19 سبتمبر 2025
تسجيلتظل القضية الفلسطينية، قضيتنا المركزية والأساسية في حياة كل عربي مهما كانت جنسيته أو دينه كونها تتصل بالعروبة والإسلام من العقيدة والفكر واللغة والجغرافيا والموقع وكل الأبعاد الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية بل حتى الشخصية، ومن لا يؤمن بذلك فعليه أن يراجع أصله ونسبه. استمر الإعلام الغربي والأمريكي يتجاهل القضية الفلسطينية، وينسب لأهلها وفصائلها تهمة الإرهاب، وتجاهل الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني في أرضه المسلوبة وحقه في حياة حرة كريمة. اليوم وبعد أن انتشرت وسائل التواصل الاجتماعي، وأصبحت ميسرة للجمهور العام، وسقوط سيطرة النخبة في امتلاك كل الوسائل الإعلامية المتاحة وهي التي أكثر آنية وحالية، بحيث تمكن المستقبل من أن يكون هو الفاعل الأساسي، بدأت أصوات شرفاء العالم تصدح بعد تعرفهم على الحقائق التي غيبت عنهم من قبل، ليجدوا أنفسهم تحت واقع جديد تظهر فيه صورة العرب من خلال تطور دولهم وقيادتهم للعالم في مجالات عدة. بعد معارك التحرير الفلسطينية في 7 أكتوبر الماضي، تعاطف بعض شعوب العالم في البدء مع الكيان الصهيوني نتيجة الضخ المعلوماتي الكاذب، ولكن يوما بعد آخر توضحت الصورة الواقعية للعدوان وتدميره لكل شيء من البشر والحجر والشجر، وتعريض شعب كامل للتشريد والجوع، فأدرك العالم أن ما تنقله وسائل التواصل الاجتماعي أكثر مصداقية من الكثير من وسائل الإعلام العالمي. بدت الأصوات المناصرة لقضيتنا على شكل أفراد بعضها يخشى اللوبي الصهيوني وخاصة في الولايات المتحدة الأمريكية، لكن بعد ذلك أتسعت ميادين الاحتجاجات لتحتل مكانتها النضالية في الجامعات. انتفضت الجامعات الأمريكية التي تشكل قلاع العلم والمعرفة احتجاجا على مشاهد الدماء والدمار والوحشية الإسرائيلية في غزة، وعلى استمرار الدعم اللامحدود الذي تقدمه الإدارة الأمريكية للعدوان الإسرائيلي. واللافت أن من قاد التحركات والاحتجاجات هم طلاب نخبة الجامعات الأمريكية مثل كولومبيا وييل ونيويورك وهارفارد، وجميعها ينتمي لرابطة اللبلاب (ivy league) التي تضم أشهر وأقدم وأعرق جامعات الولايات المتحدة الأمريكية، وهذا ما يفسر لجوء السلطات الأمريكية لقمع هذه الاحتجاجات، والاستجابة لمطالب الحكومة الإسرائيلية بزعامة بنيامين نتنياهو بالتصدي لها. ومنذ ذلك الحين، تم القبض على أكثر من 1000 شخص في حرم الكليات والجامعات من الساحل إلى الساحل بينما تستعد الجامعات لاحتفالات التخرج في فصل الربيع. وألغت جامعة جنوب كاليفورنيا، حيث تم اعتقال ما يقرب من 100 متظاهر في 24 أبريل/نيسان، حفل التخرج الأساسي. تم القبض على المتظاهرين في أكثر من 25 حرمًا جامعيًا في 21 ولاية على الأقل. وشهدت العديد من الجامعات الأخرى احتجاجات دون اعتقالات. ولكن امتدت الاحتجاجات وعمليات نصب الخيم إلى أكثر من 75 جامعة أمريكية حتى الآن، فضلا عن انتشارها في جامعات مثل فرنسا وأستراليا وبريطانيا. وفي اليابان اعتلى الكاتب الياباني أوتا ستيفاني كانتو منصة تكريمه بجائزة يوكيو ميشما اليابانية، التي تعتبر من أعرق جوائز الأدب في بلاده، ملثماً بالكوفية الفلسطينية، ومرتديًا قميصًا مزينًا بالعلم الفلسطيني، وفي حديثه مع الصحافة، جدد الكاتب تضامنه مع القضية الفلسطينية، وتحدث ملياً عن مشاركته في المظاهرات المتضامنة مع فلسطين في العاصمة اليابانية طوكيو. ومن المهم النظر إلى الخط البياني المتصاعد على مستوى المنظمة الدولية الأمم المتحدة وتصويتها بالأغلبية على منح فلسطين العضوية الكاملة في الأمم المتحدة والذي رفع إلى مجلس الأمن لاستكمال القرار. كما نجد أن بعض الدول الأوروبية، بدأت تفكر بالاعتراف بدولة فلسطين، وفعلا هنالك دول اعترفت أمس الأربعاء وهي إيرلندا وإسبانيا و النرويج. نجد اليوم أمثلة كثيرة ومن عدد من اليهود الذين لا يتفقون مع الصهيونية العالمية ويدافعون عن حق الشعب الفلسطيني في العيش على أرضهم أحراراً. إلى جانب دول عديدة حول العالم غيرت من مواقفها لتكون بصف الشعب الفلسطيني الأبي. وهكذا وجد العالم الحقيقة المغيبة من قبل الإعلام العالمي إرضاءً لدولة الاغتصاب والقتل والتدمير وسرقة حق شعبنا الفلسطيني. وبفضل طوفان الأقصى والصمود الأسطوري للشعب الفلسطيني، مع استمرار مجازر الاحتلال، فإن المزيد من أجيال الشباب وغيرهم سيحفرون في ذاكرتهم الصورة التي يستحقها هذا الكيان الإرهابي، وستسقط معها صورة البكائيات النمطية التي شكلها الاحتلال لنفسه على مدى السنين. المطلوب العمل على إدامة زخم التمدد الإعلامي من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، وتحديد آلية عربية من خلال عقد ندوات ومؤتمرات تحدد مسارات هذا العمل على المستوى العالمي، وتؤكد أن هذا النضال هو نضال شعب كامل على امتداد الخريطة الفلسطينية.