14 سبتمبر 2025
تسجيلتابعنا أمس قيام كتائب القسام بتسليم سيدة وابنتها تحملان الجنسية الأمريكية وذلك بعد جهود قامت بها دولة قطر في ظل قرار حركة حماس إغلاق ملف المدنيين المحتجزين لديها، والذين قالت إنهم ضيوف لديها حيث لم يتسن للمقاتلين التحقق من هويات كافة الأسرى في صباح يوم السابع من أكتوبر الجاري، والذي أطلقت فيه المقاومة عملية طوفان الأقصى في غلاف غزة واستطاعت السيطرة على عدة مواقع عسكرية إسرائيلية وأسر من فيها. وبهذا كان إطلاق المدنيين وتسليمهم للهلال الأحمر قرارا ذاتيا أخلاقيا وليس قرارا بسبب الضغوط الأمريكية والإسرائيلية على المقاومة. ويمكننا أن نقول إن المقاومة الفلسطينية ممثلة في كتائب القسام حققت بتسليم السيدتين الأمريكيتين عدة أهداف مهمة أولا إبراز حقيقة الموقف الإنساني والأخلاقي للمقاومة الفلسطينية والذي حاول العدو الإسرائيلي وأدواته المنتشرة في كل مكان شيطنتها وتشويهها منذ اليوم الأول للمعركة، ولقي هذا الجهد للأسف صدى في السياسة والإعلام الغربي. كما أن المقاومة الفلسطينية عندما تطلق سراح أمريكيتين مدنيتين تواجدتا بالخطأ في مكان معركة تؤكد أنها ليست معنية باعتقال مدنيين ومواطنين من جنسيات أخرى، وليس لها أجندة سوى المعركة مع الاحتلال الإسرائيلي والعمل على طرده من المناطق التي احتلها. كما أن هذا الموقف من المقاومة الفلسطينية يأتي مكرسا لرواية المقاومة بعد تراجع حدة التجييش والحشد الداعم لإسرائيل في الإعلام الغربي بعد الهجمة الممنهجة التي اعتمدت على التضليل والكذب في الأيام الأولى للمعركة والتي تم بيان زيفها وكذبها ولهذا نجد حاليا أن هناك تقارير كشفت عن نتائج استطلاع في الولايات المتحدة، مفادها أن 52% من الأمريكيين يعارضون إرسال حكومة بلادهم السلاح إلى إسرائيل. كما أن هناك حالات عصيان في وزارة الخارجية الأمريكية بسبب موقف الإدارة الداعم بشكل مفتوح لإسرائيل والذي نتج عنه قتل مئات الأطفال والنساء بعد تدمير البيوت على ساكنيها واستهداف المستشفيات والمدارس والمخابز والمساجد وحتى الكنائس. لقد أرادت حركة حماس أن يكون هناك أجواء وظروف مناسبة لتسليم المدنيين حيث لم يكن من الممكن القيام بأي شيء في ظل القصف الاسرائيلي المجنون لكل شيء في قطاع غزة، ولم تفعل ذلك ابتزازا لكن تسليم المدنيين يستدعي حالة من الهدوء وفتح المعابر وهو ما وفر ولو ساعات بسيطة لالتقاط الأنفاس وتخفيف هجمة العدوان الإسرائيلي إضافة لفتح المعبر لإدخال المساعدات الطبية العاجلة بالرغم من أن عدد الشاحنات التي تم دخولها هو عدد قليل جدا ويريد من خلاله الاحتلال كسر صورة الحصار الخانق والظالم الذي يشنه على غزة. إن اختيار أول شخصيتين كسيدتين أمريكيتين يخدم حركة حماس في تقويض الرواية الأمريكية التي تعتمد عليها إدارة بايدن في شيطنة النضال الفلسطيني أمام الرأي العام الأمريكي فاختيار سيدتين وليس رجلين ثم الجنسية الأمريكية مهم في إظهار الجانب الإنساني للمقاومة الفلسطينية والذي حاولت إدارة بايدن نزعه بشكل عنجهي. على مستوى جبهة العدو كان تسليم سيدتين من ذوي الجنسية الأمريكية قد أثار ردود فعل استهجانية من قبل عائلات الأسرى الإسرائيليين الذين احتجوا على تقديم الجنسيات الأمريكية على أبنائهم واتهموا رئيس وزرائهم بنيامين نتنياهو بأنه دمية في يد بايدن وهو الأمر الذي يسبب مع الأيام ضغطا على الحكومة الإسرائيلية. أما عن الدور القطري في الوساطة لإخراج الرهينتين فقد جاء منسجما مع موقف قطر العام من القضية الفلسطينية ومع علاقاتها مع حركة حماس التي تتواجد قياداتها السياسية في الدوحة الآن كذلك ينسجم مع خبرة الدولة القطرية وأجهزتها المعنية في التعامل مع مثل هذه القضايا في أوقات سابقة وفي دول عدة. من المؤكد أن المقاومة الفلسطينية ستقوم بتسليم كافة المدنيين المتواجدين لديها والذين لم يأبه بهم الاحتلال الإسرائيلي وبهذا تؤكد المقاومة التزامها الأخلاقي والإنساني كما أنها تحقق بعض الأهداف السياسية التي تخفف من وطأة العدوان على الشعب الفلسطيني في غزة وتضرب أصل الروايات المضللة التي يتم ترويجها عن المقاومة الفلسطينية.