14 سبتمبر 2025

تسجيل

ولكن ليس فياض!!

23 يونيو 2011

 عباس يريد تشكيل حكومة تابعة للغرب والاحتلال ولا يضع اعتبارا للشعب جاءت الأخبار أواسط الأسبوع المنصرم مبشرة بأن الخلاف بين فتح وحماس حول سلام فياض قد حسم وأنه تم التوافق على استثنائه من قائمة الترشيحات لتولي رئاسة الوزارة التوافقية، وقد كنت كتبت مقالا قبل وصول خبر التوافق هذا حذرت فيه من أن فياض – في ظل طرحه كمرشح للوزارة متزامنا مع طرد دحلان من مركزية فتح - يراد له أن يكون رجل المرحلة وصولا للسيادة على فتح وعلى السلطة.. فلما جاءت الأخبار مبشرة بالاتفاق تراجعت عن بعض ما كتبت وحولت المقال لتفسير ما تم أكثر منه تحذيرا مما قد يكون وأضفت تعليقات تناسب المقام.. لكن رئيس السلطة محمود عباس وفي برنامج " مباشر " على المؤسسة اللبنانية للإرسال (lbc) فاجأنا بالعودة والإصرار على طرح فياض كخيار أوحد لهذا الموقع ونحا باللائمة على حماس التي ألمح أنها بموقفها من فياض تتدخل فيما لا يعنيها وما ليس من اختصاصها.. بالذات عندما قال: "هذه الحكومة تتبع سياستي لأنني أنا فقط المسؤول الآن الذي يدير سياسة السلطة ومنظمة التحرير التي تقود السياسة، وأنا من يمثل منظمة التحرير الفلسطينية وهذا وارد في بنود المصالحة %100 وإنني من يتحمل المسؤولية وتبعات عمل هذه الحكومة، فإذاً من حقي أن أقول من هو رئيس الحكومة، نعم رئيس الحكومة هو سلام فياض " وعن الاعتقالات بحق أبناء وأنصار حماس الذين كنا ننتظر أن يتم الإفراج عنهم وإغلاق ملف الاعتقال السياسي بالكلية.. إذا به يقول: "سأستمر في الاعتقال لثلاثة أسباب هي: تهريب السلاح، وتهريب المتفجرات، وغسيل الأموال " وهو ما يعني تحديد الاستمرار في مطاردة المقاومة المسلحة – أي حماس - والعمل الخيري الذي يصنف لديه بأنه غسيل أموال.. وذلك يعني بصراحة وبالنص لا بالتلميح ولا بالتحليل أن المصالحة التي يريدها عباس هي فقط أن تأتي حماس إليه بالكيفية التي يريد هو ووفق المحددات التي يقررها هو في كل ما يتعلق بالحكومة والبرنامج السياسي والأمني.. السؤال هنا لماذا يفعل عباس هذا؟ ولماذا يتراجع عن المصالحة؟ وأقول: أولا: هو لم يأت للمصالحة مختارا ولكنه كان مكرها عليها ؛ ولسنا في وارد التدليل على ذلك فالأمر أظهر من أن نعود لتكرار الكلام فيه.. لكني أذكر بمقال كتبته تحت عنوان (المصالحة الفلسطينية بين خشيتين) وقلت يومها: أخشى على المصالحة من الضغوط الصهيونية الأمريكية ومن تنشيط مبادرات تسوية تستدر ذكريات المفاوضات ومشروع التسوية.. أما التهديد فقد حصل، وبحسب موقع مقرب من فتح فقد اتصل بعباس رئيس وزراء العدو وهدّده بأنه في حال تم عقد اللقاء مع مشعل وتشكيل حكومة المصالحة سيتم سحب الامتيازات عنه وعن أبنائه وسحب الامتيازات الممنوحة للشركات التي يديرونها " وهدده أيضا بوقف أموال الضرائب وسحب هويات ال VIP " الإسرائيلية " الممنوحة لكبار الشخصيات الفلسطينية من أجل التنقل عبر الحواجز العسكرية.. (نشر في جريدة الشرق 21 / 6 الماضي).. وأما ما يتعلق بمبادرات تسوية جديدة تغري بالعودة عن المصالحة فقد حدث عندما عرض الفرنسيون مبادرتهم التي لم تكن أكثر من مضمون خطاب أوباما مجموعا مع خطاب نتنياهو المرفوضين فلسطينيا.. فتقبلها الرجل كما وكيفا ودون أن يستشير أحدا من الأمناء العامين للفصائل الذين يفترض أنهم بعد المصالحة صاروا القيادة العليا معه وأنه لن يقطع خيطا دون الرجوع لهم.. الحقيقة أن عباس عندما قبل بالملاحظات الثلاث التي قدمتها حماس على الورقة المصرية بعد أكثر من سنة ونصف من الرفض لها إنما كان تحت تأثير التغيرات المصرية التي أفقدته توازنه بإفقاده حسني حليفه ومتكأه الإستراتيجي.. أيضا كان تحت ضغوط المظاهرات الداخلية التي انطلقت تطالب بإنهاء الانقسام، وتحت