14 سبتمبر 2025

تسجيل

اثبتوا يا أهل غزة .. فلن يخذلكم الله أبدا

23 يناير 2014

يتوهم الانقلابيون في مصر ومن يدعمونهم من نظم مستجدة على المشروع الصهيوني، وفي الذيل منهم سلطة رام الله، بأن عملا عسكريا أو أمنيا كبيرا ومنسقا ضد غزة قد صار ميسورا وفرصة سانحة، بالأخص بعد انقطاع حماس عن الحليف والنصير (مرسي) ومن قبله (إيران وسوريا وحزب نصر الله).ما يجعل الأمر جديا وذا بال؛ هو أن للقوم غدرات وفجرات، وأن فيهم من الحمق والخَرَق ما رأيناه في قتل الشعب المصري والانقلاب على شرعيته الانتخابية، وقيام إعلامهم فعليا بشيطنة وتجريم حماس ومحاولة إلصاق اعتداءات أمنية حقيقية أو مصطنعة في سيناء وغيرها بها، وقد سبق أن حاولوا - في ذكرى اغتيال عرفات في نوفمبر الماضي – أن يصنعوا ما أسموه "تمرد غزة".. وها نحن نسمع عن زيارات واجتماعات في هذا الصدد بين قياديين فتحويين وتواضروس وساويرس من رموز الانقلاب المصري.. وأقول: نتمنى ألا يحدث ذلك؛ ولكن يبدو أن خمرة الانقلاب، وتلبيسات (إسرائيل)، وغرور البلطجة قد أغفلت هؤلاء عن أن حماس ليست مجموعة دراويش سلميين وديعين، يصفع أحدهم على خده الأيمن فيعطي الأيسر سعيدا بصبره آملا في ثواب سلميته. عليهم قبل أن يغامروا في قليل أو كثير من هذا الاتجاه أن يتذكروا أن حماس حركة مقاومة مسلحة، وأنها خاضت مواجهات حاسمة ومصيرية ضد أعتى جيوش المنطقة.. وحتى لا أبدو مبالغا فإن ما أقوله عن قوة حماس لا أقصد به أنها ستحسم كل معركتها بهذه القوة.. ولكن أقصد أنها تستطيع أن تطيل أمد أي مواجهة إلى أن يتحول الميزان السياسي والدبلوماسي والإعلامي داخل شعوب تلك النظم المتهرئة، لصالحها، كما فعلت في حرب الفرقان 2008 – 2009 ما اضطر الجيش الصهيوني لإيقافها ولأسباب ليس أولها أو أهمها العسكري. وعليهم أن يتذكروا أن الشعب الفلسطيني بمن فيه، حتى معارضي حماس، لن يقبل عملا عسكريا أو أمنيا مباشرا ضدها، ولا أن يدخل إلى المجهول لصالح سلطة باعت نفسها وبندقيتها وكسرت كل ثوابت القضية أو انقلاب متصهين يقتل شعبه ويفكك الوطن.. بالأخص إذا جاء ذلك على خلفية تصفية القضية التي لم يبق لها من خيار إلا خيار المقاومة.. هنا يأتي الحديث عن احتمالات كبيرة وجدية لانطلاق الانتفاضة الثالثة التي يخشاها الجميع والتي بدأنا نلمس مقدماتها وأسبابها. وعليهم أن يتذكروا أن عملا كهذا سيعني فورا افتضاح هويتهم وتعاونهم مع الكيان الصهيوني؛ وإلا فمقتضى الاتفاقات الموقعة بين مصر (وإسرائيل) تمنع مجرد الاقتراب من أطراف غزة، فضلا عن غزوها أو دخولها.. فإذا صار الحديث عن مؤامرة وعن خيانة سوداء بهذا القدر من الافتضاح.. فلك أن تتحدث حينئذ عن فتق لا يرتق وعن خطيئة لا تبرير لها.. وأن تتخيل أثر ذلك على تحالفات الانقلابيين الداخلية. الذين يتحدثون عن ضرب غزة وتصبيحها وتمسيتها بالصواريخ (من جنرالات لقمة العيش وحاضر يا أفندم) يغفلون عن أن انقلابهم لم يستطع حتى الآن - بعد ستة أشهر منه - أن يثبّت لهم قاعدة ارتكاز لعمل داخل مصر التي هي رهينة تحت أيديهم وتحكمهم؛ فهل يستطيع من هذا حاله أن يقوم بعمل ضد غزة؛ فيما شعبه في حالة