31 أكتوبر 2025

تسجيل

هل الشر يحتاج لشيطان؟

23 أكتوبر 2014

بالأمس لمن فاته الجزء الأول من هذا الموضوع، قلنا بأن إبليس أبى واستكبر على الأمر الإلهي الذي صدر في الملأ الأعلى بالسجود لآدم عليه السلام، فاستحق أن يكون من الفاسقين، كما وصفه القرآن.. اعترض إبليس على الأمر ولم يطع جبار السماوات والأرض، ونتيجة ذلك، تم إخراجه من الجنة والملأ الأعلى، بل كذلك من رحمته، فكان بذلك أول مخلوق يخسر ويتذوق مرارة الخسارة في هذا الكون.. من تلكم اللحظة التي خرج إبليس من الجنة مطروداً، بدأت معركة الخير والشر وفصول متنوعة من الغواية والوسوسة بين عالم خفي يقوده إبليس، وعالم ظاهري يمثل ذرية آدم عليه السلام، وإلى أن يرث الله الأرض ومن عليها. نعود للعنوان أعلاه الذي جاء على شكل استفهام، للوقوف على المغزى من ورائه.. نعم، ماذا لو كان إبليس قد أطاع الأمر الإلهي كما فعلت الملائكة الكرام، وسجد لآدم ولم يتمرد ؟ هل كان ليطرده الرحمن من الملأ الأعلى ويطرده أيضاً من رحمته ؟ هل كان يمكن أن يكون إبليس رمزاً للخير كما الملائكة، يدفع نحو الخير ويقف ضد الشر؟ ولو افترضنا أنه سيرسله الله إلى الأرض مع آدم، هذا مع ذريته في عالم ظاهر بيّن، وذاك مع ذريته في عالم خفي مستتر، فإن المحتمل أن ذرية إبليس كانت لتقتدي به في الخير والصلاح ، وستنشغل في عالمها بعيداً عن الغواية والوسوسة المحرضة على الشر بأنواعه مع ذرية آدم .. تلك التساؤلات نطرحها من باب إثراء موضوع الخير والشر والصراع الأزلي بينهما، والوصول إلى العلاقات الكائنة اليوم بين البشر أنفسهم وبينهم وبين مخلوقات أخرى في عالم خفي هم الجن والشياطين أو ذرية إبليس.. فلو أن أقوى الاحتمالات في الموضوع قد وقع وهو قيام إبليس بالسجود لآدم عليه السلام ، فهل كانت علاقات البشر مع الجن طبيعية ودية مثلاً، كما هي علاقات البشر مع غيرهم من المخلوقات والجمادات؟ السؤال الأكبر والمهم أيضاً في هذا السياق : هل الشر أساساً يحتاج إلى وجود شيطان؟ هل لهذا الصراع الذي نشأ بعد رفض إبليس فكرة السجود، دوره في اتخاذ الكثيرين من بني البشر مبرراً لأفعال غير سوية، لاعتقاد أو ظن أو وهم ، بأن ما حدث لم يكن ليحدث لولا غواية الشيطان أو أشياء من هذا القبيل من التفكير والظنون؟ التساؤلات والاستفهامات كثيرة في هذا الموضوع ، وقد تؤدي إلى موضوعات كثيرة أيضاً ، من شأنها أن تثري النقاشات وربما نخرج منها بحصيلة طيبة من المفاهيم والحقائق، التي قد تساعدنا نحن بني البشر في انتهاج خطٍ أو أسلوب حياة ، يساعدنا على أن نسير في حياةٍ نفهم طبيعتها أكثر ونستوعب علاقات مفرداتها ببعض البعض أكثر فأكثر.. وهذه خلاصة الحديث.