16 سبتمبر 2025
تسجيلالشيخ محمد سعيد رسلان اتهم القارئ الشيخ جبريل والمصلين المؤمّنين على دعائه والقارئ الشيخ المعصراوي بأنهم خوارج، لأنهم دعوا على الظالمين والفجرة والقتلة والإعلاميين الفسدة، ما فهم أن المقصود به السيسي ونظامه وزمرة الانقلاب معه.. وقد أسس "رسلان" خطابه ورأيه على ثلاثة أسس صرح بها وفهمت من سياق خطبته، أولها أن السيسي ولي أمر صحيح.. ثانيها: أن الدعاء على ولي الأمر الصحيح، وذمه يساوي الخروج عليه بالسلاح، ثم ثالثا: أن من يخرج على ولي الأمر الصحيح، هو الخارجي المقصود في نصوص الشرع وفتاوى العلماء.. وأقول: أما اعتباره السيسي ولي أمر، فهذه لا نسلم له بها له، وهي محاولة للتدليس على العوام وتزوير تاريخي وانحراف فقهي وعقدي لا قيمة شرعية ولا منطقية له، فالسيسي لم تنعقد له بيعة صحيحة حتى مع تلك الانتخابات التي رأى الكافة تزويرها وكذبها، لأن ما قام به ابتداء ضد الرئيس مرسي باطل فكل ما انبنى عليه باطل مثله وهو عين الخيانة والغدر والخروج الذي يبيح دمه.. لأن مرسي هو ولي الأمر الصحيح باعتراف السيسي نفسه - في ألمانيا – بأن الانتخابات التي أتت بمرسي رئيسا كانت نزيهة وشفافة وصحيحة.وأما إن كان "رسلان" يعتبر الشرعية ما يأتي بعد الانتخابات من سلوك وطني ومن عدل وعدالة، فإن هذه أيضا لمرسي الذي حكم سنة فلم يقصف قلما ولم يكبت كاتبا ولم ينل مليما واحدا من رئاسته والذي دعا كل المصريين لمشاركته في الحكم، وليست للسيسي الذي يروج للإلحاد على أنه لا يتعارض مع الإيمان، ويصرح بـأنه انقلب على الرئيس الشرعي اعتراضا على حكم الإسلام، والذي يتعاون كما نرى مع الأعداء من اليهود والصليبيين ضد الأمة وضد شعبه، والذي بدأ عهده بقتل المصلين والصائمين وحرق المساجد وكبّ المصاحف في المجاري، وهو يطلق إعلامييه والمحسوبين عليه لينسفوا ثوابت الدين ويهاجموا الأئمة الأربعة وصحيحي البخاري ومسلم، ويحرض على الثورة على الدّين جهارا نهارا، إلى آخر هذه السلسلة الفجورية التي واحدة منها تكفي لإيجاب مقاومته والثورة عليه ورفضه ونبذ عهده ونزع اليد من طاعته.وأما اعتبار "رسلان" أن من دعا على السيسي وزمرة الانقلاب العلماني والكنسي معه خارجي، فهذا من الكذب والجهل في آن معا، فالخوارج "كمصطلح تاريخي وفقهي وعقدي" لا يقصد به الذين خرجوا على الإمام حتى لو كان بالسلاح وإلا لكان معاوية بن أبي سفيان أول الخوارج لخروجه على علي، ولكان الحسين بن علي خارجيا لخروجه على يزيد.. والصحيح ما قاله ابن باز رحمه الله – في أن الخوارج يكفرون أهل المعاصي لشدة غلوهم، وأنهم يرون من زنى فقد كفر، ومن شرب الخمر قد كفر، من عق والديه قد كفر، وأنهم يكفرون بالذنوب، بالتالي فالخوارج ليسوا من خرجوا سياسيا أو انتقدوا حاكما أو حتى خرجوا عليه بالسلاح ما لم يكفروه بغير مكفر أو يكفروا جملة الأمة. ثم لو أخذنا برأي "رسلان" وبفهمه لحق ولي الأمر المطلق في أن يفعل ما يفعله السيسي في أمور دين ودنيا المصريين والمنطقة.. لكان علينا أن نمحو قول الله تعالى: (وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان).وكان علينا أن نطمس من السنة قوله، صلى الله عليه وسلم: "أعظم الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر".. ولكان على الأمة أن تعتاد الخنوع والرضا بالظلم والجور، ولصدقت فينا مقولة "الدين أفيون الشعوب".. لكن الحق الذي لا مرية فيه هو أن الإسلام دين الهدى ودين الحق والعدل والعدالة والأمن والثقة وأنه لا يمكن أن يكون نصيرا للباطل والغدر والاحتلال الصهيوني، ولا يتلون مع أهواء الفسدة والفجرة والبغاة الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا، ولا يمكن أن يقر الانقلابات والمؤامرات والدماء وجعل الوطن الواحد دينين وأمتين وشعبين على حد ما قال المطرب السيساوي – علي الحجار – يخاطب الثوار والإخوان وأحرار مصر "إحنا شعب وإنتو شعب ولينا رب وليكم رب"، أو على حد ما قال تعالى عن فرعون: (وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ).وثمة سؤال أوجهه لـ"رسلان" ومن كان على شاكلته في الانحراف والتحريف.. وأراه سؤالا جوهريا: لو أن قائدا في الجيش المصري وبدعم من نفس الذين دعموا السيسي في الداخل والخارج استطاع أن ينقلب على السيسي ثم قام بقتل وتخويف أنصار السيسي كما فعل السيسي بالرئيس مرسي وأنصار الشرعية هل يصير بذلك ولي أمر شرعي؟ أم أن هذا الحكم خاص بالسيسي فقط؟.آخر القول: إن الخطاب الذي تحدث به "رسلان" في ذم الشيخ جبريل والمعصراوي والثوار والإخوان واتهامه لهم بأنهم خوارج ما هو في دين الله بشيء وليس أكثر من انحياز وولاء للانقلاب وجور وغشم واعتداء صريح على معنى ولاية الأمر ولا يمثل من دين الله تعالى ويمكن لكل مدع منافق أن يقول مثله وأن يدافع به عن باطله.