15 سبتمبر 2025
تسجيلاطلت علينا جريدة الشرق القطرية في عددها رقم 8883، الخميس 11 أكتوبر 2012 بتحقيق صحفي دارت محاوره حول جدوى الاختلاط في جامعة قطر، وما يصاحبه من إيجابيات وسلبيات، ورضا وعدم رضا أفراد الفئة المستهدفة بالتحقيق. وجاءت النتيجة طبيعية، ومنسجمة مع طبيعة المجتمع القطري، وثقافته العربية الأصيلة، والمتمسك بعاداته وتقاليده وثوابته وقيمه الأخلاقية، ومتوافقة مع توقعاتنا كآباء وأولياء أمور وأعضاء هيئة تدريس مواطنين حيث بلغت نسبة رفض الفكرة من أساسها 75 % مقابل تأييد بنسبة قدرها 25 % من عينة التحقيق. وهذه نتيجة كما وردت الإشارة طبيعية ومفرحة وتصب في الخانة الصحيحة الكفيلة بقطع الطريق على العابثين بقيم المجتمع وثوابته، وتحديه بشكل أو بآخر، ومحاولة فرض واقع مزيف غير طبيعي، وغير متوافق مع هذه القيم والثوابت الأصيلة، ومنافٍ لعادات المجتمع القطري، وتقاليده وأعرافه. لذا، وتعقيباً على هذا الأمر، فلا يسعنا في البداية إلا مباركة نتيجة التحقيق الصحفي المشار إليه، ودعمها وتأييدها لما تعكسه من مواقف مشرفة لأبناء هذا الوطن وبناته. وعليه، وجبت الإشارة إلى ضرورة تهنئة آباء وأولياء أمور الطلبة الرافضين لفكرة الاختلاط من أساسها، والمدافعين عن مبادئهم وقيمهم الأخلاقية على حسن تربيتهم لأبنائهم وبناتهم، وتنشئتهم على المثل العليا، والمبادئ المجتمعية السمحة المستمدة من ديننا الإسلامي الحنيف. وبالنظر إلى هذه النتيجة، والتمعن في نسبة الــ 25 % الأخرى من عينة التحقيق الصحفي المشار إليه، والمؤيدة لفكرة الاختلاط، ووفقا لما ورد بالجريدة تلميحاً وتصريحاً، فإن هذه النسبة ربما تمثل الطلبة غير القطريين الذين شملهم التحقيق، والذين أبدوا رأيهم، وأيدوا فكرة الاختلاط لما فيه من وجهة نظرهم من فائدة للتحصيل الدراسي لكلا الطرفين لما يهيئه من جو تنافسي بين الطلاب والطالبات، ناسين أو متناسين طبيعة المجتمع القطري المحافظة، ومتجاهلين عاداته وتقاليده التي لا تسمح بأي حال من الأحوال بمثل هذه التقليعات والممارسات غير المعتادة على الإطلاق.. لذا، فلن يسمح المجتمع القطري بكل فئاته وشرائحه، وخصوصا أولياء أمور الطالبات بالاختلاط في قاعات الدراسة في جامعتهم الوطنية. أما فيما يتعلق بسر تأييد هذه الفئة من الطلبة لهذا التوجه، فلم يأت من فراغ، بل كان انعكاساً لخلفياتهم الثقافية وعاداتهم وتقاليدهم المجتمعية التي عاشوا وترعرعوا عليها في مجتمعاتهم الأصلية حيث ألفوا ذلك وتآلفوا وتكيفوا معه في أوطانهم الأصلية، ولا يجدون أي حرج في ذلك، ولا خطأ ولاعيب على الإطلاق. أما في قطر، ومن وجهة نظر محافظة، فهو خطأ وعيب، وغير مقبول، ومنافٍ للأعراف والقيم والعادات والتقاليد المجتمعية، ويُشكل الكثير من الحرج للجامعة من جهة، ولأبنائها وبناتها ومجتمعها العربي الإسلامي الأصيل من جهة أخرى، ويُحدث فرقة وعدم توافق بين الجامعة ومجتمعها المحلي، فلكل مجتمع طبيعته وخصائصه