12 سبتمبر 2025

تسجيل

ابن خلدون وأفكاره التربوية

23 مايو 2015

ما من شك أن الفكر التربوي قد احتل مكانة كبيرة عند مبدعي الحضارة الإسلامية وفكرها وعلومها وأبرز هؤلاء المبدعين عالم الاجتماع العربي ابن خلدون الذي اتسم فكره بالنظرة المستقبلية للأمور، رؤية وتمحيصاً، حتى أنه يمكن القول إن فكره سبق عصره بمراحل عديدة بل وفاق ما جاءت به النظريات التربوية الحديثة.وما بين أيدينا هو من روائع التراث التربوي لابن خلدون إزاء عالم الأطفال والصبية، تعليما وتهذيبا وتأديبا، وهو في الوقت ذاته وثيقة تربوية تخضع للدراسات النفسية والاجتماعية والإنسانية، محاولة الاستفادة منها كأصول وثوابت تربوية نابعة من فكر مستنير ورؤية صائبة فاقت، بل وسبقت في مضمونها ودعوتها التربية الحديثة وما صاحبها من نظريات تربوية فرضت نفسها على هويتنا العربية، إما عن طريق الترجمة والفكر المستورد، وإما عن طريق التقليد والمحاكاة.ومن هنا حدث التنافر، حيث لم تلق تلك النظريات الدخيلة على فطرتنا وطبيعتنا وعقديتنا، هوية لها، لا في عالم التربية، ولا في مجال التعليم.إن فكر ابن خلدون يعتبر الصفات السيئة أمراضاً اجتماعية تفتك بتلك النفس البشرية التي تتطلع وتطمح إلى ما هو أفضل، كيانا ومجتمعاً ولكنها وقعت فريسة لمثل هذا الأسلوب الأحمق والطائش في بناء الطفل وتربيته.فكان العقاب تلك العدوانية والشراسة والانتقام والقسوة، في حين أن الإسلام جعل العقاب ضربا من ضروب التأديب، الذي لا يخلو من الإقناع والمودة والرحمة والحب والتسامح، فعندما أمرنا الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم باستخدام أسلوب الضرب للصبية على ترك الصلاة في قوله صلى الله عليه وسلم "مروهم بها لسبع واضربوهم عليها لعشر" كان الضرب هنا نوعاً من العتاب التربوي المقنع والقائم على الحجة والغضب الرقيق من الوالدين، وهذا تأكيد لأن العقاب ضروب وفنون ووسائل بعيداً عن أي عواقب يكون نتاجها تلك الشخصية المشوهة في ذاتها الكارهة لمن حولها.وبالله التوفيق.