18 سبتمبر 2025

تسجيل

الربيع العربي بين الآمال والمحن

23 يونيو 2012

منذ قيام الربيع العربي والناس تعيش آمالاً كبيرة للخروج من المآسي التي مرت بها الشعوب العربية من الظلم والقهر والفساد والأزمات الاقتصادية وضعف العالم العربي والتمزق وضياع الحقوق العربية وبالأخص قضية فلسطين والتهديدات التي تواجه الأمة. ورسم الناس آمالاً بقيام أنظمة تنشر الحرية وتوفر أبسط حقوق المواطن العربي. ولذا نجد تحرك الناس بقوة وهم ينتظرون بفارغ الصبر نتائج مثمرة، وقد نسي البعض أن منطقة الشرق الأوسط منطقة استراتيجية، فهي مهبط الأديان السماوية وهي بلاد مليئة بالنفط والثروات وهي منطقة وسط بين الشرق والغرب والمنافذ البحرية وغيرها. كل هذا يجعل الدول الكبرى ذات المصالح تتسابق على هذه المنطقة وتسعى للسيطرة عليها ووجود دول قوية ذات هوية يهدد الكيان المغروس الصهيوني الذي زرعه الغرب ليحفظ مصالحه واستمرار وجوده. لذا سعى الغرب بكل الوسائل لتوجيه ما يخدم مصالحه وأهدافه، ورأينا عناصر تتوجه للغرب بكل إعجاب وتلهث للحصول على شهادة رضا وقد رأينا صراعات الأحزاب حسبما أريد لهم ورأينا أن هناك هدفاً خطيراً في المنطقة وهو إضعافها عسكرياً وإضعافها إقتصاديا، فقد بدأ ذلك بالقضاء على الجيش العراقي وصناعة جيش طائفي ممزق بعد إدخاله في صراع من حرب إيران إلى حرب الكويت وغير ذلك. أما الجيش المصري الذي أنهك في حرب اليمن وغيرها تم جره في حرب 67 التي ضربت مصر في أعز ما عندها وحملتها ديون الأسلحة الروسية بمليارات الدولارات ولولا دول الخليج لصعب أن يسترد عافيته، ولكن عاد الجيش المصري لقوته وبنى نفسه وهو لا يحمل فكراً منحرفاً رغم الحملات المغرضة. وأما الجيش السوداني فقد أنهك بحرب دارفور والجنوب وتم إضعافه، والجيش اليمني أنهك بحرب داخلية وغيرها، والجيش السوري جر للصراع مع شعبه وهو مستمر في انقسامه حتى يضعف تماماً وتتحمل سوريا أزمات اقتصادية مما سيؤدي لوجود دول ضعيفة أمام إسرائيل التي يجب أن تكون دولة متفوقة وقوية. وفي الآونة الأخيرة كان الجيش المصري مطلوباً كذلك كان لابد من استمرار الاحتقان وما صدر من مواقف غير حكيمة من لجنة الدستور بإلغاء مجلس النواب المصري في ليلة الانتخابات الرئاسية والإصرار على دعم أحمد شفيق وإيجاد صراع واختلاقه من العدم. هذا كان دوراً لجر الجيش المصري والمتظاهرين لحرب لاستنزاف الجيش المصري في حرب داخلية بعد العجز عن جر هذا الجيش في حرب في النيل بعد استفزازات من إثيوبيا. إننا نواجه محنا وظروفا صعبة لتحويل الربيع الذي تفاءل الناس به لحل مشاكلهم ولتحقيق أحلامهم حتى يجروا هذه الأمة لحروب طائفية وصراعات عسكرية لتدمير الاقتصاد حتى تكون عاجزة وتعتمد على الغرب وحتى تقوم الشركات بإعادة الإعمار وفق عقود طويلة الأجل وتبيع الأسلحة، ولذا نجد الصراع الروسي - الصيني والغربي لأجل المصالح، وهذا الذي جعل لافروف يصرح بوضوح يجب حفظ المصالح الروسية، فالهدف ليس دفاعا عن سوريا بقدر ما هو الدفاع عن صفقات، ولذا نجد الحديث عن مساومات في هذا الجانب فنحن بحاجة لمعرفة ما يجري حولنا. وما رسمه برنارد لويس وكذلك ما خططه مركز سبان ومعهد بروكنز ومؤسسة راند وغيرها من المؤسسات التي تدرس أوضاع العالم العربي والإسلامي ولا تدع لحظة إلا وهي تخطط لجر هذه البلدان إلى حروب وصراعات وجعلها بحاجة إلى الغرب. إن الغرب الذي صفق وفرح وأيد الربيع العربي لم يكن كما يظن السذج أنه يريد الديمقراطية ولكن كان ذلك بعناية فهم يتحاوروا مع الشباب وقيادات الأحزاب ولكن في الخفاء يتم جر هؤلاء جميعاً للصراع. أضف إلى أجهزة الإعلام التي ساهمت كثيراً في بث ثقافة الأحقاد والكراهية وإيجاد بلبلة وصراع داخلي. فلننظر إلى أن الإعلام أصبح يتحدث عن مهاترات وشتائم والبحث عن أخطاء وعيوب ومعارك أشد من المعارك مع الأعداء إنها مآس وظهور الجماعات المسلحة وفئات تتصارع وتخل بالأمن كما حصل في اليمن وكما حصل في ليبيا والشبيحة في سوريا وفي العراق من تصفية للسنة، كل هذا يدور والناس في صمت رهيب وتعجب وأنت ترى الناس في فقر وتشريد وجوع وأمراض منتشرة والناس يتصارعون ويتبادلون الاتهامات والمكايد في الخفاء، وبلغ من المهازل أن ترى اليمن من أهل الجنوب من يجتمع للمصالحة والنقاش للمستقبل في منزل السفير البريطاني في القاهرة وحضور السفير البريطاني في اليمن من أناس حاربوا بريطانيا سنين وكانوا أشد عداء لها لدرجة الحقد والشتم. واليوم يغيرون آرائهم لأجل الكرسي، وبعضهم يذهب لإيران أو غيرها ونجد مواقف متناقضة ومن يمنح جائزة نوبل بطريقة غريبة ورحلات وسفرات إلى أمريكا والدول والمؤتمرات بطريقة لافتة للنظر. إننا اليوم أمام تحدٍ ونحن نرى حتى الجامعة العربية عاجزة عن حل قضايا العرب وتلجأ للأمم المتحدة ومبعوثها هو كوفي أنان، لقد آن الأوان أن نفكر بما يجري حولنا وننظر إلى مستقبلنا ونحافظ على هويتنا وأن تحذر عما يجري حولنا لما فيه الحفاظ على هوية هذه الأمة ودورها، وللأسف أن ننسى هويتنا وتهتز ثقتنا بأنفسنا وتاريخنا ونربط مستقبلنا بتاريخ غيرنا وكأننا بلا تاريخ وهوية، العالم اليوم يسير نحو الاستقرار والتعاون، والتقارير الدولية تشير إلى أن بلداننا هي الأقل أمناً واستقراراً.