13 أكتوبر 2025

تسجيل

نهاية الاستعمار.. وبداية النهضة

23 فبراير 2014

مقاومة الاستعمار مازالت قائمة, صحيح أننا أصبحنا نرى نهاية النفق وبداية النور, لكن تراجع القوى الكبرى مثل بريطانيا وفرنسا والآن أمريكا, في الآونة الأخيره تبين بلا شك أننا ندخل منعطفا جديدا, وما الربيع العربي إلى المخاض الأخطر على الأمة وتشكلها, ومازالت ثنائية القومية والإمبريالية محط الصراع وإن ألقت بظلال ثنائية الطائفية وجدلية التطرف والإرهاب والاعتدال , لا زلنا نرسخ تحت الثقافة الاستعمارية, وهذا شر لابد منه وهو آخر ما يمكن التخلص منه, وفي البداية لا حرج في التقليد فهو أهم ملكة لدى الإنسان, ونحن اليوم وحتى في أفضل إبداعاتنا نحن نقلد الآخر خاصة الغرب, ولكن وكما سبق القول إن التقليد أهم مهارة يملكها الإنسان, فهو من مولده يبدأ تقليد الأصوات حتى يكتسب مهارات اللغة, وبعد ذلك يقلد أفضل الأعمال وبعد ذلك ينتج أعمالا فريدة وليدة ذاته وثقافته وميوله وقدراته الكامنة, ونحن بصدد الدخول في أي لحظة فضاء العطاء الخالص والأصيل, كل الفنانين والكتاب والعلماء تتلمذوا على أيدي من قبلهم ومن سبقهم, وقلدوا أفضل أعمالهم ولكن مع اكتساب المهارات والمعرفة يتقدمون على من قبلهم, ودائما ما يكون الطالب أفضل من معلمه, وهكذا تطورت الحياة ولو لم تكن هذه حقيقة لما تطور التاريخ والتكنولوجيا وكل العلوم, التاريخ يعلمنا أننا سنصبح أفضل من معلمينا, وهكذا وعد المستقبل, سنكون الأفضل بعد فترة التقليد ومراحل اكتساب المعرفة, وقد أوغلنا في تعلم واجتباء كل ما ينتجه الآخر, ولكن هناك مؤشرات ومبادرات تعطي حسا بالرجوع للأصالة الذاتية, وبالمنتج الذاتي وهي مؤشر آخر على الثقة بالنفس وأننا نملك ما يؤهلنا للنجاح, وكأمثلة المشاريع العديدة التي تتبناها قطر وخاصة ما له علاقة، إما بالعقار أو بالماركات العالمية أو بالمبادرات الذاتية, كما هو الحال بمحالات كرك جباتي , فالمبادرة تعني الثقة وأننا قادرون على تحقيق النجاح, صحيح أننا نحتاج للمهارات والمعرفة التي يملكها الغرب ولكن الأدوات والمهارات يمكن اكتسابها, والبناء عليها واستخدامها كمنصة للانطلاق, لتحقيق التنمية والنهضة, لقد قام اليابانيون بتقليد الأمريكان قبل أن يحققوا النجاحات التي جعلت من اقتصادهم الاقتصاد الثاني بعد أمريكا مع أنهم جزيرة محدودة الموارد وعدد سكانهم لا يتجاوز مائة وخمسة وخمسين مليون نسمة, في الوقت الذي تملك الأمم الأخرى من عدد السكان أضعافا ومن الموارد الكثير, لقد أتقن اليابانيون تقليد كل ما هو غربي حتى أصبحوا أفضل من الغرب في مهارات الغرب والتصنيع, وبعد ذلك وبعد أن تمكنوا من المهارات والمعارف شقوا طريقهم حتى جاء الوقت الذي بعث الأمريكان وفودا للتعلم من اليابانيين وهي حركة التقليد المرتد, خاصة في دوائر الجودة وأساليب الإدارة والإنتاج, مثل الإنتاج في وقته والأساليب اللوجستية, والتنسيق بين الموردين والمنتجين, وهكذا قلد الأمريكان اليابانيين في كل شيء حتى في إدارة المخازن وغيرها, ولذلك لا حرج من التقليد لأنه مرحلة ما قبل الإبداع , وإن كنا في المراحل الأخيرة من التخلص من الاستعمار وهي إزاحة الاستعمار الثقافي, إلا أننا لابد أن نمر في الانتقال من التبعية إلى الإبداع من بوابة التقليد وإتقانه, ومما لا شك فيه أننا في مرحلة خطيرة في تاريخ الأمة يصعب معها سبر أغوار تطورات المستقبل, إلا أنه من الطبيعي أن ينتهي هذا المخاض العسير في تطورات تدفع بالأمة لمصاف التحولات المستقبلية, فالأمة الآن تتجه لاستيعاب المتغيرات البيئية من حولها, وتكييف نفسها مع ما قد يفتحه الزمن في مستقبل الأيام.. لم أر في تاريخ الأمة زمنا تواجه فيه الأمة ذاتها كما تواجهه اليوم, من أشباح الماضي التي تلقي بظلالها على واقعنا اليوم وكأنها بنى لا تستطيع الأمة التخلص منها, ومن ماض قريب تشوهه ثقافة الاستعمار, ومن ماض لا زالت تعلق به بعض النفوس الحاقدة, والتي لا تزال ترى أن وحدة الأمة تهدد مصالحها, محاولات تفريق الأمة وتجزئتها لن تنجح, بل العمل الدؤوب على ربط الأمة وإن كان بطيئا إلا أنه أفضل تقليد للاتحاد الأوروبي, فإن كنا قد قلدنا كل ما رمى به الاستعمار فالأحق أن نقلده في وحدة بلدانه وإن كان أقل قدرة منا على تحقيق وحدته, فلا حرج في التقليد لتجسير الهوة بين الواقع والمستقبل بين تشاؤم الحاضر وأمل المستقبل.