30 أكتوبر 2025
تسجيليتساءل الكثيرون عما يجري في سورية والعراق من أحداث دراماتيكية سوف تنذر بشر مستطير إذا استمرت بغموضها ولغزها في المشهدين ويقولون: هل المعضلة في أن البلدين يتعرضان مجددا لمؤامرة خارجية كبرى تلعب على أوتار عديدة أهمها الطائفية لتحقيق مصالحها في الهيمنة المباشرة التي تضمن لها أجود وأكثر المكاسب الاستراتيجية أم في مجرد اختيار حكام عاشقين للبقاء في الحكم إلى الأبد كما كان الشعار في سورية حافظ الأسد إلى الأبد واستمر في عهد بشار وخصوصاً مع اندلاع الثورة السورية: الأسد أو نحرق البلد وكذلك بعد مسرحية انتخابه! وكذا ما حدث لنوري المالكي في العراق وإعادة انتخابه حسب الوصف والمقاس ولتحقيق مصالح إيران حيث هو رجلها في بلاد الرافدين مثلما هو الأسد في سورية وحسن نصر الله حيث إيران في لبنان.. وقس عليهم من لف لفهم وتمركز في محورهم؟ والواقع من وجهة نظرنا بداية أنه لا غموض في المشهدين السوري أو العراقي وذلك ما أبديناه منذ نشوب الثورة السورية وكذلك منذ الاحتجاجات الشعبية في العراق على سياسات المالكي والتي لم تفض إلى نتيجة فاضطرت إلى العسكرة كما هو شأن أختها في سورية وبشكل أعمق، كما تطورت في العراق بعد سقوط الموصل والمواقع الأخرى المهمة بشكل مخيف، وكذلك ما جرى في مصر من انقلاب على الشرعية وعلى وجه السرعة بكل الإجراءات حتى محاكمة المعارضين وأخصهم الإخوان المسلمين بأحكام سياسية لا علاقة لها أبداً بالقضاء النزيه وإنما تجري لخدمة الأجندة التي شهد أصحابها تاريخياً أنهم ضد الحرية وعشاقها من المسلمين الذين عادة ما يوصفون بالمتشددين بل إن إسلامهم كذلك، واستطاعوا بقدراتهم المالية الكبيرة وإعلامهم الهائل - فامبراطوريته الأمريكية مثلا تملك أكثر من 50% من كل صحف العالم اليومية وتوزع أكثر من ستين مليون نسخة من صحفها وتشتري الضمائر- أن يربطوا الإسلام بالإرهاب حتى تلقف ذلك كثير من العرب والمسلمين ممن يرون الجمود في تاريخنا الروحاني وأن الغرب أولى بالتبعية فجروا خلف هؤلاء الناعقين ولم تبذل دولنا المعنية أي جهد ذي بال لشرح نظرية الإسلام والعمل على إقناع شعوب الغرب بإنسانيته وتخصص الميزانية المناسبة لذلك، بينما تبذل إسرائيل وحلفاؤها المليارات لتغطية أبحاثها الايديولوجية والفكرية كما هو معروف، يقول الدكتور أحمد طحان في كتابه "الحمار على رأس القافلة طـ دار المعرفة ص342: يكفي أن نورد هنا نصاً من تقرير قوة العمل المنتدبة من مجلس النواب الأمريكي لشؤون الإرهاب والحروب اللاتقليدية والذي نقله الدكتور فواز جرجس في كتابه أمريكا والإسلام السياسي، صراع الحضارات أم صراع المصالح: إن الجمع بين ارتقاء الإسلام الإحيائي الراديكالي وأهمية البترول الحاسمة لاقتصاد الغرب يجعل الصراع على الشرق الأدنى المجابهة الحاسمة الأولى بين الإسلام الإحيائي والعالم اليهومسيحي. وقد اعتبر التقرير أن الإسلام لا يهدد الغرب فحسب وإنما هو العدو الحقيقي لبقية الجنس البشري وأن غالبية الأمريكيين يرونه ديناً معادياً للديموقراطية والمصالح الحيوية وأن المسلمين همجيون بطاشون غدارون، ماكرون متعطشون للدماء. ويؤكد هذا "جونا ثال ياريس" بقوله: إن الأخماس الأربعة غير الإسلامية في هذا العالم لن تتحمل من الخمس الأخير وهو الإسلام أن يمارس جهاده العنيف ضدها، ويعزز كلامه ما ذكره معظم أعضاء الكونغرس الأمريكي من قبل ومن بعد. ونحن بكل فخر مقتنعون أن إسلامنا الحضاري هو الرحمة المهداة للعالمين وأن عدله لم ولن تحلم