12 سبتمبر 2025

تسجيل

أحوال الناس

23 سبتمبر 2013

أسرح كثيراً في أحوال الناس، تدهشني أنماط الناس، نهجهم، مبادؤهم، ما يحملونه بصناديق رؤسهم بين أكتافهم،أتأمل الكوكب الراكض نحو (الأنا) وبعدي الطوفان، المادي جداً لدرجة مقززة، الجاف جداً لدرجة التصحر، الفقير جداً رغم غناه وقد عانى تجريف كل ما هو إنساني، أتأمل الموانع الخرسانية الحاجبة للتعاطف بين الإنسان والإنسان لأترحم على الود البشري القديم، خاصة عندما يتصل بي قراء يفضفضون بأوجاعهم التي تنحصر كلها في الحاجة وضيق ذات اليد وتفاقم مسؤوليات الحياة التي لا قبل لهم بها، ومصاريف الأولاد التي أصبحت فوق القدرة على الاحتمال، لكن رغم الجفاف لا يعدم الكوكب من يرطب الهجير، ويواسي المهموم، ويفتح كوى الأمل للمتعبين والأمثلة كثيرة، فهذا مرضت ابنته الصغيرة وكانت محنته أنه يسكن بعيداً جداً عن مركز العلاج مما جعله يريق ماء وجهه لجيرانه ومعارفه كي يوصلوه من وإلى المستشفى لمتابعة علاج ابنته، ذات يوم دق أحدهم باب بيته ليسلمه مفتاحاً ومعه كلمتان (هذا مفتاح سيارتك الواقفة أمام الباب) وبينما أذهلت المفاجأة رقيق الحال وهو يقلب المفتاح في كفه كان صاحب الفضل النشمي يتسلل خارجاً دون أن يقول من هو، ولا أين يسكن، ولا ممن عرف بمحنة الطفلة المريضة التي تحتاج رعاية مستمرة ومواصلات يراق لها ماء الوجه خجلاً. وهذه سيدة مقيمة في الدوحة منذ عقود، كانت خير سند لجيرانها في أفراحهم وأتراحهم، دائماً كانت تركض لتشارك، وتعاون، كبرت، مرضت، أصبح مشيها وجلوسها صعباً بعد عملية في الظهر، تطلب وضعها الصحي سريراً طبياً خاصاً ذا تكلفة عالية لا تسمح أحوالها بشرائه وهي أرملة بلا دخل، ذات يوم أدخل العمال (السرير الطبي) إلى بيتها وانصرفوا، حاولت تفهم من أرسله فلم يجبها أحد، وحتى الآن وقد مرت على الواقعة سنون تقسم أنها لا تعرف من صاحب هذا الفضل وأنها لا تنقطع عن الدعاء له. وهذا مدير بالقطاع الخاص لاحظ حزن موظفه وعدم تركيزه بعد فورة نشاطه، تحرى الأمر ليعرف أن للموظف أخاً مريضاً بالسرطان يحتاج الكثير لعلاجه علاوة على مسؤوليته عن أسرة كبيرة، وتتحرك النفس الجميلة فيتعهد المدير بعلاج أخيه على نفقته الخاصة دون حسم ريال واحد من مرتب موظفه. وهذه سيدة مقيمة مطلقة ولها ظروف صعبة اتصلت بي منذ أكثر من أسبوعين وقالت إن أمامها ساعتين لكي تسدد عشرة آلاف ريال مصاريف إجراء عملية سيجريها طبيب زائر، وإذا لم تدفع رسوم المستشفى سيضيع الموعد ولن تجري العملية، اتصلت بأستاذنا عبداللطيف آل محمود المدير العام لجريدة الشرق وأبلغته بمشكلة الأخت التي لا تملك من المطلوب شيئاً فرد – جزاه الله خيراً – بخمس كلمات (خلها ترسل من يتسلم المبلغ) وأجرت العملية ولم تنقطع عن الدعاء لمن يسر عليها وساعدها وقت شدتها. هذه أمثلة لرياحين الحياة، وورود الكوكب الذين يربتون على أوجاع الناس، ويعطفون على آلامهم، ويحبون أن يزرعوا في أرض الدنيا رغم الشوك الكثير أحلى الأزهار، لا يريدون ثناء، ولا سمعة، بل تفريج كرب من يحتطبون همومهم، إنه الإحسان ويا سعد قلوب مضيئة بإحسانها. طبقات فوق الهمس * احتقرت أحدهم دودة الأرض فضحكت وقالت: تواضعوا (يابشر) ولا تتكبروا فما أنتم سوى وجبة طعامي في الغد. * تخطئ عندما تعامل الناس بنفس الأسلوب، فالحذاء والتاج كلاهما يلبس لكن أحدهما تضعه على رأسك، والآخر تدوسه بقدميك. * الذي لا يسأل عنك في ترحك ما حاجتك به في فرحك؟ * إسقاط الهيبة والإهانة لا يرضى بهما إلا ذليل. * اعط بلا مقابل لترزق بلا توقع. * في الظلام فقط نرى النجوم، كذلك الأصدقاء في حياتنا لا يظهر أصل معدنهم إلا في الشدة. * موقف واحد (صغير) ينسف عمراً من العشرة. * لا تحزن إذا لم يقدر أحدهم محبتك ووفاءك، فالبعض لا يعرف قيمة النعم إلا بعد زوالها. * نسمو جداً قدر ما نعطي لا قدر ما نأخذ. * عزة نفسك أغلى ما لديك فتشبث بها. * ستظل كبيراً عندما تسقط والمواقف الصغيرة. عزف ونزف من قاهرة المعز * علمتي صوتي جلال الرعد رفعت اسمك للملكوت ابنك وواخد منك وعد الموت يقرب مني يموت ما تسمنيش يا بلادي بطل يكفاني من كرمك اسمي حلال على غيابي حضورك حلال على ترابك اسمي