18 سبتمبر 2025

تسجيل

نظرة على ما يجري في بورصة قطر من تحولات

23 فبراير 2014

لا يستطيع أي مراقب للتطورات المالية في قطر أن يغفل ما يحدث في بورصتها من فوران غير اعتيادي، قياساً بما كان يحدث في السنوات الخمس الأخيرة، فالمؤشر العام قد اقترب يوم الخميس من مستوى 12 ألف نقطة بزيادة بنسبة 14% عن بداية العام وبنسبة 35% عن نفس الفترة من فبراير عام 2013، وحجم التداول اليومي بات في الأسبوع الأخير يعادل 828 مليون ريال بعدما كان متقوقعا دون 300 مليون ريال في أغلب الجلسات، والرسملة الكلية للسوق قد ارتفعت إلى مستوى قياسي هو 624 مليار ريال بزيادة تفوق المائة مليار ريال في سنة، وعدد الشركات المدرجة في البورصة سيرتفع هذا الأسبوع إلى 43 شركة بعد أن ظل جامداً عند 42 شركة منذ عام 2010. إضافة إلى ما تقدم، فإن أسعار أسهم كثير من الشركات قد خرجت من نطاقها الضيق الذي ظلت حبيسة فيه لسنوات؛ فسهم الريان يتجاوز 40 ريالاً، وسهم صناعات وصل إلى 197 ريالا والوطني 199 ريالا، ووقود 329 ريالا، والكهرباء 194 ريالا، والملاحة 100 ريالا والدولي 75 ريالا، وأريدو 159 ريالا والرعاية 66 ريالا. وكانت التبريرات التي تقدم لذلك كله أنها قد تكون ارتفاعات مصطنعة تتزامن مع حدث مهم هو الاكتتاب في أسهم مسيعيد، وإدراجها في البورصة، أو أنها طبيعية في مرحلة الإفصاح عن النتائج مع الإعلان عن توزيعات كبيرة غير مسبوقة لبعض الشركات كما حدث مع صناعات.وقد يقارن أصحاب هذا الفريق بين العائد من توزيعات الأسهم وبين معدلات الفائدة على الودائع التي لا تغطي نصف مصارف الزكاة.. ورأى فريق ثالث أن ما حدث كان نتيجة لمشتريات المحافظ الأجنبية المكثفة من الأسهم استباقاً لقرار الترفيع الرسمي لبورصة قطر إلى بورصة ناشئة.ورغم أن هذه الموجة من الارتفاعات قد تكون محصلة لأكثر من عامل من هذه العوامل أو كلها مجتمعة، فإن التبرير الأخير عن فعل المحافظ الأجنبية وجد صدى قوياً عندي خاصة أن ما حدث في بورصة قطر قد حدث بشكل مماثل أو أكثر في بورصتي دبي وأبو ظبي.وأياً ما كانت التبريرات، فإن ما حدث يبشر بعودة قريبة لآلاف المتعاملين من داخل قطر الذين لديهم حسابات مجمدة لدى الوسطاء، وهذه العودة المرتقبة هي الكفيل بالإبقاء على أداء البورصة قوياً ونشطاً في المرحلة القادمة.. الجدير بالذكر أن المحافظ الأجنبية مثلما تأتي بقوة فإنها تخرج بقوة وتتسبب في حدوث خسائر كبيرة للمتعاملين. وكمثال على ذلك نجد أن شركة "بلاك روك"، أكبر شركة لإدارة الأصول في العالم، قد خفضت حيازتها للأسهم في الأسواق الإماراتية من 13.4% في نهاية ديسمبر إلى 9.1% في نهاية يناير. وجاء التخفيض على خلفية ما وصفته الشركة بعمليات مضاربة مبالغ بها في بورصتي الإمارات، وكان المؤشر العام لسوق دبي قد ارتفع بنحو 24 % منذ بداية العام الحالي، فيما ارتفع سوق أبو ظبي للأوراق المالية بنسبة 14 % خلال نفس الفترة. والعودة المطلوبة لبورصة قوية في قطر تتطلب زيادة ملموسة في عدد الشركات المدرجة بما يتناسب مع مكانتها الجديدة. هذه الزيادة تحتاج بدورها إلى إعادة تقييم لمتطلبات الهيئة من الشركات الراغبة في الإدراج، وقد لفت انتباهي بهذا الخصوص ما نشره موقع منتديات الأسهم القطرية قبل أسبوع من مقارنة بين اكتتاب مسيعيد في قطر واكتتاب أسهم شركة المزرعة في السعودية، حيث إن اكتتاب الأخيرة استمر لمدة أسبوع واحد فقط من 21 إلى 28 يناير، رغم أن عدد المكتتبين فيه قد بلغ 1.4 مليون مكتتب أو 7 أمثال المكتتبين في أسهم شركة مسيعيد، وأن الإدراج والتداول قد تم مع ذلك بالفعل بعد أقل من ثلاثة أسابيع من إقفال الاكتتاب، بينما إدراج أسهم مسيعيد سيتم يوم 26 فبراير، أي بعد 5 أسابيع من انتهاء عمليات الاكتتاب. هذه المقارنة البسيطة تُعطي مثالاً على ما يجب فعله من تطوير للإجراءات في بلد يتمتع بأعلى نسبة تغطية للإنترنت في العالم، أي لا تنقصه التقنيات بأي حال من الأحوال.ومن جهة أخرى، نجد أن أكثر من ثلث عدد الشركات المدرجة لا تزال تعاني من مشاكل ما بصورة أو بأخرى، الأمر الذي انعكس سلباً على أسعار أسهمهما في البورصة فلم ترتفع بقوة كما حدث مع الشركات القيادية، أو أن بعضها قد انخفض في نفس الفترة، ونذكر من ذلك ناقلات وأعمال ومزايا والطبية والمتحدة، وقطر وعمان والخليجي وبعض شركات التأمين وأزدان وودام.وتظل نقطة أخيرة تتعلق بإدراج أسهم شركة مسيعيد والسعر المرتقب له يوم الإدراج، حيث تصاعدت نبرة التوقعات في الأيام الأخيرة وانتشرت رسائل عبر "الواتس أب" تدعو المساهمين للحفاظ على السهم وعدم التفريط فيه بأقل من 90 ريالاً للسهم، ومع وجاهة المبررات التي ساقها أصحاب هذا الرأي، إلا أنها لا تخرج عن كونها تكهنات، وقد نعود للحديث عن هذا الموضوع في مقال الأسبوع المقبل، بحول الله.