15 سبتمبر 2025

تسجيل

عبد العزيز الكحلوت

23 أغسطس 2015

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); تواترت أنباء وتسريبات عن قرب توقيع حماس اتفاق تهدئة طويل الأجل قد يمتد من خمسة إلى ثمانية أعوام مع إسرائيل مقابل إعمار قطاع غزة بالكامل والسماح ببناء ميناء بحري وفتح مطار غزة والمعابر بترتيبات دولية. واستندت الصحف ووكالات الأنباء فيما نشرته على لقاءين عقدهما خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحماس مع توني بلير مسؤول اللجنة الرباعية السابق بحسب صحيفة هافينجتون بوست وتأكيد مشعل في مقابلة له مع قناة "بي بي سي" العربية على ذلك وأنّ وسطاء من سويسرا والنرويج والأمم المتحدة مشاركون في المحادثات. واستندت كذلك على ما سرب من غزة من أن هناك وفدًا من حماس سيغادر غزة للقاهرة ومنها لدول عربية وأجنبية، ربما تشمل قطر وتركيا والسعودية وبريطانيا والنرويج، فضلا عن لقاء متوقع مع مدير المخابرات المصرية. واستندت الصحف أيضاً على تصريحات مستشار رئيس الوزراء التركي ياسين أكتاي الذي قال فيها إن إسرائيل وحماس أوشكتا على إبرام اتفاق شامل يؤدي إلى حل قضية حصار قطاع غزة وإلى فتح معابره وإلى تثبيت التهدئة المعلنة بين الجانبين وأن هذا الاتفاق المزمع توقيعه كان مثار بحث وتمحيص في اللقاء الذي جمع خالد مشعل مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في أنقرة والذي تناول كذلك احتمال إنشاء ميناء بحري في قطاع غزة وفتح خطّ بحري يربطه بأحد موانئ الشطر التركي من قبرص، حيث يتم إخضاع البضائع الواردة إلى غزة لتفتيشات أمنية مقابل وقف قصف إسرائيل بالصواريخ والتوقف عن حفر الأنفاق والالتزام بالهدنة. مصادر فلسطينية لم تنف ما قيل ولكنها قالت إن المحادثات في بداية البداية وأن الاتفاق ليس قريبا، بينما أكدت مصادر إسرائيلية أن ثمة مؤشرات على قرب توقيع الاتفاق قريبا. التسريبات التي بثتها مواقع وصحف إسرائيلية تظهر أن إسرائيل هي التي تلح في طلب تثبيت الهدنة وإبرام الاتفاق، لكن واقع الحال يقول إن الطرفين بحاجة ماسة إلى هذا الاتفاق وإن كانت حاجة إسرائيل هي الأشد، فحماس تحتاج إلى إعمار غزة ورفع الحصار الظالم الذي أحكمته كل من مصر وإسرائيل وبعض الدول العربية عليها والذي جعل منها سجنا كبيرا يعج بالفقر الذي تجاوزت نسبته 65% وبالبطالة التي بلغت من 48% إلى 55%، فغزة تعرضت خلال الأعوام 2006 و2009 والعام 2014 إلى أفظع المجازر الدموية في التاريخ البشري المعاصر، فنحو المليونين من أبنائها الذين يعيشون على مساحة ضيقة لا تتجاوز 365 كيلو مترا مربعا تعرضوا في 8 سنوات لثلاث حروب مدمرة أتت على اليابس والأخضر وفي الحرب الأخيرة في صيف 2014 الجرف الصامد سقط 2147 شهيدا، منهم 1734 مدنيا بنسبة (81%) من مجموع الشهداء و530 طفلا و302 امرأة و10870جريحا، منهم 303 3 أطفال و2101 امرأة، بينما عانى ثلث الأطفال الجرحى من إعاقة