20 سبتمبر 2025
تسجيلبالأمس لمن فاته الجزء الأول من هذا الحديث ، قلنا بأن أبي لهب أول من جاهر بعداوته لابن أخيه محمد صلى الله عليه وسلم ، مخالفاً اصطفاف بني هاشم مع النبي الكريم رغم أنهم كانوا على الشرك ، إلا أن عصبية الدم والعائلة جعلتهم يقفون مع ابن أخيهم في وجه قريش ، سوى الشقي أبي لهب وزوجته الشقية أم جميل ، اللذان جاهرا بالعداوة وتطرفا في الإيذاء لدرجة غير مفهومة . إن الانقلاب الهائل الذي حدث في حياة أبي لهب مع بعثة النبي الكريم عليه أفضل الصلاة والسلام ، من بعد حب شديد مميز لابن أخيه إلى عداوة أشد ، ومجاهرة بالإيذاء المادي والمعنوي ، إنما لا يمكن تفسيره سوى إصابته بداء القلوب القاتل الذي يعمي القلوب قبل الأبصار .. داء الحسد . كان أبولهب يرى أنه الأحق بهذه المنزلة التي نالها ابن أخيه بنزول الوحي عليه ، فصار الرسول المنتظر الذي سمعت بمقدمه العرب ومن قبلهم اليهود والنصارى .. فقاده الحسد إلى عمى البصيرة ، فحاد عن الحق المبين ، ودخل دائرة عتاة المجرمين ، الذين رفعوا لواء العداوة للرسول صلى الله عليه وسلم من قريش وأبرزهم أبي جهل وأمية وعقبة ابن أبي معيط والوليد بن المغيرة والنضر بن الحارث وغيرهم .. هذا الداء هو نفسه الذي أعاق أبي جهل بن هشام أن يتبع دين الاسلام ، رغم أنه عرف الحق واعترف للناس بأنه دين حق ولكنه لن يؤمن بمحمد ، ذلك أن الحسد كان قد سيطر على قلبه وزاده الكبرياء أن يتبع النبي صلى الله عليم وسلم ، فليس هو بذاك الرجل العظيم في قومه حتى يتبعه كما كانت العرب تردد يومها ، استخفافاً بالنبي الكريم :" لولا نُزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم ".. أي لو أن هذا الدين والقرآن حق ، فلم لم ينزل على أحد عظماء مكة كالوليد بن المغيرة مثلاً أو عروة بن مسعود الثقفي ، عظيم الطائف.. وهكذا عميت القلوب عند أبي جهل وأبي لهب وغيرهم . إن داء الكبر والحسد إن تمكنا من الإنسان ، فلا شك أنه هالك هالك ، ما لم يتنبه سريعاً ، فلقد هلك فرعون وقارون بسببهما ، وهلك أبولهب وأبوجهل مثلهما ، وسيهلك كل إنسان لا ينتزعهما سريعاً من نفسه قبل أن ينتزع الله روحه وهو في الآخرة من الخاسرين ..