13 سبتمبر 2025

تسجيل

تزاحم الوصايات على لبنان في ذكرى الاستقلال

23 نوفمبر 2013

في 14 أكتوبر الفائت، وخلال حفل تكريم نقابة المحامين اللبنانيين لكبارها الـ 50 سنة من المهنة، قال رئيس المجلس النيابي نبيه بري إن "أبرز عيوب هذا الوطن ألا يكرم أحد من كباره إلا بعد أن يواروا الثرى". الخشية اليوم أن تطال المعادلة الوطن نفسه بعد أن طبعت شعبه بها. احتفل لبنان رسمياً بعيد استقلاله السبعين يوم الخميس الفائت 22 نوفمبر، الاحتفال كان أبعد ما يكون عن أجواء الفرح وأقرب ما يكون إلى أجواء اليأس والإحباط ومآتم السواد ترسم على وجوه شعبه الكالح. ساعات قليلة فصلت بين ذكرى الاستقلال والانفجار الذي أودى بحياة أزيد من 24 لبنانيا خلال عمليتين انتحاريتين استهدفتا السفارة الإيرانية في ضاحية بيروت الجنوبية.. لم تمض دقائق على الاستهداف حتى تجمع قيادات من أحزاب شتى تنتمي لقوى 8 آذار. ارتفعت الخطابات حدّة بضرورة ردّ الصاع صاعين، وأن اللعبة تخطّت الخطوط الحمر باستهداف السفارات، الاتهام كان واضحا.. إنها السعودية راعية الإرهاب في سوريا ولبنان والعراق وفي كل مكان على حد قول إحدى الشخصيات في مكان الانفجار.. ما هي إلا لحظات حتى غصّت مواقع التواصل الاجتماعي الفيسبوك بصورة للسفارة السعودية، منقولة من جوجل مابس ، وعليها إشارات توضيحية لموقع السفارة ، كتب تحتها "للجادين فقط"، أي لمن هو جاد حقاً في تفجير السفارة .. سفارة في مقابل سفارة .. معادلة تجري على أرض لبنان ، أبطالها ليسوا لبنانيين بكل الأحوال.. الخوف والقلق لم يكن يجتاح قلوب ساكني الضاحية فحسب ، بل تسلسل إلى قلوب أهل الشمال . أيادي الناس على قلوبهم خوفاً من تكرار تفجيرات مسجدي السلام والتقوى. هل جاء الدور علينا في طرابلس؟ يتساءل أهلها، بعد أن انتشرت بشكل لافت على الفيسبوك صورة لمجموعة من الشباب يتحلقون حول طاولة للعصائر ، يقول ناقل الصورة : إنها لمجموعة من المبتهجين بما أصاب الضاحية.. لم يذهب ليل هذا اليوم العصيب حتى تناقلت الوكالات العالمية قذائف بالقرب من مخفر سعودي على الحدود المشتركة مع العراق والكويت، ميليشيا عراقية تحمل اسم "جيش المختار" تتبنى العملية تحذيرا للسعودية من اللعب، يقول زعيم الميليشيا. التهديدات للسعودية يبدو أنها لم تبق حبيسة الفيسبوك ومواقع التواصل الاجتماعي عند السعوديين، السفارة في لبنان تدعو رعاياها لمغادرة لبنان فوراً ودون تعليق. لحظات خطوط التماس المذهبي يجسدها مرجع كبير في حزب الكتائب اللبنانية بوضوح ، فالحزب صاحب دراية وخبرة في قراءة خطوط التماس حين تبدأ بالتشكل، ليس الأمر فراسة طبعاً وإنما خبرة الحرب الأهلية التي دامت عقدا ونصف العقد، يقول الكتائبيّ المخضرم: خطوط الصراع في المنطقة يرسمها المشروعان السني والشيعي ! أنا لا أدري، صراحة، إذا ما كان هناك مشروع سني في الأساس يستعد لمواجهة مشروع شيعي دخل في طور التشكل؟!. نعود إلى لبنان الجريح، "العرقنة" هي الطور الجديد الذي بدأ يدخل فيه البلد، وفقاً لما يبشرنا بها قادته، خصوصاً حين يكثرون من الإنذار والتحذير.. يومان فقط على تفجير السفارة الإيرانية يمران حتى تكتشف القوى الأمنية أن سيارة مفخخة بحوالي نصف طن من المتفجرات تتجه من البقاع إلى بيروت ، لم يعرف بعد مصدرها ومن الجهة التي تقف خلفها، على الأقل حتى اللحظة. إذن، هي "العرقنة"، بعد أن تلبنن العراق طائفياً ها هو لبنان يتعرقن أمنياً. الواقع أنه يصعب الحديث عن الاستقلال في ذكراه السبعين، فلا يوجد لبناني واحد يعتقد أن بلاده استقلت يوماً من الوصايات الخارجية عربياً وإقليميا ودولياً. يقول الرئيس سليمان في ذكرى الاستقلال: "إذا لم ننجح في تحييد أنفسنا عن التداعيات السلبية للأزمات الإقليمية لا يستقيم الاستقلال، ولا يمكن أن تقوم دولة الاستقلال إذا ما قررت الجماعات اللبنانية الاستقلال عن منطق الدولة". يتابع سليمان: "لا يجدر الحديث عن الاستقلال إذا ما عجزت الدولة عن بسط سلطتها على كافة الوطن وإذا لم تكن القوات المسلحة هي الممسكة الوحيدة للسلاح". أتساءل هنا: هل يئس الرئيس سليمان من إمكانية وقف الانزلاق نحو الهاوية، أم أنه يشعر أن لبنان لم يستقل بعد حتى يحتفل أهله بالاستقلال ؟!