25 سبتمبر 2025

تسجيل

من أسقط الطائرة التركية؟

23 يونيو 2012

يحمل سقوط أو إسقاط الطائرة الحربية التركية في الأجواء السورية منذ ثلاثة أيام عدة أسئلة مهمة والإجابة على هذه الأسئلة تلخص صورة ما يحدث في سورية وحولها وما يحدث فيها وعليها أيضاً. ولعل أهم هذه الأسئلة المهمة من أعطى الأوامر للدفاعات الجوية السورية بإسقاط هذه الطائرة، فإذا كان الأمر العسكري بإسقاطها سورياً خالصاً، فهذا يعني أن الجيش السوري يملك قرار الحرب والسلم ويملك حرية القرار وحرية الحركة وحرية استخدام التكنولوجيا الحربية الروسية متى وكيفما شاء واعتقادي الشخصي وربما أكون مخطئاً بأن مثل هذا القرار لا يمكن أن يكون سورياً خالصاً وأن اتخاذ مثل هذا القرار الخطير إما أنه قرار روسي أو أن القوات السورية أخذت الضوء الأخضر من روسيا وفي كلتا الحالتين فإن من قرر ومن أسقط الطائرة التركية هو الكرملين الروسي لأن الدول التي تستورد السلاح من الدول الأجنبية تستخدمه بشروط قاسية ولا يستخدم هذا السلاح إلا بموافقة الدول المصدرة هذا أولاً وثانياً وهو الأهم أن سورية تدرك خطورة مثل هذا التصرف، فإسقاط طائرة حربية تركية وبسلاح روسي في مثل هذه الظروف يحرج روسيا بل ويجعل روسيا مضطرة ومرغمة في الالتحاق بسورية في حال نشوب حرب عسكرية بين تركيا وسورية لأن روسيا اليوم تقف إلى جانب النظام السوري بكل قوتها السياسية والاقتصادية والعسكرية وهذا ما أعلنت عنه روسيا عدة مرات، لأنها تعتبر سورية هي الرئة الوحيدة الباقية لها من نفوذ في الشرق الأوسط بعد أن فقدت كل حلفائها الآخرين. والسؤال الثاني المهم أيضاً هو هل دخول هذه الطائرة الحربية التركية المجال الجوي السوري وتحديها لسيادة سورية على أرضها ومياهها الإقليمية هو قرار تركي خالص وهل وضع الجيش التركي باعتباره إسقاط هذه الطائرة من الدفاعات الجوية السورية وهنا أشك أيضاً بذلك لأن الطائرة الحربية المقاتلة هي من صنع أمريكي، وبالتالي فإن إسقاطها يعني إهانة للسلاح الأمريكي وهذا ما تخشاه أمريكا دائماً مما يعني أن إقدام تركيا على هذه الخطوة تم بالتنسيق مع الإدارة الأمريكية والأهم من ذلك أن تركيا عضو بحلف الناتو وخسارتها في أي معركة يعني خسارة لهذا الحلف وهذا يدفعنا إلى سؤال آخر هل تركيا خططت مع هذا الحلف قبل هذه المغامرة وإذا كانت قد فعلت هل هذا يعني مقدمة لتدخل حلف الناتو بالحرب على سورية على غرار ما حدث في ليبيا؟ هذه الأسئلة المهمة أعتقد أنها مشروعة في هذه المرحلة الحساسة والخطيرة وكل الإجابات عليها تدل على أن الصراع في سورية تحول إلى صراع "على" سورية. والصراع "على" سورية سيكون أكثر كارثية من الصراع "في" سورية الذي كنت أتمنى شخصياً أن ينحصر في الشعب السوري وأن يقرر مصيره بنفسه وأن يستمع النظام السوري الدكتاتوري لصوت هذا الشعب ويمنحه الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية المفقودة ولكن لا حياة لمن تنادي.