13 سبتمبر 2025

تسجيل

بعد تسعين عاما من التيه ..أما آن أن نفهم القصة؟

23 يونيو 2016

قبل تسعين سنة تقدم وزير خارجية بريطانيا من مجلس النواب في بلده بطلب اعتماد اتفاقية "لوزان" التي بموجبها انسحبت الجيوش الغربية من هضبة الأناضول التركية..فلما دخل قاعة النواب قاموا يقرقعون له بالنعال في احتجاج على الاتفاقية التي – في نظرهم- تفوت فرصة إيقاع الهزيمة المبرمة على "الإسلام" لكن الوزير انتظر قبل أن يهدأ الحاضرون ثم يقوم فيقول عشر كلمات تقلب كل شيء فينقلبون بعدها يصفقون له ثم يقرون قبولها..الوزير قال لهم " لقد قضينا على تركيا بقضائنا على أمرين اثنين: الخلافة والإسلام". ومنذ ذلك اليوم بدأ الغرب – بريطانيا يومها ثم أمريكا ومن في محورها بعد ذلك – ينشئون فئة من الناس في بلادنا يدعون بدعاية الغرب ويبثون عقيدته السياسية ويرتبطون به؛ حتى إذا اشتدت المصادمة بين شعوبنا والمستعمر الأجنبي وجاء وقت الاستقلال أبرز هذا الفريق وقدم للواجهة ثم سُلّم الاستقلال وظل مرعيا من تلك القوى؛ ومارس الإرهاب على الشعوب والاستبداد في الحكم ولكن مهمته الأساسية كانت الحؤول دون استعادة الحياة الإسلامية ووصم من يرفع هذه الراية بالتخلف والرجعية والخشبية والحجرية وتم استهدافهم باستخدام مؤسسات الحكم وأجهزة الدولة والإفادة من دعم المجتمع الغربي والنظام الدولي الاستعماري، ثم من حالة حزبية وثقافية وإعلامية وتعليمية مصطنعة ومن أشخاص وميزانيات منتفعة أو حاقدة، ومورس التجديف ضد الإسلام وشوهت الكثير من مفاهيمه حتى صارت هذه مهمته وسبب وجوده ومعيار شرعيته واستمرار الغرب في دعمه.ما فرضه هذا الفريق المتغرب على الأمة وثقافتها وما رهنه من حالها وما ارتهن إليه من الضعف والتآمر أمام الأجنبي قد أنبت في الأمة فريقا آخر لم تكن الحاجة إليه قد برزت قبل ذلك هو "الاتجاه الإسلامي" أو "الصحوة الإسلامية" الذي وجد نفسه في صراع حقيقي مع هذا الفريق على الوجود أصلا ثم على هوية الوجود تاليا، ثم انضوت تحت لوائه مجاميع الأمة وثوابت الدين ومصالح الشعوب وجماعات وأحزاب ومعارضات إسلامية صنعوا خطا عاما تجاوز النظم وسقوفها المنخفضة والحدود السياسية المقسمة للأمة، وكان من أبرز عناوين هذه الصحوة وأسبقها "الإخوان المسلمون" الذين بوسطيتهم في الفكر وسلميتهم في الوسائل وسبقهم وأبوتهم للصحوة قد صبغوها منذ البدايات في 1928 بالوسطية والسلمية.الصحوة الإسلامية كأي حركة تغييرية إصلاحية لا بد أن تعتريها بعض الأخطاء وقلة الخبرة وأحيانا التشدد أو الاستعجال لكن أقسى وأعقد ما أصابها أن يشكل الغرب ذاته وتوابعه في أمتها فريقا من الإسلاميين الشائهين والمخترقين والنفعيين وتجار الدين والمشبوهين ممن انتسبوا للصحوة زورا وبهتانا ليجرجروا الصحوة إلى مزالق الصدام مع النظم ومهالك التناقض مع الشعوب ثم ليشوهوا صورة النموذج الإسلامي الذي يراد للشعوب أن تخافه وأن ترى أي سوء أهون منه.ورغم كل ذلك ظلت الشعوب بفطرتها ومشاهداتها ثم وعيها العام وحصيلة تجاربها تعرف طريقها وتمايز بين الأصيل والمزيف وبين الوطني والعميل، وكلما سمح لها أن تقول كلمة حرة شفافة في هذه الممايزة سواء في انتخابات بلدية أو نقابية أو برلمانية أو رئاسية كانت تختار الإسلاميين؛ كالذي حدث في فلسطين ومصر والسودان والجزائر وتركيا وماليزيا.. آخر القول: الإسلاميون هذا زمانهم والحصيلة العامة واتجاه التاريخ وسنن الله تعالى ووعي الشعوب كلها معهم، وقد آن لشعوبنا ألا تسمح لأحد أن يستغفلها أو يستغلها في أهوائه ومصالحه اللاوطنية بقدر ما آن لخصوم الإسلاميين أن يفهموا أنهم يعاكسون اتجاه الأمة وأن يتنبهوا إلى أن الأمة في سياق الوعي وأنها لن تقبلهم، كما آن للغرب أن يبحث عن معادلات أخرى أكثر سلمية وتعاونا ومصداقية في التعامل مع ثقافتنا وأمتنا.