10 سبتمبر 2025
تسجيلعندما تأتي على هذا الموقف، وتحط رحالك عليه، وتقول كيف كان رجال ذلك الزمان؟ وكيف كان عمّالهم؟ وكيف كانوا ينظرون إلى المسؤولية؟ سترى العجب من صنائع مواقفهم وما يُقدمون عليه من إجراءات تصحيحية، والعاقل من علم فعمل، وذُكّر فتذكر فعلم أن المسؤولية تكليف وليست تشريفا ووجاهة ومكانة. وما هذا الموقف إلاّ دليل على ما يحمله رجال المواقف من أخلاق وقيم ومبادئ وثوابت لا يتنازلون عنها. وإليك أيها القارئ الكريم هذا الموقف، قال مُعَيْقِيْب بن أبي فاطمة رضي الله عنه- وكان على بيت مال المسلمين في خلافة الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه "أرسل إِليَّ أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه وقت الظَّهيرة، فإِذا هو في بيتٍ يطالب ابنه عاصماً. فقال لي: أتدري ما صنع هذا؟ إِنَّه انطلق إِلى العراق، فأخبرهم: أنَّه ابن أمير المؤمنين، فأعطوه آنيةً، وفضَّةً، ومتاعاً، وسيفاً محلَّى. فقال عاصم: ما فعلت! إِنَّما قدمت على أناسٍ من قومي، فأعطوني هذا. فقال عمر: خذه يا مُعَيْقِيْب، فاجعله في بيت المال". كم في هذا المشهد من مشاهد وصور حية لحاضرنا وقادم أيامنا؟ وكم فيه من عبر ودروس وإرشاد؟ وكم فيه من بناء ويقظة وحس وفقه لمعالم المسؤولية؟ وكم فيه من قيم أخلاقية يحملها المسؤول ومن معه؟ وإذا أردت ان ترى هذا المشهد من كل الزوايا فستدهشك زواياه!. ولا تأتي هذه المواقف واضحة جلية ومؤثرة في واقع الناس إلاّ بهذا المشهد في واقع صُنَّاع الحياة، أما الشعارات والكلمات من هنا وهناك لن يكون لها أثر في واقع الناس إذا لم ترَ أنها تمارس في حركة المسؤول ومن معه ممارسة حية يشعر بها الجميع. ومن عجيب ما ترى وتسمع (بتصرف)"ومن أقبح الصور والمشاهد وأشدها مرارة وألماً أن ترى مسؤولاً في مؤسسة يُحابي ولده وأقاربه ومعارفه ومن يجالسونه في مجلسه مساءً، فيمنحهم ما لا يستحقونه، ويقدّمهم على الغير، ويسوّغ لنفسه حقوقاً وصلاحيات ليست له، أو ليس أولى بها من غيره" أو ليس هذا كله فوضى!. و "إن زماناً يُحابي في الحقوق العامة على الأحساب والأنساب والمعارف، لهو زمان شؤم" وفساد وضياع للحقوق، إنها لتبعات!. "ومضة" قال عمر "خذه يا مُعَيْقِيْب، فاجعله في بيت المال"-رضي الله عنهما-.