وخصوصياته، وثقافته الخاصة، فما يصلح هناك قد لا يصلح هنا، وما يُقبل هناك قد لا يُقبل هنا، وما يصح هناك قد لا يصح هنا، وهكذا فالاختلافات المجتمعية، والثقافات المختلفة تحدد خصوصيات المجتمعات وتحكمها. وبناء عليه، يُنصح في مثل هذه الأمور، وفي هذا الشأن بالذات لخصوصيته بأن يقتصر الأمر على أبناء المجتمع المعني، ولا يتعداه إلى ابناء المجتمعات الأخرى، الذين وجدوا في هذا المجتمع، ولم يتعايشوا ويتشربوا من قيمه ويتطبعوا بطبائع أهله وأفراده. وبقدر استحساننا لهذه النتيجة، وإشادتنا برفض فكرة الاختلاط رفضاً باتاً من قبل غالبية أفراد العينة المستهدفة بالتحقيق، أو بالأحرى من قبل كل أفراد العينة القطريين، نتساءل عن مغزى إثارة هذه الفكرة بين الفينة والأخرى، وخلق توجه نحوها عند القائمين على إدارة الجامعة، وكأن هناك نية فعلا لتطبيقها على أرض الواقع. فقد أثير الموضوع من قبل، وخلق جواً من التوتر والاستياء والغضب الشعبي، مما دفع الجامعة إلى احتواء الأزمة، وتلطيف الأجواء، وامتصاص الغضب، وتهدئة الخواطر برد لطيف مرضٍ في ذلك الوقت. فقد ردت إدارة الجامعة على هذه الإشاعات بعبارة صريحة واضحة لا لبس فيها، وعلى لسان رئيستها شخصيا تفيد بعدم وجود النية للاختلاط بجامعة قطر، ونُشرت في الصحف المحلية ووسائل الإعلام الأخرى، فلماذا يثار الآن؟ ولمصلحة من يثار هذا الموضوع؟ فهل اشتم المغردون في وسائل الاتصال الاجتماعي تويتر، والصحفيون المحليون كما ورد في الجريدة (الشرق، الخميس 11 أكتوبر 2012)، أية رائحة لهذا التوجه في الوقت الحاضر؟ وإذا كانت هناك رائحة قد فاحت لهذا الموضوع، فما مصدرها؟ أم هي بالون اختبار يفجر بين فترة وأخرى لجس نبض المجتمع الجامعي وإدارته؟ ولماذا العبث بالعلاقة بين الجامعة ومجتمعها المحيط بها؟ ولماذا تُكرس المحاولات الواحدة تلو الأخرى لدق أسفين بين الجامعة والمجتمع من خلال العبث بقيم المجتمع ومبادئه وعاداته وتقاليده، والتدخل في خصوصياته؟ ولماذا الآن!! وبعد أن التأمت الجراح الغائرة بين الجامعة والمجتمع القطري، ودحض أسباب القطيعة والتوتر وسوء الفهم، وعودة المياه إلى مجاريها بين الجامعة ومجتمعها وأهلها وناسها وأبنائها وبناتها التي ظهرت آثارها جلية واضحة مع بداية العام الجامعي الحالي (2012 — 2013) من خلال الاقبال الكبير على الجامعة من قبل الطلاب والطالبات، وازدحام قاعات الدراسة بالطلبة؟ ألا تكفي سنوات من القطيعة والغربة بين الجامعة والمجتمع القطري؟ وهل الجامعة على علم بهذا التحقيق، وما يتبعه من آثار سلبية على أبناء الجامعة وبناتها، وأولياء أمورهم؟ وما سر صمت الجامعة تجاه هذا الموضوع الكفيل بخلق جو من التوتر في العلاقة بين الجامعة ومحيطها القطري؟ وتساؤلات كثيرة ليست الجامعة في منأى عنها، بل عليها كسر حاجز الصمت الذي يغلفها بردٍ قوي حاسم بهذا الشأن، وعدم السماح بإثارته مرة أخرى، ان لم تكن هناك نية أو توجه يخدم هذا الأمر.. والله من وراء القصد.