18 سبتمبر 2025
تسجيلانتصرت العدالة وقيم الحرية والإعلام النزيه، والإعلاميون الشرفاء في قضية الزميل أحمد منصور، مذيع قناة "الجزيرة" الذي أخْلَت السلطات الألمانية ـ أمس ـ سبيله دون توجيه أي تهمة له، بعد أن حاول نظام السيسي الذي جاء بانقلاب عسكري، و"اغتصب" السلطة في مصر، طلب اعتقاله بتهم؛ أقل ما يقال عنها: إنها "وقحة"، لكنها في النهاية تشابه منطلقات هذا النظام.اذا كان هذا الإخلاء يمثل انتصاراً لحرية الصحافة، وللكلمة الصادقة، وللإعلام المسؤول، فإنه في الوقت نفسه انتكاسة أخرى، وصفعة للأنظمة القمعية والديكتاتورية، التي تأسست على تكميم الأفواه، وسياسة فرض الأمر الواقع عبر الذراع الأمني، هذه الأنظمة التي ينكشف ـ يوماً بعد آخر ـ غباءها المستتر، بخطوات أقل ما يمكن وصفها به أنها "غبية"، وهي تخدم ـ من حيث لا تدري ـ الإعلام المهني والمسؤول، وتعزز من مكانة هذه المؤسسات.."الجزيرة" وإن كانت ليست بحاجة إلى "غباء" نظام السيسي ومستشاريه، لكي تعزز من مكانتها عالمياً، إلا أنها بالخطوة التي حدثت للزميل أحمد منصور، كانت "الجزيرة" حديث العالم أجمع، وأصبحت ـ مع نظام السيسي ـ هي الحدث، وتصدرت المشهد المضيء، طوال الأيام الماضية، إلى جانب الظلمة الحمراء لنظام غاشم.اعتقد نظام السيسي أنه بـ "تطويعه" للإعلام في مصر، وبجعله مع "جوقة المطبلين"؛ مسانداً له في عمليات القمع، والاستبداد، ومصادرة الحريات، التي يمارسها.. أنه كما فعل ذلك في الإعلام المصري في الداخل، وفي القضاء "الشامخ" أيضا، يستطيع فعل ذلك مع أنظمة قضائية عريقة في الغرب، ليفرض بذلك سلطته على الإعلاميين الشرفاء عبر ملاحقات، من خلال تهم ملفقة للإيقاع بهم، وبالتالي إسكات الإعلام الحر عن الممارسات القمعية، التي تحدث في مصر، والاعتقالات والإعدامات التي توزع بالمجان على كل من يعارض الانقلاب، من خلال ذراع قضائي يستظل بظل العسكر، ويسبح قضاته بحمد دولة العسكر، فالقضاء في العالم ليس كما هي حاله في مصر، التي "اغتصبت" كل مؤسساتها، وتحولت في يد رجل العسكر، في غياب مؤسسات تشريعية ورقابية، وقوانين وتشريعات معطلة.لقد انقلب السحر على الساحر، وانكشف المزيد من "عورات" أنظمة القمع، فكما هي الحال في إخلاء سبيل الزميل أحمد منصور دون توجيه أي تهمة له، من قبل السلطات الألمانية، هو انتصار لقيم العدالة والإعلام الحر، فإنه ـ في المقابل ـ يمثل انتكاسة لكل أنظمة القمع، والديكتاتورية في العالم، وليس فقط نظام السيسي، ونظامه الأمني، ودولته العسكرية، المبنية على انقلاب عسكري، تمثل الدولة الوحيدة في العالم اليوم، والنظام الوحيد الذي جاء بانقلاب عسكري في عالم اليوم، على نظام منتخب شرعياً عبر صناديق الاقتراع.لقد انتصرت حرية الكلمة، وانتصرت المؤسسات الإعلامية ذات المصداقية، وخاب نظام القمع، وانكشفت "عوراته" على فضائح صارخة، وترسخت مبادئ العدالة في مؤسسات قضائية عالمية، تتبع دولاً تؤمن بحرية الكلمة، وتحافظ على عراقة قضائها، لكنها لا تطلق عليه: "قضاء شامخ".