بمثله أوروبا وأمريكا والتاريخ خير شاهد على ذلك. إننا نقول هذا الكلام وأمامنا التصريح الأخير للرئيس الأمريكي أوباما والذي يعتبر ضربة قاصمة للمعارضة السورية حيث أدلى في مقابلة تلفزيونية مع شبكة سي بي سي الإخبارية الأمريكية أنه لا توجد معارضة معتدلة في سورية لدعمها كي تهزم الأسد والمجموعات الجهادية التي استغلت منها داعش الفراغ لتملأه عسكرياً وسياسياً ومالياً وقال: لقد أمضينا الكثير من الوقت ونحن نعمل مع المعارضة المعتدلة وإنه لا يمكن لمزارعين وأطباء أسنان لم يسبق لهم أن حاربوا أن يتغلبوا على نظام الأسد والمجموعات الجهادية! وطبعاً إنما يريد أوباما أن ينقلنا لما نود الجواب عنه لمن سألنا من البداية، هل تآمر الخارج أم ظلم الداخل، فالأول مفهوم لكل من عقل دور إسرائيل والغرب وروسيا والصين فيما يكيدون، أما الثاني فالجزم لابد منه أن مثل الأسد الذي يتحدث أوباما عن غلبته الآن هل هو إلا من صنيعة أمريكا واسرائيل وهل ظن أوباما أننا لا نعرف حقائق الأمور وأن أوباما والصهاينة إنما أرادوا إنتاجه من جديد وكذلك إنتاج المالكي وتشغيل السيسي ليعملوا على حماية إسرائيل وحماية الغرب وأمريكا من كل ما قد يتصور أنه بديل إسلامي أو وطني يعمل بإخلاص لكرامة البلاد والحرية إذ كان محور التسلط الغربي وما يزال متحالفاً مع الاستبداد والمستبدين أو نشر ما يسمى بالديموقراطية والحرية في بلادنا في ضد مصالحهم ولذلك تأتي القرارات منهم لعبيدهم من معظم حكامنا كيلا يحيدوا قيد شعرة عنها وإلا فيا ويلهم. وهكذا فإن تصريح أوباما متناقض تماماً مع قوله بداية الثورة السورية: إن الأسد فقد شرعيته ثم كررها مراراً وكذلك قول وزير خارجيته كيري: إن الأسد ساقط حتماً ذرا للرماد في العيون فهم باطنيون خداعون بانتخاب الأسد وأنهم يرفضون ذلك ومعهم الأمم المتحدة وما هي إلا لعبة ظاهرية فالحقيقة غير ذلك كما تدل الوقائع، وما التقارب الأمريكي الإيراني إلا برهان للدفاع عن الأسد خادم إيران في بلاد الشام وبمثله والمالكي يعتبر المرشد خامنئي أنه بذلك ومع الموقف الأمريكي يضمن نجاح مشروعه في الهلال الشيعي ولو على أشلاء العالم العربي، وما التقى روحاني بالرئيس التركي عبدالله كل إلا للتفاهم بينهما على عدم تحول التنافس بينهما إلى مواجهة، طمعاً في استغلال نفظ العراق لصالح إيران فالعراق يحوي ثاني أكبر احتياطي في العالم ولذا نرى حاملة الطائرات الأمريكية والبريطانية قد جاءتا إليه ولو كانت العراق بلداً زراعياً فقط مثل سورية لما هرعتا إليه، بل إن لنا وجهة نظر وهي أن أمريكا باعت العراق السلاح مؤخراً وهي عارفة بما سيحدث ولا ننسى بالتوازي أن القرار الإسرائيلي المعتمد هو أن إسرائيل ستبقى مستقرة بعد أن فهم الأسد رسالة نتنياهو عن التهديد بإسقاط نظامه وبتسليم الكيماوي كما كتب الباحث الإسرائيلي في الأمن القومي "رون طيرا" أن النظام العلوي هو الأفضل لإسرائيل ولإطالة عمر الحرب الأهلية في سورية من جهة ثانية، ولأنه نظام هش تعرف نقاط ضعفه غيرما لو جاء نظام سني قد يكون موالياً لتركيا ويهز أركان حلفاء إيران. ولذا نقول لأوباما مجدداً إن أمريكا ما زالت ألعوبة بيد إسرائيل، وإنك تعرف أن الأسد طبيب عيون لا محارب وكيف ترقى في الجيش بفعل أبيه وتعرف وتعرف كثيراً ولكن لا تريدون إلا خدمة الصهيونية ولا تخافون إلا من الأحرار فهنيئا لكم عبيدكم والله والتاريخ هو الحكم وإنا وإياكم كما قال المتنبي:وعين الرضى عن كل عيب كليلة ولكن عين السخط تبدي المساويا