دائمة وبلغ عدد المنازل المتضررة والمدمرة نحو 100 ألف منزل يسكنها حوالي 600 ألف مواطن فلسطيني وألقى الاحتلال الإسرائيلي خلال عدوانه أكثر من 20 ألف طن من المتفجرات، أي ما يعادل ست قنابل نووية، فإذا أضفنا إلى ذلك كله أزمة الكهرباء والماء والمجاري والرواتب، وأخيرا وليس آخرا الأونروا، أدركنا مدى حاجة حماس والشعب الفلسطيني في غزة الصابرة المصابرة إلى هدنة تلتقط فيها الأنفاس وتستجمع فيها الطاقات والإمكانات دون تخل بأي حال من الأحوال عن خيار المقاومة، لذلك فإن حماس كما إسرائيل غير معنية بالتصعيد في الوقت الراهن ولكن حماس ليس لديها ما تخسره بعد أن خاضت كل هذه الحروب، فلن يكون ما هو قادم أسوأ مما كان وجاهزيتها للتصدي للعدوان كبيرة، كما أنها باتت قادرة على المبادرة والضرب في العمق الإسرائيلي. إسرائيل هي الأخرى حريصة على تثبيت هدنة طويلة مع حماس، فقد كشفت تسريبات الصحف والمواقع الإسرائيلية أن حماس تعزز من قدراتها العسكرية وأنها باتت قادرة على تهديد مدينتي عسقلان وأسدود وأن عملية مستوطنة "زيكيم" أصبحت نموذجا لها ستعمل على تطبيقه في أماكن أخرى. وتشير هذه المصادر إلى أن حماس تواصل تسليح قوات الكوماندوز البحرية بعتاد يعتبر الأكثر تطورا في العالم بغية الاستعداد للقيام بعملية إستراتيجية تمنحها صورة انتصار. وأن مقاومي حماس وغواصيها مدربون ومجهزون بوسائل حديثة جدا ولديهم دافعية وروح معنوية عالية وأنهم قد يفاجئون الجيش الإسرائيلي بعمليات نوعية وقد يفجرون محطة توليد كهرباء عسقلان التي تزود كل جنوب البلاد بالطاقة أو يستهدفون سفينة تجارية في ميناء سدود قد تتسبب في تعطيل التجارة البحرية خلال حرب محتملة وإسرائيل لم تنس أنفاق حماس ولا صواريخها بعيدة المدى التي عطل بعضها مطار بن غوريون الدولي لعدة ساعات، كما أنها باتت معنية أكثر بمواجهة داعش ومخاطر تمددها في سوريا والأردن وسيناء. وقد ذكرت صحيفة هآرتس في الأسبوع الماضي أن الاتفاق حول الميناء البحري الفلسطيني قارب على الانتهاء وأنه "تم نقاش إمكانية مرور السفن المتوجهة لغزة عن طريق قبرص التركية لتفتيشها كضمانة إسرائيلية لعدم نقل أسلحة عبر البحر لغزة وأن المحادثات حول الموضوع بين تركيا وقبرص اليونانية مستمرة. وتردد أن إسرائيل وافقت على إنشاء الميناء البحري "العائم" في قطاع غزة، ولكنها رفضت رفضًا قاطعًا إعادة إعمار المطار الفلسطيني الذي تم فتحه وتشغيله في التسعينيات قبل قصف طيران الاحتلال له وتدميره. والخلاصة، فإن حماس تفاوض بطريق مباشر، لا من موقع ضعف وإنما من موقع قوة، ولا ينفرد فيها فرد بقرار، فقد انعقد مجلس شورى الحركة ثلاث ساعات متواصلة لمناقشة هذه المبادرة ولا صحة البتة لتنازلات قد تقدمها للكيان الصهيوني أو لتعاون أمني أو أنها تفصل القطاع عن غزة وتؤخر قضايا الحل النهائي، فسلطة رام الله التي أمضت أكثر من 20 عاما في مفاوضات ماراثونية لم تجن إلا الأشواك والاستيطان