11 سبتمبر 2025

تسجيل

رسائل نفسية

23 أكتوبر 2013

هناك الكثير من الخطوات والمهارات التي يستطيع الإنسان أن يحقق من خلالها طمأنينة النفس ومنها التوازن بين تلبية رغباته وضبط سلوكه وتزكية النفس بالقيم الروحية وصقلها بالمهارات النفسية وإشباع حاجاتها الجسدية ضمن الضوابط المقبولة والانسجام والتناغم بين عمليات الفكر والتفكير والمشاعر ومعالجة حالات التوتر والقلق والحزن بالتأمل والاسترخاء. إن انشغال الفرد بالعالم الخارجي للحد المرضي يؤثر سلباً على توازنه الفكري والنفسي بل وحتى الروحي، وقد أشارت الملاحظات العيادية والنفسية أن انشغال الفرد بما قيل ويقال واعتبار النقد السلبي هو الوظيفة الأساسية لذلك الشخص تقلل من حجم أهميته أمام نفسه بل وتقلل من حجم إنتاجيته الشخصية. إن الشعور بالأمان الداخلي هو مفتاح الشعور بالطمأنينة الداخلية وهو مهارة القليل من يتقنها، والحقيقة أن أهم مهارة على الإنسان إتقانها لشعوره بالأمان هو تدريب نفسه على الموازنة بين زوايا الحياة المختلفة والمتنوعة والمكملة لبعضها، على أن لا يطغي جانب على جانب في حياته، ذلك لأن طغيان جوانب دون الأخرى يخلق في ذات الإنسان شعورا مستمراُ بالقلق والتوتر غير الصحي والذي يفقده الاستمتاع حتى بالجانب الذي يبالغ في الاهتمام به. إن قيمة الإنسان عند نفسه تبدأ من تحديد موقعه الفعلي والحقيقي في الحياة، بالإضافة إلى التحديد الموضوعي والذي من خلاله يستطيع الفرد أن يقيم نقاط قوته ونقاط ضعفه، فينشغل بالتطوير والتحسين عن نواقص الآخرين.  لقد تحدثت نظريات علم النفس في الكثير من أطروحتها عما يسمى بــ الإسقاط كحيلة دفاعية من خلالها يقاوم الفرد مصادر القلق وإنزالها على الآخرين بغية تشتيت الألم الذاتي وإلصاق النقص والضعف بأطراف أخرى خارجية، والشخص خلال هذه الحالة لا يعالج القلق وإنما يزيحه لمستويات لا شعورية وما يلبث أن يعود في صور ومواقف مختلفة. إن تحقيق الأمان الداخلي يعني اقتلاع الألم من جذوره الأساسية وعلاجه لتتضح الذات الحقيقة للفرد ويتمكن بعد ذلك من التقارب مع نفسه ومن ثم التصالح معها ومصادقتها، إن أكبر إشكالية يعانيها الفرد هي أن يعيش غير نفسه حتى وإن تقمص مع صفات وسمات يحبها ويتمناها، فهو في الغالب سيشعر بغربة نفسية مع ذاته المستعارة، والممارسة الحقيقة للإيجابيات بما فيها السمات يعتمد أولا على الاقتناع بها معرفياً ومن ثم تطبيقا سلوكياً. إن ما يجعل الفرد استثنائيا في حياته هو إدراكه الإيجابي لمعنى الحياة، واستخلاص حكم الحياة من التجارب الشخصية، وبالرغم أن التجارب ليست جميعها ناجحة أو محببة للفرد إلا أن تحويلها لمصادر معلومات ومهارات للحياة يجعلها إيجابية في معناها. النضج المميز يحققه الفرد ليس بعدد سنوات عمره أو عدد تجاربه، وإنما بحجم أصالة ردود أفعاله وتقييمه وتقديره للعواقب، ذلك النضج الذي يجعل الفرد بمثابة المستشار الأول لحياته من خلال درايته المتعقلة بهويته الخاصة وظروفه المحيطة. جميعاً يدرك أن الحياة هي رحلة وفرصة ومحطة وتجارب ودروس، والقليل من يوظف ذلك الإدراك لاستثمار تلك المعاني للرقي بحياته بل وحياة الآخرين. إن تكوين التوجهات الرائعة في الحياة يبدأ من إزالة المعتقدات السلبية والتي تتنافر مع الاتجاهات الإيجابية. وإن إزالة المعتقد السلبي تأتي من تعديل العادات الشخصية والتي يعتنقها الفرد تحت وطأة الألم والإحباط والحسرة، إذا فالبناء النفسي الجيد هو سلسة متواصلة من التحسين والتعديل والمحاولة والتجربة، هذه المرونة التي تعلو وتسمو بالكثير من الفعالية والأمل والقليل من القلق.