14 سبتمبر 2025
تسجيلgoogletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); مع مطلع العام 2015 ومنذ حادثة شارلي إيبدو انتقد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مشاركة نتنياهو في المسيرة التضامنية التي نظمت في باريس بعد حادث شارلي إيبدو وتساءل أردوغان بأي وجه ذهب نتنياهو إلى هناك، بل بأي عين ينظر العالم إلى شخص يمارس إرهاب الدولة ويأتي ولم تجف دماء 2500 شخص قتلهم في غزة في 2014 ثم يأتي ويلوح للناس بيديه بكل بجاحة. وفي الحقيقة فإن هذا الموقف يحترم من الرئيس التركي الذي لم يتعامل بازدواجية، بل أكد علو الموقف الأخلاقي. مثلت نظرة تركيا هنا نظرة استهجان لمشاركة نتنياهو ونظرة استهجان للرأي العام العالمي الذي يتعامل بازدواجية في قضايا (الإرهاب)، ومنذ مطلع العام مرت عشرة شهور ليقوم تنظيم الدولة بتفجير أنقرة الذي أودى بحياة أكثر من 100 شخص ولكن الأتراك لم يشاهدوا من الغرب ردة فعل منددة مثلما هو الحال مع باريس ولم يحضر الرؤساء للتضامن وكذلك الحال على مقربة منهم في سوريا، الأسد مستمر في قذف الأبرياء بالبراميل المتفجرة ووصل عدد الضحايا إلى 300 ألف شخص، بل واستخدم السلاح الكيماوي ولكن لا يوجد أي اهتمام. على أية حال، لقد وقعت كلمات أردوغان قوية على الأوروبيين في انتقاده لهم في استقبال نتنياهو وتعاملهم الازدواجي مع الأحداث ولم يتكلم منهم أحد، فما كان من وزير خارجية نتنياهو السابق ليبرمان إلا أن أشهر سلاحه المهترئ، ألا وهو معاداة السامية واتهم أردوغان بأنه بلطجي معاد للسامية وأن أوروبا جبانة، لأنها لم ترد عليه. واستمرت إسرائيل في حملة تشويه عبر أذرعها الإعلامية في العالم لتشويه بعض الدول، وتحديدا تركيا وقطر، وقالت إنهما تساعدان تنظيم الدولة وذلك لأن الدولتين وقفتا ضد الإجرام الإسرائيلي في فلسطين وما زالتا. ومع حدوث التفجيرات الأخيرة في باريس لم تتمهل الأوساط الإسرائيلية كثيرا حتى بدأت بشن حملة على تركيا من خلال اتهامها بأنها مسؤولة عن الهجمات في فرنسا وذلك من خلال اتهامها بالعمل على إغراق أوروبا باللاجئين، من أجل تفجير مشاكل ثقافية وأمنية واجتماعية. وقد كان الإسرائيليون يمنون النفس بمزيد من التراجع لحزب العدالة والتنمية حتى يستطيعوا العمل على إعادة العلاقات والاستفادة من الكثير من المزايا الإستراتيجية لتركيا التي فقدوها في السنوات الأخيرة وأيضا تلك التي يسعون لتنفيذها في المستقبل مثل مشاريع التنقيب المشترك عن الغاز أو توريد الغاز لأوروبا عبر تركيا وقد حاولوا العمل على ذلك بعد نتائج انتخابات يونيو الماضي التي لم يستطع فيها حزب العدالة والتنمية تشكيل الحكومة بمفرده، ولكن التقدم الكبير الذي حققه حزب العدالة والتنمية في انتخابات الأول من نوفمبر التي أهلته لتشكيل الحكومة بمفرده جعل الموقف أكثر تأزما وجعل التوقعات بعودة العلاقات غير متفائلة، بل توقع بعض المحللين الإسرائيليين أن يصبح الأتراك أكثر تشددا من ذي قبل في التعامل مع إسرائيل. من ناحية أخرى إذا نظرنا إلى الأحداث التي حصلت في باريس من زاوية تقارن بين إسرائيل وتركيا، فإننا نجد أن الإسرائيليين يستفيدون من عدة وجوه وهي أولا الاستمرار في الربط بين المقاومة والإرهاب والعمل على الظهور، كأن إسرائيل في مربع واحد مع دول أوروبا، وكذلك الحال تشجيع هجرة اليهود من فرنسا إلى فلسطين، بينما يأتي الضغط الدولي الذي تمارسه عدة دول على فرنسا لتغيير موقفها من رحيل الأسد سلبيا على تركيا التي تنادي برحيل الأسد وتستأنس بالموقف الفرنسي الذي يعد قريبا من الموقف التركي في هذا الموضوع. من ناحية أخرى فإن تركيا كونها دولة ذات شعب مسلم، فإنها أيضا تتضرر من الحملة المشبعة بالإسلاموفوبيا والتي يشنها اليمينيون في أوروبا ويحثهم نظراؤهم اليمينيون في الكيان الإسرائيلي. في حال استمر وقوف تركيا معارضة لسياسة إسرائيل وللظلم الذي تقوم به ضد الشعب الفلسطيني، فإن إسرائيل ستستمر في التحريض على تركيا والعمل على تشويه صورتها، مستغلة أي حدث، خاصة في أوروبا للقيام بذلك ورغم وجود عدد من الملفات التي يمكن لإسرائيل أن تحرك فيها الفتن الداخلية والخارجية ضد تركيا إلا أن مهمتها ليست سهلة بسبب الموقع والدور الذي تمثله تركيا وحاجة الغرب لاستقرار تركيا من جهة وبسبب عدم رغبة إسرائيل نفسها في تضييع جهودها في مواجهة تركيا، بل العمل على الاستفادة منها بشكل إيجابي ولعل هذا الأمر هو الذي جعل رئيس الوزراء الإسرائيلي عندما سأله صحفي قبل ساعات هل تفكرون في إعادة العلاقات مع تركيا؟ فقال له إننا ندرس الأمر.