01 نوفمبر 2025

تسجيل

التقوى أولاً وأخيراً

23 مايو 2018

ختمت آيات الصيام في أولها بـ (لعلّكم تتقون) وختمت في آخرها بـ (لعلّهم يتقون)، فبالتقوى بدأت وبالتقوى ختمت، ليقول لك أنّ روح الصيام وأهم أهداف الصيام تحقيق التقوى. إن المقصود من العبادة ليس مجرد الحركات الظاهرة التي تمارسها الجوارح دون أن تؤثر في الباطن، وإنما المقصود مع ذلك: عمل القلب، من الإخبات والتذلل والخضوع بين يدي الله (عز وجل)، وتلك روح العبادة ولبها. إن الذي يـؤدي العبادة، أي عبادة كانت ولم يقم في قلبه مقام العبودية لله (عز وجل)، فقد أدى صورة العبادة لا حقيقتها. فشرود القلب في مواطن العبادة هو من أعظم الآفات التي تعرض للإنسان في سيره الى الله (عز وجل)، لأن العبادة بقلب شارد غافل لاه، لا تترك الأثر المطلوب على النفس الإنسانية، فلا يحصل الإنسان بها على الأجر المطلوب. إن الصيـام وهو عبادة من العبادات أصبح عند كثير من الناس مجرد عادة، يدخل الإنسان فيه دون أن يستحضر نية التقرب لله (عز وجل) بهذه العبادة، وفي أثناء الصوم ترى قلبه غافلاً لاهياً عن التذكر والتفكر في هذه العبادة العظيمة. لقد شرعت العبادات من أجل تحقيق التقوى (يا عباد فاتقون) (وأقم الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون) (خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها) (كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون) (ومن يعظم حرمات الله فهو خير له عند ربه) (ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب). وفي الحديث الصحيح يقارن النبي صلى الله عليه وسلم بين عبادة سهلة يسيرة (ذكر الله) ويجعلها خيرا من الإنفاق والجهاد. إذا ما السر والملحظ العظيم الذي يريده الشارع الحكيم من الناس حين شرع هذه العبادات؟ إنها المقاصد العظيمة التي تربط الناس بربهم وخالقهم وتجعلهم يفرحون ويأنسون بهذه العبادات. قال الشيخ ابن سعدي: فالعبادات إن لم يقترن بها الإخلاص وتقوى الله، كانت كالقشور التي لا لب فيها، والجسد الذي لا روح فيه.