13 سبتمبر 2025
تسجيلتعطي ضاحية سان سانت دينيس في شمال العاصمة الفرنسية باريس التي حصلت فيها الاعتداءات الإرهابية الأخيرة، وباقي الضواحي الفقيرة المتمركزة على تخوم المدن الفرنسية، صورة واضحة ودقيقة عن «الانقسام الاجتماعي» الذي تعيشه فرنسا، وعن وضع المهاجرين العرب والمسلمين الذين يعيشون «مهمشين» في الأحياء الفقيرة أو «الغيتوهات»على أطراف المدن الفرنسية. والحال هذه، وجد تنظيم «داعش» في هذه الأحياء الفقيرة حاضنة حقيقية لتفريخ إرهابه، إذ حينما نشاهد تسجيلات الفيديو التابعة لــ «داعش»، فإنها غالبا ما تتضمّن تهديدات موجهة لفرنسا، ودعوة إلى انتفاضة السكان المسلمين المقيمين في هذا البلد، والذين تتجاوز أعدادهم الـ 5 ملايين نسمة، وفقاً لأحدث التقديرات. وما انفكت التنظيمات الجهادية المتشددة من «القاعدة» إلى «داعش» تحاول استقطاب الكثير من الشباب المسلمين المهمّشين، الذين باتوا يشكّلون احتياطيًا جهاديًا محتملاً لن يتأخر في الانضمام إلى معسكرالتنظيمات الجهادية. وتأتي هجمات 11 سبتمبر الفرنسية الأخيرة، وهي عملية استعراضية ومشهدية بمنزلة «إغواء» هؤلاء المسلمين، من خلال فرض أنفسهم كفاعل قادر على توجيه ضربة مثيرة للإعجاب، في ظل الفشل الذريع التي منيت به أجهزة الاستخبارات الفرنسية. الشباب الغاضب الذي خرج إلى ما كان يعتقد أنه «الجهاد في العراق وسوريا» منذ سنوات عديدة، فعل ذلك عن إحساس بالظلم وعن ضجر لأنه كان ضحية تلاعبات سياسية استمرت سنوات طويلة.. وتتراوح أعمار هؤلاء الشباب بين الخامسة عشرة والثلاثين من العمر، كلهم من مواليد فرنسا ويحملون الجنسية الفرنسية بموجب ذلك. ومع ذلك يعيشون وضعا مختلفا وغير سوي في آن واحد.. أكثر من 66% من هؤلاء الشباب يعيشون بلا وظائف مستقرة، ويعيشون ثقافة مختلفة بحكم عائلاتهم المنحدرة من دول مغاربية مسلمة أو أفريقية مختلفة. يعيشون ثقافة مزدوجة بين ثقافة الأهل والوطن الأم والثقافة الفرنسية بكل ما فيها من تباين بين الشخصية والمجتمع. إضافة إلى كل هذا يتواجد الشباب في أحياء منغلقة على الآخرين، حيث لا توجد فيها إلا مشاكل سرعان ما صارت مشاكل عنف ومخدرات وانقسامات خطيرة على الصعيد الفردي والاجتماعي ككل. هؤلاء عجزوا في أن يكونوا مغاربة تماما أو أفارقة تماما أو أن يكونوا فرنسيين حقيقة. صاروا يعيشون وضعا مأساويا يبحثون من خلاله عن هويتهم، ومن تداعيات الهجمات الإرهابية الأخيرة التي تعرضت لها العاصمة الفرنسية باريس، وقوع أكثر من32 حادثة مناهضة للمسلمين خلال الأسبوع الماضي.. وذكر المرصد الوطني لمناهضة الخوف من الإسلام وهو مؤسسة تربطها صلات بالمجلس الإسلامي الفرنسي أنه سجل 178 حادثة مناهضة للمسلمين في يناير 2015 بعد هجوم إسلاميين متشددين على صحيفة شارلي إبيدو ومتجر للأطعمة اليهودية في نفس الشهر. ويصل عدد أفراد الأقلية المسلمة في فرنسا إلى خمسة ملايين مسلم، وهي أكبر أقلية مسلمة في أوروبا وتمثل نحو ثمانية في المئة من السكان. ويتوقع المراقبون المزيد من الحوادث في الأسابيع المقبلة لأن هجمات الأسبوع الفائت شجعت «جماعات قومية متطرفة واليمين المتطرف وعنصريين» على استهداف المسلمين.. فهم يستغلون هذه الأجواء للهجوم على المسلمين، الذين أصبحوا «العدو في الداخل».. فظهرت رسوم غرافيتي مناهضة للمسلمين في أنحاء كثيرة. ففي بلدة إيفري بشمال فرنسا كتبت على مبنى البلدية ومبان أخرى عبارات مثل «الموت للمسلمين» و«حقيبة سفر أو كفن» في تهديد يشير إلى أن المحتجين يرغبون في أن يترك المسلمون البلدة.. وأفادت تقارير بأن صلبانا معقوفة رسمت على حوائط المساجد من الخارج في منطقة باريس وفي منطقة بونتارلييه قرب الحدود مع سويسرا. وامتلأت وسائل التواصل الاجتماعي بالتعليقات العنصرية والمناهضة للمسلمين بعد أن انتشرت أنباء الهجمات.. وأدت حالة الطوارئ التي فرضت في فرنسا بعد هجمات باريس أدت تزايد الشكاوى من وحشية الشرطة التي دهم أفرادها منازل لتفتيشها ووضع أشخاص تحت الإقامة الجبرية.