31 أكتوبر 2025

تسجيل

داعش في العراق وسوريا هذا العام

23 يناير 2016

تتوقع مراكز الدراسات الاستشرافية أن يكون العام 2016 على درجة مماثلة من السوء والتأزم التي طبعت العام المنفرط عقده أو ربما يكون أكثر سوءا، إذ إن مؤشرات الأحداث في سوريا والعراق تشي بمزيد من التأزم خلال الشهور القادمة.عقب سيطرة الجيش العراقي على وسط مدينة الأنبار بعد انتزاعها من تنظيم داعش، وعد رئيس الحكومة حيدر العبادي أن العام الجاري سيكون عام الانتصارات وسيخرج داعش من الموصل بعد هزيمته فيها. يبدو أن العبادي متفائل أكثر من الولايات المتحدة الأمريكية لناحية الوعود التي قطعها على نفسه، لاسيَّما وأن المعلومات الغربية لا ترجح خوض معركة الموصل خلال العام الحالي، على الأقل لحين انتهاء ولاية أوباما، ومعرفة الإدارة التي ستخلفه، ونوع الإستراتيجية التي ستعتمدها في الشرق الأوسط.في العراق، حقق الجيش إنجازات لافتة في معركة الأنبار لكنها لم تكن بالحجم الذي أعلنت عنه الحكومة، ولا يمكن الجزم أن الأنبار بمأمن من عودة تنظيم داعش إليها مرة أخرى. وتفيد التحليلات الغربية أن إدارة المعارك ورسم الخطط وتوجيه الفرق العسكرية كانت أمريكية مائة بالمائة. يضاف لذلك اعتماد العمليات العسكرية بشكل كلّي على المعلومات التي كانت تجمعها أقمار التجسس الأمريكية والطائرات المسيرة، مصحوبة بفرق كوماندوز أمريكية، نفذت عمليات محدودة جداً وفي إطار بالغ السرية، فضلاً عن مئات المستشارين الغربيين في مسرح العمليات.ما تحقق في الأنبار لن يكون كافياً للقضاء على تنظيم داعش في الموصل كما وعد العبادي، والأمر يتطلب تعاوناً مشتركاً بين العراق والدول الإقليمية الفاعلة التي تملك تأثيراً واضحاً في الداخل العراقي، وفي إطار التنسيق التام للولايات المتحدة التي تقود التحالف الدولي لمواجهة الإرهاب. ومن المُستراب أمريكيا في قدرة العراق على مواجهة داعش هو الجيش العراقي نفسه حيث تشير الدراسات الغربية أنه لم يبن بطريقة محترفة، وأنه يعاني من درجات قصور متعددة ليس لناحية التجهيز وإنما لناحية التحكم والسيطرة عليه. وهذا لن يسمح له القيام منفرداً بمهمات قتالية تحقق انتصارات وإنجازات حقيقية ودائمة في مواجهة تنظيم داعش. وما زاد القلق أكثر أن الجيش العراقي ظهر ضعيفاً جداً أمام المليشيات الطائفية والعرقية وتأثيره محدود للغاية في حماية المناطق المحرّرة من تنظيم داعش.الولايات المتحدة تجد نفسها أمام مأزق كبير بعد إبعاد تنظيم داعش من المناطق التي توسع إليها خلال العام 2014. ففي شمال العراق حيث المناطق، التي كانت خاضعة لسيطرة التنظيم قبل أن تطرده قوات البشيمركة الكردية، تعرضت لعمليات ترحيل قسري، وتدمير آلاف البيوت التي تعود ملكيتها لعرب، ومنع العوائل العربية من العودة إلى سكناها بعد تحرير المناطق من تنظيم داعش. الأمر الذي أثار منظمة العفو الدولية التي حذرت المجتمع الدولي من جرائم حرب ترتكبها هذه المليشيات. الحال عينه تكرر في المقدادية، حيث المليشيات الطائفية مارست القتل والتدمير والتهجير وحتى بيوت الله الآمنة لم تسلم منها. أحداث مهولة وجدت المكونات السنية المشاركة في العملية السياسية نفسها مضطرة لتجميد عضويتها في البرلمان والحكومة لحين اتخاذ الحكومة خطوات جدّية للحدّ من التطهير المذهبي في المقدادية. وفي حال استمرت عمليات التطهير العرقي والديني وعجزت الحكومة عن مواجهته، فالأرجح أن داعش سيعود ويتمدد لمناطق ربما أبعد مما وصل إليه توسعه عام 2014.يوما بعد يوم ترتبط الأحداث وتتداخل مآلاتها بين العراق وسوريا، وأيّ تطور باتجاه الحلّ السياسي في سوريا سيترك أثره على الوضع العراقي. والعكس صحيح. وإذا ما تأملنا المشهد السوري، فالأرجح ألا تؤثر المفاوضات التي ستجري بين النظام والمعارضة برعاية دولية خلال الأيام القليلة القادمة في تخفيض منسوب الصراع. فالحرب ستستمر، وربما تزداد شراسة، وقد نشهد تدخلات إقليمية جديدة. وهناك توقعات أن تتورط تركيا عسكريا في شمال سوريا في حال تيقّنت من نية الأكراد تشكيل كيان لهم مستقل عن سوريا. باختصار لا يبدو أننا على مشارف تغيير ملحوظ للأحسن في الوضعين السوري والعراقي، وليس هناك ما يشجع للاعتقاد أن نفوذ تنظيم داعش في كلا البلدين سيتضعضع بشكل كبير. فالتنظيم يزداد انتشاراً كلما تأزمت الحلول السياسية، وتدحرج الصراع السياسي إلى أبعاد طائفية وعرقية.