14 أكتوبر 2025
تسجيلقبل عامين تقريباً، قام اتحاد الطلاب اليهود في فرنسا برفع شكوى ضد "تويتر" بسبب قيام أفراد بنشر تغريدات مسيئة لليهود، وطالب الاتحاد من محكمة باريس اصدار حكم قضائي يجبر "تويتر"، ليس على مسح أكثر من 350 ألف تغـريدة مسيئة لليهود فحسب، بل والكشف عن هوية المغردين، وبالفعل استجابت المحكمة وأصدرت قراراً أيد الشكوى وأعـطت مهلة اسبوعين لموقع "تويتر" لتطبيق القرار. لم يستجب "تويتر" للقرار وتجاهل الحكم، كعادة الأمريكان، لكن اتحاد الطلاب اليهود وبعد مضي أكثر من شهـرين على صدور حكم المحكمة، قام بفتح دعوى طلبت فيه تغريم "تويتر" حوالي 38 مليون دولار كتعـويضات، وهدد الاتحاد كذلك بفتح دعوى أخرى ضد رئيس مجلس إدارة "تويتر"، وهكذا ومع هذا التصعيد، انصاع "تويتر" لقرار المحكمة الفرنسية، وقام بمسح كل التغريدات المسيئة لليهود مع التبليغ عن هويات ناشريها أيضاً! إذن ما قام به السيد أردوغان ضد "تويتر" قبل أيام ليس بالبدعة وليس فيه ديكتاتورية، كما شاع خلال الأيام الماضية في وسائل التواصل الاجتماعي.. فالرجل طالب "تويتر" بتنفيذ حكم محكمة تركية بحذف روابط فيها انتهاكات للقوانين التركية، وخاصة لو علمنا بأن هناك شرط في اتفاقية المستخدم لموقع "تويتر" وهو على الأغلب لا يقرأه كثيرون، ينص على التزام المغرد بالقوانين المعمول بها في بلده. أردوغان لم يطلب إذن المستحيل من "تويتر"، ولم يصعّد الأمر كثيراً ليصل الى تعويضات وغيرها كما فعل اتحاد الطلاب اليهود. كما أن تهديده بحجب "تويتر" عن تركيا لم يقصد من ورائه الإضرار بشعبه، والحجب لم يكن شاملاً إنما جزئياً، وهو يدرك أن الحجب ليس أمراً سهلاً وبإمكان أي أحد اختراق جدران الحجب ودخول أي موقع يشاء، ولكن أراد بالتهديد، تسجيل موقف أمام العالم كله، كما فعل يوم أن وبّخ "بيريز" أمام العالم على خلفية قيام "اسرائيل" بانتهاكات خطيرة كعادتها ضد غزة وشعبها. خلاصة الحديث.. هذا العالم يسير وفق قانون القوي، أو إن صح التعبير، القوي يفرض رأيه، وهذا الحاصل اليوم تماماً، وبوتين وقرار ضم شبه جزيرة القرم أحدث الأمثلة وليس آخرها، فما العيب فيما قام به أردوغان؟ لاشيء سوى أنه فهم منطق الغرب وأقوياء العالم، فهو يطبق المنطق الغربي هذا قدر المستطاع، لكي يحترم العالم بلاده كما يفعل الأقوياء مع الغير، وهو ما نفتقده كثيراً في العالم العربي.. أليس كذلك؟