27 أكتوبر 2025
تسجيلكنا ندرس عن تلوّث الهواء، وعن التلوّث في البحار والأنهار، أما اليوم فأصبحنا مع تلوّث ليس بجديد ولكنه قديم، ولكنه يتجدد ويتمدد بأساليبه وطرقه ومنافذه ومحركاته، فهناك الفساد المالي المصرفي، والفساد الأخلاقي، والفساد الترفيهي، والفساد السياحي، والفساد الاستثماري، والفساد الرياضي، والفساد التجاري في البيع والشراء، والفساد السياسي، والفساد الإداري، والفساد في التعليم، والفساد القضائي، والفساد الإعلامي، والفساد على منصات التواصل الاجتماعي، والفساد في الضمير، والفساد في المعاملات، والفساد في إشعال الحروب وتمزيق الدول وتشتيت الشعوب الآمنة والمستقرة وتهجيرهم، والفساد الصحي، والفساد في المناقصات والعقود، والفساد في البناء، ومن الفساد التستر على أهل الفساد، ومن الفساد الاعتداء على المال العام، كل هذا وغيره، نسمع به ونشاهده على مساحات الأرض بمختلف درجاته وممكناته، وللأسف أصبح له حصانة ومحميات، تصونه وتدافع عنه وترعاه، وتجادل عنه، وكما قال الجاحظ رحمه الله "فإن الفساد أشد التحاماً بالطبائع". وهذا التلوّث يؤثر بشكل كبير على أفراد المجتمع، وعلى الدول ومحيطها الإقليمي والدولي، وعلى كل تنمية ونهضة، ما لم يُحد من انتشاره، والتصدي لإيقافه، إنه كالسرطان إذا أُهمل وترك؛ هدَّ الجسم هدّا، وهو كذلك يهدَّ المجتمع ويمزقه ويسقط من هيبته، ويستنزف الكثير من ثروات واقتصاد الدول، وليس له حدود. ومن الفساد الواضح والعلني أن تُعطي أرضاً ليست بأرضك، وأن تأتي بأجناس مشردين وتستبدلهم بأصحاب الأرض، ثم تبني بؤرا استيطانية لهم، أليس هذا هو الفساد بعينه!. وتجد من يُدافع عن هذا الفساد بكل وقاحة وصلف، وصدق الله تعالى (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ، وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ، وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ). فهذه الآية الكريمة تدعونا وتطلب منا أن نتأمل ونقف وقفة صائبة وصادقة وقوية بحزم وعزم ضد كل فساد. وأحسن عباس محمود العقاد رحمه الله إذ قال "الأمة التي تحسن أن تجهر بالحق وتجترئ على الباطل تمتنع فيها أسباب الفساد". حفظ الله الإنسان من ملوّثات الفساد. ◄ ومضة القوة والأمانة جعلتا أمير المؤمنين الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه يردد مرارًا "اللهم أشكو إليك قوة الخائن وضعف الأمين" فتأمل أيها القارئ"!. [email protected]