17 سبتمبر 2025
تسجيلالثورة الليبية كشفت عن عدة أمور كانت غائبة عن الشعب العربي ولعل من أهمها وأبرزها أن الشعب الليبي شعب عربي عريق ومقاوم وبطل بكل ما تعنيه هذه الكلمات من معان وأن هذا الشعب يملك من الأصالة والجذور العربية العريقة ما يؤهله أن يكون مصدر فخر واعتزاز لكل عربي من المحيط إلى الخليج فقد أثبت أنه شعب شجاع ومقاوم وله من ابنه الشهيد عمر المختار القدوة في هذه الشجاعة والبسالة الذي سجل التاريخ اسمه بكل فخر واعتزاز عندما قاوم المستعمر الإيطالي ورفض الاستسلام حتى تم شنقه على محراب الحرية والاستقلال وأكد مقولته المشهورة "نحن شعب لا نستسلم ننتصر.. أو نموت". الحقيقة الثانية التي كشفت عنها الثورة الليبية أن نظام القذافي وأبنائه أهملوا ليبيا وحرموها من التقدم والازدهار رغم تلك المليارات التي تحصل عليها ليبيا من البترول والغاز حيث لم نشاهد أي نهضة أو تقدم أو تطور في المدن الليبية، بل شاهدنا قرى وأحياء شعبية فقيرة ومعدمة. أما الحقيقة الثالثة وهو الأهم أن القذافي بعيد عن الشعب الليبي والشعب الليبي بعيد عنه، بل إنه عدو لهذا الشعب والشعب يكرهه ولا يكن له أي تقدير أو احترام رغم أنه حكم هذا الشعب حوالي اثنين وأربعين عاماً وهذا الزمن كاف لأن يكون هذا الشعب قد تشبع بأفكاره وأهدافه، لكن هذا الشعب ثار عليه ورفض حكمه الاستبدادي وهذا دليل على فشل القذافي في كسب محبة وود واحترام هذا الشعب وهذه الحقيقة كشفت عنها الثورة عندما لم نجد من يقف مع القذافي وأسرته سوى بعض الأطفال وبعض المرتزقة ومعهم بعض المنافقين والمستفيدين، بينما بقية الشعب الليبي انحاز إلى الثورة وحمل السلاح ضد القذافي بعد أن بدأ ثورته بأسلوب سلمي حضاري لكن القذافي قابل هذا الأسلوب الثوري السلمي بالرصاص والقتل والإبادة. ومما يؤكد أن القذافي أصبح عدواً للشعب الليبي ويحاول إبادته بكل ما يملك من سلاح اشتراه بمال الشعب وللدفاع عن هذا الشعب غياب أي تأييد شعبي له في عدوانه فكل المدن الليبية لم نشاهد أي مظاهر تأييد له، بل شاهدنا أن أهالي هذه المدن ينضمون إلى الثورة ويحملون السلاح دفاعاً عن أنفسهم وعن ثورة الشعب مما دفع القذافي إلى تجنيد "المرتزقة" من غير الليبيين، بل من غير العرب للدفاع عن نظامه ولقتل وإبادة شعبه، وهذا ما أكدته بالأمس صحيفة "ديلي تلغراف" عندما ذكرت في عددها الصادر يوم الخميس الماضي أن نظام العقيد معمر القذافي أنفق حوالي 3.5 مليار دولار على استئجار المئات من المرتزقة من شمال إفريقيا للمساعدة في هزيمة قوات المعارضة. أضافت هذه الصحيفة أن نظام القذافي حبذ 450 مقاتلاً من منطقة الصحراء الغربية المتنازع عليها وأن كل مرتزق تلقى 10 آلاف دولار للقتال مع كتائب القذافي لمدة شهرين وذكرت الصحيفة أيضا أن مسؤولين ليبيين حبذوا أيضا العشرات من المقاتلين من حركات التمرد في النيجر ومالي. أمام هذه الحقائق لابد لنا أن نقول إن الثورة الليببية ستنتصر لأنها ثورة شعب يقاتل مرتزقة ويقاتل حاكماً دكتاتورياً متسلطاً أهان كرامة شعبه وأفقره وحرمه من أبسط مقومات الحياة في الحرية والديموقراطية والعيش الكريم، لكن بعض الأصوات التي بدنا نسمعها من بعض الثوار تدعو إلى القلق خاصة تلك الأصوات التي تطالب بالتدخل العسكري البري في ليبيا وهذا بحد ذاته يعتبر مقتلاً للثورة ويهدم أركانها ويفقدها الشعبية سواء في ليبيا أو في الوطن العربي فالتدخل الأجنبي، خاصة الغربي عسكرياً ووجود قوات برية على الأرض الليبية هو بمثابة احتلال عسكري أجنبي لبلد عربي وهذا مرفوض ثورياً ومرفوض شعبياً ومرفوض وطنياً ثورياً مرفوض شعبياً مرفوض ووطنياً وقومياً مرفوض لأن مثل هذا التدخل العسكري البري سيكون له ثمن والثمن سيكون التبعية للغرب وهذا يعني أن الثورة فشلت في تحقيق أهدافها في الحرية والديموقراطية والاستقلال. أما الخطر الأكبر من التدخل العسكري البري الغربي في ليبيا هو ما سوف يستخدمه القذافي من سلاح بقوله إنه يقاتل الاستعمار الجديد الصليبي كما يدعي اليوم، وهذا بحد ذاته سيعطي للقذافي وأعلامه ومرتزقته فرصة للادعاء بالوطنية وبالدفاع عن ليبيا أمام الأطماع الاستعمارية لهذا نرجو عدم إعطاء القذافي مثل هذا السلاح ورفض أي تدخل عسكري بري غربي في ليبيا ونقول لبعض الإخوة الذين يطالبون بالتدخل العسكري البري الغربي لا تصنعوا من القذافي بطلاً.