وضياع الحل النهائي لأهم القضايا في متاهات التأجيل والتسويف، كما أحبط تعاونها الأمني مع المحتل الغاصب كل محاولة نبيلة لتدشين مقاومة فاعلة ومجدية في الضفة الغربية التي تتواجد على حدود ممتدة إلى مئات الكيلو مترات مع العدو الصهيوني وأصبح اهتمام السلطة بالطرب والفيفا والمونديال وتكريم الفنانين من أهم أولوياتها، بينما تلكأت سنين طوال في رفع الحصار عن غزة وزعمت غير مرة أن صواريخ حماس ليست إلا لعب أطفال لا جدوى منها وترددت في تقديم شكاوى إلى محكمة الجنايات الدولية ضد إسرائيل، بعدما ارتكبت جرائم حرب بكت من هولها السماء قبل الأرض، بل وألقت بتقرير جولدستون الذي يدين "إسرائيل" ومجرميها بجرائم حرب إلى سلة المهملات، بل وسعت لدى مصر لحثها على عدم فتح معبر رفح أمام الوفد الفلسطيني الذي يضم إلى جانب هنية عددا آخر من قيادة حركة حماس، من بينهم زياد الظاظا وفوزي برهوم. وتفيد التسريبات بأن محمود عباس تلقى تطمينات من مصر عبر سفيرها في رام الله وائل عطية، تفيد بوقوف مصر إلى جانب الشرعية الفلسطينية المتمثلة في الرئيس عباس، وعدم المشاركة في أي تفاهمات للتهدئة تعقد بين حماس وإسرائيل، فهذه مواقف السلطة من شعبها المحاصر، فهي لا ترحم ولا تريد لأحد أن يرحم. وحماس التي قدم صف قيادتها الأول أرواحهم وأبناءهم وذويهم فداء فلسطين لن تركع ولن تساوم على الأرض، فقد قال الدكتور محمود الزهار، أحد قيادييها بثبات وقوة، الخميس الماضي: "الفصائل الفلسطينية اتفقت خلال مفاوضات القاهرة الأخيرة على تهدئة مقابل رفع الحصار، وإن كان الاحتلال معنيًّا بالتهدئة أو توسيعها، يجب أن يرفع حصاره عن غزة لأنه لا شيء دون مقابل "أي أن ما جرى ليس إلا استجابة لشروط حماس التي أعلنتها منذ الأسبوع الأول للعدوان الصهيوني على غزة في صيف 2014 حين رفضت التهدئة المصرية الأولى وأوضح الزهار هذا بجلاء في تصريحات لمراسل وكالة الصحافة الفلسطينية صفا، "التهدئة قائمة مع الاحتلال وإن أراد استمرارها وتثبيتها يجب عليه أن يدفع ثمنها برفع الحصار كاملاً عن غزة". إسماعيل هنية نائب رئيس المكتب السياسي نفى بدوره الاتهامات لحركته بقبولها إقامة دولة في قطاع غزة. وقال في كلمة في غزة الإثنين 17 أغسطس الجاري: "أقول لمن يشوه مواقف حماس: نحن لن نقبل بدولة على 2% من أرض فلسطين اسمها غزة، ففلسطين كل فلسطين لنا، وبوصلتنا ثابتة نحو القدس.. وإستراتيجيتنا قائمة على تحرير كل فلسطين". حماس بإنجازها هذه الهدنة تنتصر لشعبها المرابط الصابر المصابر الذي قدم تضحيات قل نظيرها في التاريخ المعاصر وحماس بارتمائها في حضن محيطها العربي الإسلامي ــ السني، الذي تمثله السعودية وقطر وتركيا وكل الشعوب العربية المؤمنة بعدالة قضيتها تنتصر. وحماس برفعها الحصار عن جماهيرها وبصمودها وبتطويرها لقدراتها وبتمسكها بثقافة المقاومة تنتصر. وحماس بوحدة قيادتها وبتمسكها بالثوابت دائما، بعون الله ومدده، تنتصر.