17 سبتمبر 2025

تسجيل

هل يسقط اتفاق اللاجئين بين تركيا وأوروبا؟

23 أبريل 2016

قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إنه ليكن معلوما لدى أوروبا أنها بحاجة إلى تركيا أكثر من حاجة تركيا إليها.كلام أردوغان جاء بعد تصريحات متعددة لمسؤولين في الاتحاد الأوروبي حول إعفاء المواطنين الأتراك من تأشيرة الدخول إلى الاتحاد الأوروبي.رئيس لجنة الاتحاد الأوروبي جان كلود جونكر يقول إنه لكي يتم إعفاء الأتراك من تأشيرة الدخول يتطلب أن تفي تركيا بكل التزاماتها وهي 72 شرطا.الأتراك لا يتهربون من هذه الالتزامات وهم يقولون إنهم أتموا تعديلات في 44 شرطا وبقي 28 شرطا.التوقعات السابقة أن الإعفاء من تأشيرة الدخول سيكون ناجزا مع شهر يونيو أي أن الوقت المتبقي لهذا الوعد هي شهر ونيف لا أكثر، لكن هل هذا الوقت كاف لتلبية باقي الشروط؟ الشكوك كبيرة جدا، وجونكير يقول إن الاتحاد الأوروبي لن يكون متساهلا في هذا المجال.الكرة دائما كانت من حيث الشكل في ملعب تركيا، لكن الأمور ليست هكذا بدقة، فمسألة إعفاء الأتراك من الفيزا ليست بالسهولة التي يظنها الأتراك، وهي ليست مسألة تقنية أو تتعلق بتعديلات قانونية هنا أو هناك.بل هي جزء من العلاقات السياسية والاقتصادية والحضارية والأمنية بين تركيا وهذا الاتحاد، وهذه العلاقات مرت منذ العام 1963 بمد وجزر محصلتها المعروفة أن تركيا رغم مرور أكثر من نصف قرن لم تتقدم خطوة واحدة لتكون عضوا كامل العضوية في الاتحاد الأوروبي بينما نجحت دول كانت عدوة للاتحاد بل شيوعية في أن تكون عضوا خلال أقل من عشر سنوات على بدء المحادثات معها مثل بولونيا وبلغاريا ورومانيا وتشيكيا وسلوفانيا وهلم جرا.الاتفاق بين تركيا والاتحاد الأوروبي قبل أسابيع قليلة كان حول اللاجئين ولاسيَّما السوريين حيث تم الاتفاق على إعادة اللاجئين من اليونان إلى تركيا على أن ترسل تركيا مقابل كل لاجئ تستقبله لاجئا إلى أوروبا ومساعدات بقيمة 6 مليارات يورو والسماح للأتراك بالعبور إلى أوروبا من دون فيزا بدءا من يونيو.اليوم وحبر الاتفاق لم يجف لا تجد تركيا من يقف بحماس إلى جانبها سوى ألمانيا التي تبقى المقصد الأول للاجئين، وانجيلا ميركيل لا تريد أن تتجدد أزمة اللاجئين وتدفقهم من جديد إلى ألمانيا خصوصا أن إقفال الباب بوجههم يحرج ألمانيا ويظهرها مخالفة للاتفاقات الدولية بشأن سياسة الباب المفتوح للحالات الإنسانية والهاربين من الحروب.دول الاتحاد الأوروبي لا تريد أن تفتح أبوابها بلا حدود وضوابط أمام اللاجئين، هم سيشكلون عبئا على هذه البلاد بل سيثيرون مشكلات اجتماعية وأمنية ليست هجمات باريس وبروكسل سوى أحد نتائجها.المشكلات الأمنية والاجتماعية التي يثيرها اللاجئون ستكون من أكبر العقبات أمام قبول دول الاتحاد الأوروبي بإعفاء المواطنين الأتراك من تأشيرة الدخول، فليس من يضمن أن يكون بين المواطنين الأتراك من هو غير تركي بهويات مزورة، علما أن كثيرا من الجماعات الإرهابية الموجودين في الدول الأوروبية هم من أبناء هذه الدول ويحملون جوازات أصلية، وهو ما تبين من هجمات باريس وبروكسل الأخيرة.لكن في الوقت نفسه فإن من أكبر العقبات أمام إعفاء الأتراك من الفيزا هو أن اليمين الأوروبي يشن حملة إعلامية سلبية ضد تدفق اللاجئين، ويشهد هذا التيار نموا كبيرا في الآونة الأخيرة، والحكومات الموجودة الآن في السلطة ليست في وارد التضحية بسلطتها من أجل عيون لاجئين من سوريا وأفغانستان وبنغلاديش والعراق وليبيا.أيضا فإن أوروبا تتخوف من أن يهاجر عدد كبير من أكراد تركيا إلى أوروبا بسبب الاشتباكات بين الدولة التركية وحزب العمال الكردستاني، وهو ما سيخلق توترات أمنية بين المهاجرين الأتراك من أصل تركي وكردي.مع ذلك تبقى برأينا العقبة الأساسية هي البعد الحضاري من العلاقة بين أوروبا وتركيا ورغبة الأوروبيين في أن يبقوا بمنأى عن التأثيرات الحضارية الإسلامية في المجتمعات الأوروبية وهي تأثيرات تنظر إليها أوروبا على أنها سلبية. من هنا يأتي تهديد أردوغان من أنه إذا لم يف الاتحاد الأوروبي بالتزاماته فإن تركيا لن توقف تدفق اللاجئين إليه.