01 نوفمبر 2025
تسجيلفي سرية مؤتة التي بعثها النبي صلى الله عليه وسلم من أجل تأديب عرب الشام التابعين للإمبراطورية الرومانية، اختار ثلاثة من الصحابة لقيادة الجيش على التوالي.. زيد بن حارثة ثم جعفر بن أبي طالب وأخيراً عبدالله بن رواحة. استشهد الثلاثة، وسقطت راية رسول الله صلى الله عليه وسلم من ابن رواحة، ولكن رفعها على الفور الصحابي ثابت بن أقرم العجلاني، ونادى في الناس أن يختاروا قائداً للجيش، فقالوا: أنت أميرنا، لكنه رفض، رغم قدراته القتالية، ومشى بالراية الى خالد بن الوليد، الذي رفض وقال: والله لا آخذها منك، وأنت أحق بها وطلب من ثابت الاحتفاظ بالراية وقيادة الجيش، لكن ثابتاً قال لخالد: والله ما أخذتها إلا لك.الشاهد من القصة أن الصحابي ثابت، رغم أنه كان على المستوى الذي يؤهله لتولي زمام أمر جيش المسلمين ويكون قائداً في ذلك الظرف، وجد أن رجلاً عسكرياً قيادياً مثل سيف الله المسلول لا يجب أن يتخطاه أحد، ووجده هو الأكفأ والأجدر بتولي زمام الجيش وقيادة المسلمين، فذهب وأعطاه الراية رغم رفض خالد استلامها في البداية، ولكنه بعد الإلحاح من ثابت، وإدراكه لأهمية اتخاذ القرار في وقت عصيب كالذي مر على جيش المسلمين أمام جحافل الروم، تولى إمرة الجيش وقاده الى بر الأمان كما هو معلوم عن قصة سرية مؤتة.إن مثل هذه الحوادث التاريخية إنما هي دروس عملية في الإدارة، وأهمية أن يتصدر أهل الكفاءة والخبرة للمهام والوظائف العظيمة، فإن العكس لا يأتي بخير، لا على الشخص نفسه ولا على الجهة التي يعمل لها، ويحل الفساد وينتشر.. وفي الحديث الشريف ما يؤكد هذا المعنى، حين سأل أعرابي عن معنى قوله صلى الله عليه وسلم "فإذا ضُيعت الأمانة فانتظر الساعة". قال: كيف إضاعتها؟ قال: "إذا وسد الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة".. إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد.