا).والآن، أرجو منكم هذه المرة، رسم خط من جزيرة قبرص إلى الجنوب، إلى ساحل شبه جزيرة سيناء المصرية. إن المنطقة الموجودة داخل هذا الحيز والتي تضم سواحل كل من إسرائيل ولبنان وسوريا وقطاع غزة ومصر، تسمى ساحل منطقة بلاد الشام. اكتشافات من شأنها أن تغير التوازنات في الشرق الأوسطضعوا إصبعكم على هذه المنطقة، لقد أعلنت دائرة المسح الجيولوجي الأمريكية، في تقرير نشرته عام 2013، أن هذه المنطقة البحرية الصغيرة تحتوي على 3 تريليونات و450 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي الذي لم يستخرج بعد.تمتد تلك المنطقة الغنية بالغاز الطبيعي ما بين مناطق (سواحل) حيفا وتمار في إسرائيل، وزوهر في مصر (قبالة سيناء)، والمنطقة الممتدة ما بين مدينة اللاذقية وجزيرة قبرص.إن هذه الكمية من الغاز الطبيعي، كفيلة بتغيير كفة الموازنات في منطقة الشرق الأوسط وبلدانه.ليس هذا فحسب، بل إن هذا الاكتشاف العلمي، يعني أن منطقة شرق المتوسط تعتبر مركزًا مهمًا للثروات الأحفورية، ووجود الغاز الطبيعي يعني وجود كميات ضخمة من النفط، ما يضيف ثروات مضاعفة على الثروات المكتشفة.دعونا نعد الآن مجددًا إلى الخريطة، ونقوم برسم خط يبدأ من اللاذقية السورية مرورًا بالحدود مع تركيا باتجاه شمال العراق، ومرورًا بإيران، باتجاه بحر قزوين. المناطق الواقع تحت هذا الخط وحتى اليمن جنوبًا، تعتبر أغنى مناطق العالم بالنفط والغاز، وقد أضيف الآن إلى هذه المنطقة الكميات الضخمة المكتشفة في شرق المتوسط. والعالم بالنتيجة، بحاجة ماسة لهذا النفط والغاز.لقد ترك البريطاني "مارك سايكس" والفرنسي "فرانسوا جورج بيكو"، (اللذان قسَّما الإمبراطورية العثمانية بعد الحرب العالمية الأولى) لتركيا منطقة قاحلة من ناحية الثروات النفطية، فيما تتدفق تلك الثروات في جميع المناطق المجاورة. وفي الوقت الذي ستنتعش فيه بلدان شرق المتوسط، نتيجة الكميات الضخمة المكتشفة من الغاز الطبيعي، لن تتمكن تركيا وشمال قبرص (بسبب عدم وجود اعتراف رسمي بها) من الاستفادة ولو "بقرش واحد" من تلك الثروات. فما هذا التقسيم غير العادل لجغرافيا المنطقة؟ الطاقة سبب كل الأزماتلننظر مجددًا إلى المناطق التي تشهد الحرب الأهلية في سوريا، وأزمة سقوط المقاتلة الروسية، وأزمة العراق والموصل، والأزمات مع إيران، وحتى الانقلاب العسكري في مصر.إن منطقة شرق البحر المتوسط وشمال العراق، غنية بالغاز الطبيعي والنفط، لدرجة أن يسعى لإرسال سفن حربية وقطع عسكرية إلى تلك المنطقة، من أجل الحصول على حصة من تلك الثروات.إن القضية في الحرب الأهلية السورية ليست قضية تنظيم "داعش" الإرهابي، أو جبهة النصرة، أو الشيعة والسنة، بل قضية استخراج تلك الثروات الهائلة من النفط والغاز، والحصول على حصة من تلك الثروات، ومد خطوط أنابيب جديدة لنقلها، وجنسية الشركات التي ستشارك في تلك العملية.وإذا ما تم نقل ذلك النفط والغاز إلى أوروبا عبر تركيا، فإن سلطة أنقرة وأهميتها الاستراتيجية ستكبر وتصبح أضعاف ما هي عليه الآن، وأي بلد لا يرغب بذلك؟ وكل ما تكابده تركيا في هذه المرحلة هو بسبب ذلك. لنفهم الأمور بشكل صحيح، ونسمِّ الأسماء بمسمياتها. تشن في هذه الأوقات عمليات واسعة النطاق من أجل عزل تركيا وشمال العراق (بارزاني) الغني بالنفط، عن التطورات الجارية فيما يتعلق بالثروات الجديدة في المنطقة، ودفعهما للقبول بحصص أقل من تلك الثروات، و لتقديم تنازلات كبيرة في هذا الصعيد. وعليه نستطيع تقييم قضايا من قبل سقوط المقاتلة الروسية قرب الحدود التركية، وأزمة القوات التركية في الموصل، ومشكلة إرهاب منظمة "بي كا كا"، ورديفتها في سوريا المتمثلة بمنظمة وحدات حماية الشعب، وقضية الدولة الموازية في تركيا، ومزاعم اتجاه تركيا نحو حكم ديكتاتوري، ضمن الإطار ذاته. ليس هذا فحسب، بل إن منطقة بايربوجاق التركمانية شمالي اللاذقية السورية، تقع أيضًا على قمة هرم قضية اكتشاف حقول الغاز الجديدة في البحر المتوسط، وتشكل نقطة استراتيجية مهمة في هذا السياق. يتساءل كثيرون عن سبب تركيز روسيا على قصفها لتلك المنطقة ذات الغالبية التركمانية والخالية من عناصر تنظيم داعش، إن السبب الرئيسي وراء ذلك، هو دفع سكانها التركمان على الهجرة من المنطقة التي يُمهَّد فيها لإقامة دويلات صغيرة للأسد، خالية من التركمان، ومركزها اللاذقية، والتي ستكون في المستقبل مركزًا أيضًا للطاقة.لنفهم الأمور بشكل صحيح، ونسمِّ الأشياء بمسمياتها، إن ما نشهده من أحداث حالية هي حرب البحر المتوسط، وسببها هي احتياطيات الغاز والنفط المكتشفة حديثًا في المنطقة.حولت إيران المنطقة إلى ساحة حريق كبيرة، من خلال دعم روسي واضح وصريح ومعلن، من أجل تدعيم موقعها وزيادة نفوذها وتأثيرها في المنطقة بأكملها، فيما تواصل تركيا التصدي لهذا المشروع التوسعي الجاري على حدودها.لا تغرقوا أنفسكم في البحث مطولًا ومناقشة الكثير من التفاصيل الأخرى، فقط انظروا إلى الخريطة وسترون الصورة الكاملة ماثلة أمامكم.