30 أكتوبر 2025

تسجيل

أمام صمود الأبطال في سوريا.. ماذا سيفعل الروس وشركاؤهم؟!

23 سبتمبر 2015

بعد السيل الجرار من المقالات التحليلية التي تناولت المشهد السوري بمختلف أبعاده ورؤاه المتعددة والمعقدة، وبعد بحور الأحاديث الإذاعية والفضائية المتلفزة حول هذا الموضوع ومن شخصيات مشهود لها بالعلم والتجربة والخبرة والدراسة والتمكن أصبح الكثيرون في العالم يذهبون إلى أنه من غير المعقول ولا المقبول ولا المنطقي بحال من الأحوال أن يستمر هذا اللانظام السوري في وحشيته الاستثنائية ضد الشعب على هذا النحو. فلا تزال كل يوم تدمي القلوب المشاهد التي تدق قلوبنا قبل أنظارنا والتي تتركز - وبشكل سافر- على الأسواق والمدارس والمشافي وأماكن تجمع المدنيين - كما حدث - يوم الإثنين الماضي في قصف حي الشعار الكبير في حلب بصاروخ على السوق الذي يشغله الناس وفي ساعة الذروة- مما أوقع 32 شهيدا وعشرات الجرحى وما يحدث في الغوطة الشرقية خصوصا ودرعا لا يزال مؤذيا جدا خصوصا للأطفال الذين قضوا هناك كما قضى من كان قبلهم منذ خمس سنوات تقريبا. ولذلك وجدنا الكلام - الذي أصبح للاستهلاك ليس إلا – من محققة أممية تقول: إن العدالة ستلاحق بشار الأسد حتى لو بقي في السلطة. ومن أخرى تقول: إن الأسد سوف يلاقي المصير نفسه الذي حل بـ"ميلوسوفيتش". وثالثة تصرح أنه على أوروبا العمل لإنشاء محكمة دولية خاصة بالجرائم في سوريا. إن كل هذا - إضافة لما صرح ولا يزال به الرئيس الأمريكي باراك أوباما من أن الأسد فقد شرعيته ويجب أن يرحل وهو ما تلقفه وزير خارجيته عنه ومئات التأكيدات اللفظية خصوصا ممن يسمون أنفسهم أصدقاء سوريا أي الشعب السوري – كلها باتت لا تسمن ولا تغني من جوع، وبات التحليل الذي يركن إليه الكثيرون ونحن منهم. أنه من المستحيل - لو كان الأمر طبيعيا – أن يمر المشهد هكذا ولقرابة خمس سنوات من الموت والدمار لولا أن ثمة مؤامرة كبيرة دبرت منذ نشوب الثورة السورية ونحن نرى أن زعيمتها إسرائيل الصهيونية التي لها ألف وجه ووجه في التعاطي مع أحداث سوريا وأن من مصلحتها أن يستمر القتل والسجن والتشريد والتهجير إلى ما لا نهاية حتى تتحقق أهدافها المرسومة والتي تعرفها أمريكا وروسيا وإيران بحذافيرها ولذلك فإنهم يعملون على تنفيذها دون أي حساب للوم أخلاقي أو قيمي وهم متفقون تماما مع مجلس الأمن والأمم المتحدة على إخراج هذه المسرحية بهذا الشكل دون تحفظ لأنه إذا انهارت جبهات مصر وسورية والعراق فستبقى الصهيونية طليقة ليس في فلسطين فحسب بل في العالم جميعه كأفعى يجري سمها في كل مكان ولا تنس معي كيف زار وزير الدفاع الصهيوني العام الماضي أوباما مرتين وثناه عن تزويد المعارضة السورية بأي شكل من السلاح النوعي ضد الأسد وشبيحته والداعمين له من المليشيات الشيعية من كل أطراف الدنيا -وهذا إن كان صحيحا - وقد تأكدت هذه المناظر المقززة أكثر وأكثر بعد الاتفاق النووي مع إيران. ونحن نسأل – في هذا الغضون – لو كانت هذه الحرب تدور في إسرائيل ويتضرر بها حتى لو كان القليل من الصهاينة – هل تستمر إلا أقل القليل من الوقت؟ ومهما كانت الأسباب الجيوسياسية والعقبات والعقد المتشابكة! لكن الحقيقة أنه ليس هناك أي تفاهم دولي – وهذا بإرادتهم وعن سابق إصرار – لأي حل في البلاد طالما أن أكثر ضحاياهم من العرب والمسلمين السنة ونذكر هنا بقول الله تعالى (وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ......) البقرة: 120. ولماذا يهرع هذه الأيام "نتنياهو" نفسه وهو رئيس وزراء الصهاينة للسفر إلى روسيا لمقابلة "بوتين" ويتحدث فيما رشح من أخبار عن تجنب أي مواجهة عسكرية مع روسيا في سوريا وعن أمور أخرى سرية هي المقصودة وهي التي تنبئ بأن هذا الثلاثي إسرائيل وروسيا وأمريكا هي الجهات المرابطة تماما وراء هذا التدخل وأن إيران تجري في خدمة هؤلاء الأسياد ليس إلا. وأنها إذ لم تحرز أي تقدم ملموس ضد الثورة بل كان العكس هو الصحيح. كان لابد لروسيا أن تتدخل كمحتل اعتاد الاحتلال قديما - كما هو معروف - وحديثا عندما قضم بعض "جورجيا" وجزيرة "القرم" وأحدث المشكلة "الأوكرانية". وهي الآن بعد العزلة شبه الدولية ضدها كان لابد من التآمر المسبق مع الصهاينة وإيران وأمريكا لتنفيذ هذه المهمة ليعود لها ذكرها في حلبة الصراع السياسي والعسكري وطبخت المسرحية التي لم يغب عن معرفتها حتى الطفل الصغير إذ تراجعت أمريكا ظاهريا – بينما هو الموقف الحقيقي لها – تجاه السفاح الأسد الذي أعطوه الضوء الأخضر منذ بداية الأحداث أن يحقق لهم ما يصبون إليه وهم بدورهم يحققون له تمنياته بالسلطة وأنه كأداة وصنيعة لابد أن يبذل كل الجهود المطلوبة. لذلك تراه يرمي ويقصف ويفعل ما بداله دون حسيب أو رقيب وكأنه الآمر الناهي والكل يدعي أنه متشبث بالحكم. وماذا علينا أن نفعل!. وروسيا التي أوفدت منذ مطلع الثورة سفيرها في لبنان إلى حسن نصر الله وتحادثوا في المبادئ والمآلات تجد نفسها الآن وبعد انهزام شريكها وحليفها وحليف الغرب لابد أن تتدخل لإنقاذه ففي إنقاذه إنقاذ لإسرائيل التي تصر عليه والتي قال" بوتين" أثناء زيارته الأخيرة لها: إن علاقتنا مع اليهود علاقات لن يستطيع أحد أن يقطعها"! ولكن أسود سوريا قد بدأوا التحضير وأهدوا بوتن يوم الإثنين الماضي بداية قصف السفارة الروسية في دمشق بقذائف الهاون إضافة إلى قتل جنديين روسيين في الساحل. وإن بوتن لن يستطيع – حتى على المدى البعيد – من أجل إنقاذ الأسد أن يحقق ما يصبو إليه وسوف يقول _ إن شاء الله _ كما قال "جورباتشوف" في هزيمة الروس في أفغانستان:-"إن تدخلنا في أفغانستان لم يكن خطأ بل كان خطيئة"! فعلى علماء الإسلام – خصوصا في روسيا والبلاد الإسلامية- أن يحضوا كل مسلم للوقوف ضد هذا الاحتلال الروسي المجرم البغيض فقد غدا الأمر أوضح من الشمس في رابعة النهار. وذلك قبل أن يقتل مئات الآلاف على أيدي الروس ويعيدون ذكرى مأساة حماة 1982حين قال خبراؤهم لحافظ الأسد. إذا قتل منكم واحد فاقتلوا ألفا منهم! إن العلويين أنفسهم أصبحوا يكرهون الأسد ويلقبونه دوما بالأهبل الذي دمرهم فهل تستطيع روسيا أن تنقذه لإنشاء سوريا المفيدة مهما أسست الآن من مطارات وأرسلت أسلحة نوعية هي على حد تعبير وزير الخارجية السوري "وليد المعلّم": ستقلب الطاولة! ولكن سينقلب السحر على الساحر حتى لو شاركت إسرائيل فعليا روسيا كما نقل الخبراء. وإنه من الأفضل بألف مرة لأوروبا – لو صدقت – أن توقف الحرب السورية وتحل أزمة الشعب – بدل أن يندب الأكثرون فيها حظهم من المهاجرين وسيبقى أبطالنا في سوريا يرددون: إن المتفائل يجعل الصعاب فرصا تغتنم.