20 سبتمبر 2025
تسجيلأسبوعان فقط يفصلان عن موعد الانتخابات النيابية العامة التركية، وهي انتخابات تجري مرة كل أربع سنوات بعدما كانت تجري مرة كل خمس سنوات.منذ العام 2002 وحزب العدالة والتنمية يسيطر على الحياة السياسية في البرلمان والحكومة كما في رئاسة الجمهورية. وفي الانتخابات الأخيرة مثلا في العام 2011 نال الحزب حوالي 50 في المائة أي أكثر من مجموع أصوات كل أحزاب المعارضة.أسباب كثيرة جعلت من الناخب التركي منح ثقته لحزب العدالة والتنمية منها التنمية الاقتصادية التي وفرها لتركيا ومنها الاستقرار السياسي الداخلي بتشكيل حكومة حزب واحد وليس حكومات ائتلافية هشة عرضة دائما لخلافات وتباين الآراء ومنها تكتل الفئات المحافظة الإسلامية وراء حزب العدالة والتنمية لمنع عودة العلمانيين إلى السلطة ومنع عودة قمعهم للإسلاميين.كان حزب العدالة والتنمية يذهب إلى الانتخابات النيابية والبلدية وحتى الرئاسية مطمئنا إلى النتائج وإلى تفرده بالسلطة.غير أن الوضع الآن مختلف بعض الشيء وهذا يقرأ من استطلاعات الرأي التي قد تصح وقد لا تصح، الثابت أن حزب العدالة والتنمية سيبقى محتلا المركز الأول وبفارق كبير، الاستطلاعات تعطيه من 40 إلى 45 في المائة بينما حزب الشعب الجمهوري يليه في المركز الثاني وبنسبة تتراوح بين 25 و27 في المائة وهو فارق كبير.أما في المركز الثالث فيأتي حزب الحركة القومية اليميني المتشدد وتعطيه الاستطلاعات بين 15 و18 في المائة.حتى الآن هذه هي صورة الخريطة السياسية في البرلمان التركي الحالي.لكن الوضع هذه المرة دخل عليه عامل جديد وهو وضع حزب الشعوب الديمقراطي الكردي. وهو حزب يمثل إجمالا الخط الأوجالاني في الوسط الكردي إضافة إلى بعض التيارات اليسارية والماركسية. في الانتخابات البلدية المحلية كان الحزب الكردي المؤيد لأوجالان يحصد غالبية البلديات في المناطق ذات الكثافة الكردية وبنسبة تقارب ثلثي الأصوات يليه حزب العدالة والتنمية بحوالي الثلث وأحيانا أكثر. ويلعب العامل الإسلامي والخدماتي دورا في منح جانب من القاعدة الكردية أصواتها لحزب العدالة والتنمية ولكن حيثما أمكن يمنح الأكراد أصواتهم لمن يعبر عن قضيتهم الأساسية أي التعبير عن هويتهم القومية الكردية وهو ما يمثله حزب الشعوب الديمقراطي وليس حزب العدالة والتنمية ولا أي من الأحزاب الأخرى.لكن عندما يتعلق الأمر بالانتخابات النيابية وليس البلدية فإن الأمر يختلف جذريا. وهذا يحيل على النظام الانتخابي في تركيا والذي يشترط حصول أي حزب نسبة عشرة في المائة على مستوى تركيا ليتمكن من الدخول إلى البرلمان وإلا فإن ما يناله من أصوات يوزع على الأحزاب الأخرى الفائزة وبمعدل يتناسب مع ما نالته من نسبة مئوية في كل محافظة كان للحزب الخاسر فيها حضور.كان يصعب على الأكراد الحصول على نسبة عشرة في المائة لذا لكي يضمنوا وجود تمثيل لهم في البرلمان يترشحون بصفة مستقلين، وهو أمر يتيحه النظام الانتخابي، فكانوا يتمثلون في البرلمان ببعض النواب يقارب الثلاثين نائبا. بينما لو دخلوا الانتخابات كحزب ونالوا عشرة في المائة لكانوا تمثلوا بستين نائبا تقريبا.اليوم يخوض الحزب الكردي الانتخابات للمرة الأولى على أساس حزبي وليس كمستقلين. أي إما أن يفوز بعشرة في المائة فيحصل حوالي ستين مقعدا. أو يخسر فيخرج خالي الوفاض من أي نائب. وهنا فإن غالبية هذه المقاعد الستين ستجير تلقائيا إلى حزب العدالة والتنمية الحاضر الأكبر في المناطق الكردية بعد حزب الشعوب الديمقراطي فيما لأحزاب المعارضة الأخرى حضور ضعيف جدا.الانتظار الآن على جمرات النتائج، إذا نجح الحزب الكردي بتخطي نسبة العشرة في المائة فإن هذا سيضعف جدا آمال حزب العدالة والتنمية بتحصيل ثلثي المقاعد الـ 550 أو حتى الـ 330 صوتا الضرورية لتحويل أي مشروع لتعديل الدستور إلى استفتاء شعبي. وبالتالي تنقلب الخريطة السياسية رأسا على عقب ويدخل حزب العدالة والتنمية مرحلة من التسويات مع الأحزاب الأخرى بشأن أي قضية أساسية. وفي حال فاز الحزب الكردي وتحسنت ولو بعض الشيء نقاط الأحزاب الأخرى فإن وضع حزب العالة والتنمية سيصبح أكثر صعوبة وإن كان سيبقى الحزب الأول في البلاد.