13 سبتمبر 2025
تسجيللا شكّ أن الخلاف الناشب حالياً بين مؤسسة الرئاسة، ومن خلفها حزب الحرية والعدالة وجماعة الإخوان المسلمين، وبين حزب النور السلفي على خلفية إقالة مستشار الرئيس عن حزب النور الدكتور خالد علم الدين أضرّت بالمشروع الإسلامي "المشروع- الحلم" كما يحلو لتيارات الإسلام السياسي في مصر تسميته، إضراراً بالغ الأهمية قد لا تدرك آثاره في المستقبل المنظور. ربما يقول البعض: إن انفراط تحالفات سياسية ونشوء أخرى أمر طبيعي في عالم السياسة. هذا حق لو كان الأمر جرى كما تجري العادة في ولادة التحالفات السياسية ومماتها، لكن لو تتبعنا حيثيات الإقالة، فيما رشح منها على الأقل، نجد أنفسنا أمام آلية غير سليمة في التعاطي مع الأمور داخل مؤسسة الرئاسة. بيان شديد الضبابية صدر من مؤسسة الرئاسة أثار أسئلة أكثر مما قدم أجوبة.. قيادات في الإخوان والحرية والعدالة قالت إنها لم تكن علم بما أقدم عليه الرئيس مرسي، ولم تطلع على حيثيات الموضوع. بعضٌ منها، وهو الدكتور محمد البلتاجي، طالب الرئيس إما بالاعتذار أو إظهار ما لديه من تحقيقات بحق علم الدين، والمفارقة أن البلتاجي عقب على قوله السابق بأن لديه علم بحيثيات الإقالة دون مزيد من التوضيح.. مفارقة أخرى، فالدكتور البلتاجي ليس عضواً في مؤسسة الرئاسة، ولا يملك أيّ صفة رسمية تخوله الإطلاع على مقررات الرئاسة، وما يدور بين الرئيس ومستشاريه، فمن أين له الحق بالإطلاع على ما ادعى أن له علم به؟ الرئاسة لم تقدم أي شيء ممّا وعدت به بحق الدكتور علم الدين حتى اللحظة، وهو أمر سُرّ له خصوم التيار الإسلامي كثيراً الذين انقسموا ما بين شامتين بما آلت إليه الأمور بين النور والإخوان، وبين نافخ الكير لزيادة الفرقة، ليس حباً في النور ولا حرصاً على نصرة مظلوم. الأدهى مما سبق كلام الدكتور محمد فؤاد جاد الله المستشار القانوني للرئيس أمام "الهيئة الشرعية" التي دخلت على خطّ الوساطة بين النور والرئاسة، التي أرادت أن تطلع على الملفات والمستندات التي تدين علم الدين حيث كان ردّ جاد الله " الأدلة موجودة ولكن تحتاج إلى وقت للكشف عنها لأنها قضايا تمس الأمن القومي وتحتاج إلى إجراءات قانونية لكشفها على الرأي العام" وفقاً لما نقلت صحيفة المصريون الأربعاء الفائت.. فهل يعقل أن أخطاء علم الدين وفساده وصل إلى مستوى يهدد معه "الأمن القومي المصري"، وإذا كان كذلك لماذا تمّ السكوت عليه إلى اليوم؟، لماذا لم تقدمه الرئاسة للقضاء؟ أو، على الأقل، للحزب الذي ينتمي له علم الدين حتى يتخذ بحقه إجراءات عقابية، لأن خطره على حزبه وعلى المشروع الإسلامي برمته سيكون كبيراً، وهذا أقل الواجب نزولا عند القاعدة الشرعية "الضرر يزال "!. لم تفعل الرئاسة لا هذا ولا ذاك، وهو ما زاد الإحراج إحراجاً، وجعل التحليلات تذهب بعيداً عن أخلاقيات الإسلام السياسي في التعاطي، وهو ما يشكل غمزاً ولمزاً من قناة جماعة الإخوان المسلمين.. إن الجرح الذي أصاب حزب النور قد يجعله يعتقد بصدقية من يهمسون في أذنه أن جماعة الإخوان كانت وراء الانشقاق الذي ضرب الحزب بخروج رئيسه عماد عبدالغفور منه وتأسيسه حزب الوطن لأسباب انتخابية قادمة، أو أن الإخوان ممتعضون من تقارب وجهات النظر بين جبهة الإنقاذ وحزب النور الذي يقود مبادرة صلح بين المعارضة والرئاسة. القلق يزداد من أن تكون الأمور داخل مؤسسة الرئاسة لا تقل فوضى عما يعيشه الشارع المصري، وأن أغلب القرارات تُتخذ بطريقة عشوائية في مؤسسة الرئاسة في الوقت الذي يُكثر فيه المتحدثون باسم الرئاسة عن وجود جهات تتآمر على مرسي والإخوان ومصر لإفشال العملية الانتقالية من الثورة إلى الدولة.. أميل شخصياً إلى الاقتناع بوجهة نظر الإخوان بوجود مؤامرة، لكن هل من مبرر لانعدام الشفافية التي وعدت بها مؤسسة الرئاسة أو التعنت غير المفهوم والرفض التام لبعض المطالب المرفوعة من قبل المعارضة، مثل تشكيل حكومة وفاق وطني تهدئ الشارع وتجري انتخابات برلمانية وتحول دون تزايد دعوات للعصيان المدني في أكثر من محافظة؟