ضغط مبادرة السيد إسماعيل هنية الذي دعاه لزيارة غزة.. كل ذلك مضافا إليه أنه كان يأمل أن حماس غير جادة في السعي للمصالحة جعله يغامر.. يؤكد ذلك أمران – سوى التحليل الموضوعي – الأمر الأول ما نقل عن ذات المصدر المطلع – سابق الذكر - من أن عباس قال للمخابرات المصرية: "إنه لم يتوقع من حماس أن تقدم على توقيع اتفاق المصالحة وأن ذلك أوقعه في حرج أمام الرئيس الأمريكي، وأن مكتب أوباما طلب منه عدم تطبيق اتفاق المصالحة " والأمر الثاني ما قاله القيادي الفتحوي - محمد دحلان - لموقع " الكوفية بريس " المقرب من فتح: "أبو مازن لم ينجز المصالحة.. وحماس هي التي قررت ونفّذت، وجماعة الإخوان المسلمين كان لها دور.. ". لقد صار واضحا أن عباس يتراجع عن المصالحة، وأنه يضع العراقيل أمامها والعصي في دواليبها وأنه يضع حماس أمام مصالحة لا تعني إلا الاستسلام والخضوع إلى كل ما يريد.. ويتساءل البعض عن غفلة أو عن شيء آخر!! وماذا يضير حماس أن تقبل بفياض؟ خاصة أن التشريعي سوف يكون رقيبا على تلك الحكومة التي لن تكون مسيسة ومجرد حكومة مؤقتة انتقالية وحكومة تكنوقراط.. وأقول: أولا هي حكومة مسيسة منذ الآن بدليل التدخل الأمريكي والصهيوني في فرضها، ثانيا لن يكون للتشريعي عليها سلطة.. إلا بقدر ما يقبل عباس وفياض – بدليل قوله في نفس المقابلة " أنا رئيس السلطة، والحكومة انتقالية، تقسم اليمين أمامي، ولا تأخذ ثقة من المجلس التشريعي لأنها حكومة انتقالية، إذاً هي تابعة لي مباشرة، ربما تعرض عليه بعد أشهر من هذا الوقت، إنما الآن تقدم لي، وتقسم اليمين أمامي "، ثالثا: الرجل قالها بصراحة هو يريد سلام فياض أي أن يقيل حكومة هنية الشرعية والحائزة على ثقة التشريعي ليثبت مكانها حكومة فياض غير الشرعية والتي لم تعرض في يوم على التشريعي ولم تنل ثقته وهذا إلغاء كامل لكل موقف ومكتسبات وإنجازات حكومة هنية وإلغاء كامل بكل نتائج الانتخابات التشريعية 2006 في حين أن الأصل والعدالة – لو بده النقا والزين – أن تستقيل كلتا الحكومتين وأن يؤتى بثالثة لا تنتمي لكل ماضي الانقسام.. رابعا: إن القبول بفياض يمنحه شرعية وطنية وبالأخص من حماس التي موقفها منه أكثر إدانة واتهام.. وهو ما يعني تسهيل توجيهه لحركة فتح ثم تثبيته في السلطة مستقبلا.. خامسا: إن القبول بالمبررات التي يسوق على أساسها عباس حليفه فياض تقوم على أن أمريكا لن تقبل بغيره وأن " إسرائيل " ستفعل كذا وكذا وهو في الحقيقة قبول بأن تعود السلطة مرتهنة للمال السياسي وأن تستقر مرة أخرى في المرفأ الصهيوني وأن تعاد منتجتها وفق المعايير الدولية وبتعبير آخر وفق المعايير الأمريكية والصهيونية.. وعلى الذين يستصغرون هذا الخطر أن يتذكروا أن الانقسام حدث أساسا لأن حماس أرادت الخروج بالسلطة من هذا المرفأ فهل نريد انقساما جديدا؟ ولماذا المصالحة إذن؟ وما قيمتها الحقيقية إذا لم تتغير هذه المعادلة؟ سادسا: وماذا تعني المقايضة بين فياض والدعم السياسي الغربي؟ والمقايضة بين فياض والاعتراف بالحكومة الفلسطينية؟ والمقايضة بين فياض واستحقاق سبتمبر القادم في منعطف حاسم كالذي تمر به القضية اليوم؟ آخر القول: – آخر القول: الحكومة التي يريدها عباس هي حكومة لا تشكلها حماس ولا فتح بل ولا الشعب الفلسطيني ولكنها حكومة الغرب وأمريكا التي تطلب فياض وحكومة الاحتلال الذي يهدد بالويل والثبور وعظائم الأمور إن تم تجاوزه.. أما الشعب الفلسطيني والفصائل الوطنية وحتى فتح فليس في وارد عباس ولا فياض.. ربما أقول ربما على الفصائل التي لا تريد فشل المصالحة أن تتحرك الآن.. وبالتأكيد ستجد الكثيرين ممن ليسوا من حماس ولا من فتح وليس عليهم " فيتوات ".. ولكن بالتأكيد ليس فياض ولا على أساس قواعد عمله وليس وفق ارتهانات عباس أو على مقاساته..