10 سبتمبر 2025
تسجيلفي خبر تصدر نشرات وكالات الأنباء حول العالم، ظهر رئيس النظام السوري بشار الأسد مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وقد أثارت الزيارة تساؤلات وتكهنات وقراءة ربما بعدت أو قربت من الواقع والحقائق، ولكنها جميعا تستحق التسجيل.أول هذه التساؤلات حول توقيت الزيارة، متى تمت؟ هل تمت قبل ساعات أم أيام من بث خبرها؟ وأهمية هذا التساؤل بأن الزيارة تجاوزت البروتوكول التقليدي؟ فقد كانت سرية؟ ولا يمكن أن تكون زيارة مجاملة عادية، فلا وقت لدى طرفي اللقاء للمجاملات وحسب!وكانت الزيارة غامضة المكان حتى؟ بل إن تكهنات شاعت بأنها ربما لم تتم بموسكو! فقيل لعلها تمت بسوتشي –المنتجع المفضل للرئيس بوتين على البحر الأسود، والأقرب إلى سوريا من موسكو، فالطائرة عبر إيران تستغرق رحلتها ساعتين فقط من دمشق لمنتجع سوتشي، ولكنها تستغرق أربع ساعات إلى موسكو؟وللساعات أهميتها الأمنية لنظام يعيش حالة من الهلع والخوف من أقرب المقربين منه! ولعل الواحد يتوقع أن تتم بالقاعدة الروسية العسكرية بطرطوس، ومسألة الديكورات يسهل تغييرها لتتلاءم مع الديكور التقليدي لمقر الرئاسة الروسية بموسكو، قد يكون مثل هذا السيناريو "هوليووديا" ولكن خلفية بوتين الاستخباراتية وعقلية بشار الأمنية الهلعة تجعل هذا السيناريو محتملا.ولكن لماذا موسكو وليست طهران؟ فإن كانت الزيارة الأولى للأسد خارج بلده منذ اندلاع ثورة شعبه ضده إلى موسكو للتعبير لها عن عرفانه وشكره لها لمساندتها إياه، فالأولى كانت طهران وليست موسكو، فطهران ضحت- منذ اليوم الأول للثورة السورية- بالغالي والنفيس، وبالبيادق والجنرالات، وباعت وإلى الأبد ورقتها كحامية المستضعفين ومصدرة الثورات من أجل نظام الأسد، فهل شعرت طهران بخيبة الخذلان حين التقى الأسد بوتين لتقديم الشكر والعرفان، وتجاهل تضحياتها بقمع الشعب السوري لبقاء بشار؟ أم أن العلاقة بينهما تجاوزت الشكر لاندماجهما بعدما أصبحت دمشق في الجيب الإيراني؟ أم أنها تعبير عن الضيق الأسدي من الهيمنة الإيرانية الشاملة على الوضع السوري والتي وصفها عادل الجبير- وزير الخارجية السعودي- بالاحتلال الإيراني؟ أم لأن الأسد يرى أن إيران – وعلى الرغم من كل التضحيات والمساندة له- لن تكون قادرة على إنقاذ نظامه وأن الحل والعقد لدى موسكو وليس لديها؟ المؤكد أن الاتصالات التي أجراها بوتين عقب لقائه الأسد مع الملك سلمان بن عبدالعزيز وأردوغان تركيا والسيسي بمصر وملك الأردن، لا يمكن اعتبارها اتصالات مجاملة أيضا، فاللقاء كان أبعد من المجاملات، والاتصالات ليست للتحية "والسلامات"، فبوتين لا يريد أن يغوص في وحول وحروب المنطقة إلى ما لا نهاية من أجل "عيون الأسد"، وخصوصا أن عيونه على أوكرانيا وعلى تمدد الناتو على حدوده الشرقية، وبوتين يدرك بمتابعته الدقيقة للشأن السوري أن الأسد لن يحكم سوريا بعد اليوم مهما شن من غارات السوخوي والميغ ضد الشعب السوري، ويدرك أن استمرار التورط بسوريا يستعدي عليه مشاعر دينية داخل روسيا وخارجها، وهو ما لا يرغب به مع انتشار التطرف الإسلامي بجمهوريات روسيا الاتحادية المسلمة.بعد لقاء بوتين والأسد، تمنى داود أوغلو رئيس الوزراء التركي لو أن الأسد بقي بموسكو ولم يعد إلى سوريا، فهل كانت زيارة الأسد بمثابة "عسّ" للطريق الوحيد والوجهة الوحيدة والأولى له خارج بلاده منذ اندلاع ثورة شعبه ضده؟ الجواب تحمله الأيام القادمة!!