12 سبتمبر 2025
تسجيلالتفاعل الإيجابي الشعبي الذي حدث إبان أزمة سحب السفراء في دول مجلس التعاون الخليجي لا يجب أن يمر مرور الكرام. بل يجب الوقوف عنده، ودراسة أسبابه وتأثيراته على عمليات صناعة القرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي في المنطقة. ما إن أعلنت الدول الشقيقة الخليجية الثلاث سحب سفرائها من دولة قطر، حتى تشكلت مجموعات وفرق عمل شعبية، دون مضامين رسمية، بل حتى لم تنتظر الإذن من حكوماتها. وبادرت بسرعة البرق في تخفيف القلق، وفي تبسيط المسألة، بل حتى سعت لتفريغ ذلك القرار السياسي المفصلي في العلاقات الخليجية الخليجية من مضمونه. مما أجبر كثير من المحللين، والسياسيين، أن يقفوا مندهشين تجاه هذا التفاعل الشعبي، والذي أظهر رغبة عارمة بالتماسك والثبات، وبأن هذا الخلاف الذي قد يحدث في البيت الواحد إنما هو خلاف عابر بإذن الله. وأود في هذه المناسبة أن أشيد أيضاً بالدور الرسمي في دول مجلس التعاون الخليجي. فتصريحات عمان الرسمية بأن قطر دولة شقيقة ولا يمكن أن تكون يوما مهددة لأمن الخليج العربي، وبأن هذا الخلاف هو خلاف عابر. والأمر ينطبق على الكويت، والذي قطع حكيمها رحلته العلاجية لتدارك أمر الخلاف الخليجي الخليجي، والعمل على احتوائه. كما بادرت المملكة العربية السعودية بإصدار تعميم إلى وسائل إعلامها بعدم التطاول على الأسرة الحاكمة في دولة قطر، أو الشعب القطري. وخرج وزير خارجية مملكة البحرين بتصريح إيجابي قال فيه" بأن هذا الخلاف يجب أن يبقى خلافا سياسيا، ويتم التعامل معه من قبل السياسيين في الدول الخليجية ولا يجب أن يصل إلى الشعوب". والحال كذلك في قطر، فهدوؤها وحكمة قائدها، وتصريحات وبيانات حكومتها كلها أكدت بأنه لا غنى لها عن هذه المنظومة الخليجية. هذه الحكمة الخليجية سواء على المستويات الرسمية، أو الشعبية كفيلة بإذن الله أن تجعل من هذه المشكلة سحابة صيف. فأهل الخليج حكاما ومحكومين يعرفون جيدا أهمية توحيد مواقفهم. على أن تكون هذه المواقف مبنية على العدل، والأخوة الإسلامية، والروابط الاجتماعية المعززة للعلاقات الإيجابية. وسيكون من نتائجها بإذن الله استقرار سياسي، وأمني، واقتصادي، واجتماعي ليس في المنطقة فحسب، بل في عموم العالمين العربي والإسلامي.أمثلة عديدة قدمها أبناء الخليج في هذه الأزمة، أكدوا من خلالها أن خليجنا واحد، وشعبه واحد، ومصيره واحد، ورغبة شعوبه نحو الوحدة هي رغبة أصيلة لامناص منها. فقد قدم الخليجيون في هذه الأزمة الأناشيد الجميلة، وكتبوا الأشعار الرصينة، وخطت أيديهم الرسومات المعبرة، واستثمروا أدوات التواصل الإعلامية التقليدية، والاجتماعية للتعبير عن شعورهم الأخوي نحو بعضهم البعض. والحق يقال إن العديد من الشعوب العربية والإسلامية الأخرى، ساهمت أيضاً بشكل إيجابي في هذه الحملة الشعبية المسؤولة، لأن العديد منهم يرون في تماسك دول مجلس التعاون خيرا للأمة جمعاء. فأيادي أهل الخليج كانت دائما بيضاء، حكاما ومحكومين، ووصلت إلى أقصى الشرق والغرب، والشمال والجنوب، وأي خلل يحدث في هذه المنطقة الإستراتيجية المهمة لا قدر الله، ستتأثر تلك الدول أيضا. اللهم احفظ خليجنا، وحكامنا، وشعوبنا، واحفظ سائر بلاد المسلمين.* المشرف العام على الشبكة الإقليمية للمسؤولية الاجتماعية