هياج ثوري، وبالقطع سوف تزيد هذه الافتضاحات ثورتهم سعة وتأججا. وعليهم أن يتذكروا أن لدى حماس والشعب الفلسطيني أصدقاء وحلفاء في العالم العربي والإسلامي والدولي يملكون أدوات مقاومة إعلامية ودبلوماسية ومالية، ولهم امتدادات فكرية وشعبية، ويتمتعون بمصداقية عالية.. وأنهم لن يتركوا حماس تواجههم وحدها.. ما سيكون بالتأكيد لعنة عليهم، ويهدد استقرارهم واستقرار كل من ينخرط في عدوانهم أو يؤيده. ثم إن حماس تستطيع في كل يوم وفي كل لحظة أن تعيد المعادلة السياسية والفكرية أمام شعبها وشعوبهم وأمام أنصارها وأنصار قضيتها إلى أولياتها الوطنية والقومية والدينية والأخلاقية.. بأن تضرب (إسرائيل) ومدنها الكبرى بعمليات جهادية نوعية، وبصواريخ كتلك التي قصفت بها تل أبيب والقدس والمستوطنات قبل سنة، فتخلط أوراقهم، بما يزيد حراجة وضعف وتلبك موقفهم.. والكلام هنا ليس عن خمسين صاروخا استعراضية - كصواريخ صدام - ولكن عن مقاومة داخل الكيان الصهيوني وبين جدرانه، وعن مجاهدين يتحركون على الأرض، وعن خصوصية فلسطينية نوعية، وعن تاريخ من الأمجاد والتضحيات والإعجاب والتأييد. وأتمنى ألا تصير المسابقة بين حماس وخصومها – من نظم أو منظمات - على من يستطيع أن يخترق أمن الآخر وأن يعبث بمعادلاته الداخلية أكثر، فإن كان ذلك فبقدر ما أن حماس محصنة بحاضنة شعبية وولائية واعية وقوية ومجربة، بقدر ما هم في المقابل زمرة فاسدة مكروهة قاتلة لشعبها الذي لا يثق بها ويتمنى زوال نجمها.. لا يجوز أن ينسى جنرالات (لقمة العيش وحاضر يا أفندم) الذين يهددون غزة أن حدود مصر طويلة ممتدة ورخوة، وأن باستطاعة حماس أن تفعل الكثير لو أرادت - داخل سيناء وداخل مصر - مما لم تفعله ولا تجد نفسها معنية به حتى الآن. أما إذا اكتفوا من تخطيطهم ومؤامراتهم بالتصعيد الشعبي ضد حماس – وهو ما يلمحون إليه أحيانا - فإن نجاحهم فيه أكثر استحالة من الاستهداف العسكري المباشر.. لأنه متوقف على ثلاثة اشتراطات وكلها لصالح حماس؛ الشرط الأول: توفر مد شعبي يتحرك مع التصعيد.. وهو كما قلنا إما مؤيد ورديف لحماس أو ناقم على قياداته التي تخلت عنه وتتآمر عليه، الشرط الثاني: امتلاك القوة الإكراهية واحتكار قوة السلاح.. وهذه أيضا إما بيد حماس استقلالا أو بيدها تفوقا وسبقا وكثرة وخبرة، بقي الشرط الثالث وهو: المبرر الأخلاقي أو القيمي للتحرك.. وبما أن هذا لا يقوم إلا على وطنية وثورية ومصداقية وعلى تكوين روحي وديني .. إذن فنحن نتحدث عن حماس حصرا وقصرا.. آخر القول: ليقل الانقلابيون في تهديد غزة والمقاومة ما قاله نتنياهو ومن قبله شارون، وليمنّوا أنفسهم بما يشاءون.. فالشعبان الأخوان المظلومان الفلسطيني والمصري لن يسمحا بذلك، ولئن حصل فإنما هو مكر الله تعالى بالفجرة القتلة.. ومن ينفقون أموالهم ليصدوا عن سبيل الله: (فسينفقونها ثم تكون عليهم حسرة ثم يُغلبون والذين كفروا إلى جهنم يحشرون).. وأما المقاومة فمعادلاتها أثبت وأوزن من معادلاتهم، ولا أظنها إلا وطنت نفسها على الثبات والفداء.. وأما من يرقب ذلك أو ينتظر إجابات عن أسئلته فينظر أين العدو الصهيوني من كل ما يجري.