18 سبتمبر 2025
تسجيللأول مرة يمر طلاب الشهادة الثانوية وأسرهم بأجواء غير عادية. إذ على رغم أن اختبارات الثانوية ولسنوات طويلة كانت وما زالت ذات رهبة، تتغير أحوال البيوت وتفرض حالة من الطوارئ قبل الاختبارات بشهر إلى آخر يوم منها، إلا أن أجواء هذا العام اختلفت تماماً، حيث غير فيروس حقير كل أنظمة وأساليب الحياة في العالم كله، حتى صار طلابنا في ظروف، لم يكن أكثر المتشائمين يتوقع أن تكون بالصورة التي نعيشها ويعيشها العالم كذلك، فكثرت تبعاً لذلك الأحاديث المجتمعية حول هذه الاختبارات والحالة المعنوية والذهنية للطلاب، التي ربما لا تساعد كثيراً في أداء الاختبارات بالصورة المأمولة. ما إن بدأ المجتمع المحلي أواخر يناير الفائت يتلقى أخبار الفيروس، الذي بدأ ينتشر من الصين إلى دول عديدة، حتى تفاجأ بخبر أول إصابة في قطر يوم الثامن والعشرين من فبراير. لكن طمأنة وزارة الصحة للناس، جعلت الحياة تسير طبيعية.. ففي مؤتمر صحفي لعدد من مسؤولي الوزارة يوم السابع من مارس الفائت، أكدوا خلاله أن ( الوضع مطمئن وأن كل مؤشرات تفشي المرض في البلاد لا تزال منخفضة، وفي الوقت الراهن لا يستدعي الوضع تعليق الدراسة ) لافتين إلى أن صحة الطلبة أولوية بالغة وأي قرار بتعليق الدراسة يتم اتخاذه تبعا للمخاطر المتعلقة بفيروس كورونا وبالتنسيق مـع وزارة التعليم والتعليم العالي. لكن لم يمض يومان على المؤتمر الصحفي لوزارة الصحة، حتى أعلن مكتب الاتصال الحكومي منتصف نهار يوم التاسع من مارس، وهو اليوم الثالث لاختبارات منتصف الفصل الثاني لصفوف النقل، تعليق الدراسة وإغلاق المدارس إلى إشعار آخر. ولم يكمل الطلاب اختباراتهم الباقية، على رغم أن عدد الإصابات يومها كان 24 إصابة فقط، وهو ما يفيد رغم ضآلة حجم الإصابات إلى ضرورة اتخاذ كل الإجراءات الاحترازية، مثل منع كل أشكال التجمعات، التي تعتبر المدارس من أكبر مواقع التجمعات اليومية، أو أخطرها على الإطلاق. أعلنت بعد ذلك وزارة التعليم، أنها ستبدأ تطبيق الدراسة عن بعد، عقب عودة الطلاب من إجازة منتصف الفصل، وسيتم التعامل بنظام التقييمات الأسبوعية والواجبات اليومية إلى حين افتتاح المدارس من جديد. وكنا جميعاً في الواقع نأمل أو نتوقع الأمر لن يطول أسبوعين أو أكثر، ولهذا وجدنا وكيل الوزارة يصرح بأن اختبارات الثانوية في موعدها وبالطريقة التقليدية ذاتها، وبالمثل كانت توصيات اللجنة العليا لإدارة الأزمات في اجتماعها الأول بخصوص اختبارات الشهادة الثانوية، وكان هذا قبل أكثر من شهر من الآن، وقت أن كانت الإصابات قد بلغت حوالي 400 إصابة. ماذا بعد الإغلاق؟ بعد منتصف مارس، تم تباعاً إغلاق المطار والمواصلات العامة ثم الكورنيش والشواطئ والحدائق العامة وجزء من المنطقة الصناعية وتعليق الصلوات بالمساجد، وقبلها بأيام المسارح ودور السينما وصالات الأفراح، وتقليص عدد موظفي الوزارات إلى 20% وغيرها من صور التجمعات.. فيما أعداد الإصابات كانت في تزايد ولكن بأعداد يومية دون المائة. أما بخصوص المدارس، فقد استقرت أمور طلاب صفوف النقل من الأول الابتدائي حتى الثاني ثانوي، واتضحت الرؤية حول كيفية إكمال العام الدراسي عبر التعليم عن بعد، وطريقة احتساب الدرجات بالتقييمات الأسبوعية والواجبات اليومية، واعتاد الطلاب تقريباً وكذلك أولياء أمورهم على الأسلوب، وإن كانوا بحاجة لمزيد تدريب وممارسة، ولكن رغم ذلك، الصورة بدت واضحة للجميع وكيفية إنهاء عام دراسي استثنائي في ظرف غير مسبوق. لكن في الوقت ذاته بدأ القلق يدب في نفوس طلاب الشهادة الثانوية وأسرهم، مع ازدياد عدد الإصابات. وبدت الصورة ضبابية، أو هكذا عند الطلاب والأهالي، وبدأت تبعاً لذلك تتصاعد مطالبات منهم لإيجاد حلول بديلة للاختبارات بالطريقة التقليدية، للحيلولة دون الاضطرار للخروج من المنازل إلى المدارس، في وقت تتكرر الدعوات الرسمية والشعبية بالبقاء في المنازل وعدم الخروج إلا للضرورات القصوى. في السياق نفسه، قمت بطرح استطلاع على منصة تويتر لمدة أسبوع، من أجل قياس رأي الشارع المحلي تجاه قضية الاختبارات والحلول البديلة في مثل هذه الظروف غير الاعتيادية. وكانت البدائل على النحو التالي: • أن يتم اعتماد نتيجة الاختبار الأول فقط. • منح درجة الاختبار الثاني وإضافتها للاختبار الأول. • إجراء الاختبار عن بُعد. • إجراء الاختبار بالمدارس كما قررتها الوزارة. شارك في الاستطلاع أكثر من 12 ألف شخص، اختار 14% منهم فقط الاختيار الأول، الذي ربما رآه كثيرون اختياراً لا ينصف كثيرين ممن لم يحالفهم الحظ باختبار المنتصف، والذين كان يحدوهم الأمل في التعويض بالاختبار النهائي. واختار 7% أداء الاختبار عن بُعد، فيما كانت النسبة الأقل وهي 3% للبقاء على الأسلوب التقليدي المعتاد، وهو أداء الاختبار بالمدارس ! وذهب 76% إلى منح الطلاب درجة الاختبار الثاني وإضافتها لدرجة الاختبار الأول، وهو في اعتقادي اختيار رأى كثيرون فيه إنصافاً وتوازناً، باعتبار أن الطالب المتفوق مثلاً في الاختبارات الأولى، سيكون في نطاق التفوق ولن يخسر شيئاً، إن لم يكن يزداد تفوقاً. وسيحصل متوسطو وضعاف الأداء على نسب أفضل لكن تبقيهم في معدلاتهم ونسبهم الطبيعية تقريباً، ولن يصل أحدهم إلى نطاق التفوق. ولعل منطقية وواقعية هذا الاختيار هو سبب حيازته على النسبة الكبرى في هذا الاستطلاع، الذي لا أشك أن غالبية من صوّت لهذا الاختيار هم الطلاب أنفسهم وربما شاركهم أولياء أمورهم ولا أستبعد كذلك مشاركة معلمين في هذا الاختيار. خلاصة الحديث حين قفزت الإصابات مع بداية امتحانات الفصل الأول ووصلت إلى 24 إصابة تم تعليق الدراسة، حفاظاً على سلامة الأبناء. واليوم وقد وصل عدد حالات الإصابة إلى 7141 حتى كتابة هذا المقال، منها 7060 حالة نشطة، ولم يبق على موعد الاختبارات التي قررتها وأكدت عليها الوزارة مؤخراً إلا 39 يوماً، لا ندري كيف سيكون الوضع حينها، فأجده أمراً يتطلب الإسراع في حسم واختيار البديل المقنع للجميع، طلاباً وأولياء أمور.. والله بكل جميل كفيل، وهو حسبنا ونعم الوكيل. [email protected] -