15 سبتمبر 2025
تسجيللم يعد مناصرو " السيسي " والمدافعون عنه ينكرون أنه لا يملك برنامجا انتخابيا، ويتعللون لتبرير ذلك مرة بأنه يملك إخلاصا ورؤية (فيجن) تسدان عن أي برنامج انتخابي، ومرة بأنه " مرشح الضرورة "، وثالثة بأنه " الذكر الذي تحتاجه مصر " ورابعة وخامسة وسادسة.. المضحك المبكي أن يدافع عن ذلك رئيس مركز دراسات مقيم في أمريكا ويفترض أن لديه قدرا من الثقافة والعلمية.. ومنهم من شبهه بمحمد علي باشا الذي لم يكن لديه برنامج انتخابي.. إلى آخر هذه (الهلفتات والهتهتات) التي لا تقوم على ساق ولا تنسجم مع سياق.. وأقول: إن محاولتهم وصف السيسي بالمخلص، وتصويرهم إياه على أنه الوحيد دهره، والفريد عصره، والذي طنت بذكره الأمصار، وضنت بمثله الأعصار، وأنه الملهم والمحدّث والرسول وربما الإله والرب – حاشا لله وتعالى – محاولاتهم كلها سقطت تحت أخطائه وخطاياه وغدراته وفجراته المنثورة في أقواله وتسريباته ومقابلاته الصحفية ومزحه و " فكاكاته " وجرائمه.. ويكفي لملاحظة ذلك المرور على آخر مقابلة صحفية له استضافه فيها " إبراهيم عيسى " لتراه شخصا بائسا باهتا فهيها تائها لا يملك إجابات، ولا يدري ما يدور حوله، ولا يملك محتوى فكريا ولا حضورا ذهنيا ولا كاريزميا.. رغم أن تلك المقابلة وكما تقول التسريبات الفنية جرى عليها قبل بثها أكثر من 117 عملية منتجة وقص ولصق.. الذين يكذبون للسيسي ويتجرعون له الخطايا جريمتهم أكبر من كل جريمة بما يختزنون في وجدانهم من احتقار واستخفاف بالشعب المصري ؛ إذ يتوقعون أنه سيتقبل منهم هذا السمج الفكري والخمج النفسي! وإذ يحاولون تسويق العته والبله على بلد ال7000 سنة حضارةً! وغذ يقدمونه بديلا عن الثورة والحرية وانتخابات الحقيقية.. في فترة تتصادم فيها الأفكار وتتلاطم فيها الاتجاهات وبعد أن رأى الناس برنامج الإخوان وطموحاتهم، وفي القرن الحادي والعشرين وزمن العولمة والكوكبة والمناديات بحقوق الإنسان! أما دعوى أن صاحبهم وطني ومخلص فهي نكتة سخيفة بقدر ما هي كذبة كبيرة ؛ إلا إذا كان مقصودهم ليس الإخلاص الأخلاقي الذي نعرفه في دين الله أو في الروح الوطنية ولكن إخلاصه لهم - أتباعه وأعوانه – ولباطلهم واعتدائهم على الشعب المصري وإرادته.. وأن يقع غدره وحيفه فقط على خصومهم ؛ وإلا فهو الذي قسّم مصر الموحدة إلى مصرَيْن وربما تصير من بعد عشرا؟! وهو الذي جعل الشعب الواحد شعبين وقد يصير عشرة؟! الحقيقة أن هذا المشهد الخزعبلاتي الخرافي اللاموضوعي واللاعقلي، إنما يقع طباقا ويفهم وفاقا في سياقات ثلاثة ؛ الأول: أن مصر تسير منذ الانقلاب في الاتجاه الخاطئ ؛ بالتالي فأي برنامج طبيعي في هذه الحالة " غير الطبيعية " لن يكون إلا وعدمه سواء.. السياق الثاني: أن الذين يخاطبهم السيسي ويتقبلونه صنفان ؛ وكلاهما لا يأبهان ببرنامج ولا بفكر ؛ أحدهما صنف هم الأكثر وهم عوام الناس وأميّوهم ومعوزوهم الذين إما لا يميزون بين السيسي الحقيقي والسيسي المسمى، وإما لا يهمهم أكثر من قنينة الزيت والخمسين جنيها التي سيبيعون بها له أصواتهم.. والثاني صنف هم المثقفون وهؤلاء أيضا فريقان ؛ فريق أشبه بالعوام من حيث الوعي السياسي والنظرة الموضوعية لذاتهم ولبلدهم، وإن حملوا الشهادات والدرجات العلمية، وفريق آخر هم الذين تدهنوا بالثورة تزلفا لمغنم ؛ فلما لم ينالوه اتخذوا العسكر إلها لهم من دون الله ووليا لنعمتهم وصاروا يتقبلون منه اللامنطق واللاوعي.. السياق الثالث: أن السيسي ليس له منافس حقيقي ببرنامج جاد تفصيلي يضطره ليقدم برنامجا.. يجدر التنويه هنا إلى ما قاله الناصري " حمدين صباحي " من أن (انسحابه من الترشح سيعني أن الانتخابات تحولت لاستفتاء على السيسي) فضلا عن أن صباحي هذا هو أيضا لم يقدم برنامجا انتخابيا. آخر القول: سينتخبون السيسي ببرنامج انتخابي وبدونه.. ليس لأنه الملهم أو المخلص أو المخلّص ولا لأنه يملك رؤية ؛ فقد جربوه لعشرة أشهر مضت منذ الانقلاب ؛ ولكنهم سينتخبونه لأنهم هم ؛ هم الذين منطقهم الانقلاب، وهم الذين ضمنوا عنده مصالحهم وتسمن أرصدتهم..