30 سبتمبر 2025
تسجيلما عدى التغيير متغير، هكذا هي سنة الحياة كما عهدناها فكل ما حولنا يتغير بشكل مستمر، فيجب على القطاع الخاص والقطاع العام أن يجعلا من عامل التغيير عنصرا أساسيا في وضع الإستراتيجية، وعملية التصحيح والمراجعة عملية دورية مستمرة، تصحيح في الرؤية والمسار والتوقعات وإعادة صياغة التصور الاستراتيجي كلما مرت الأوضاع بتحولات، ولا نكون حبيسي وعينا بالحاضر دون توقع التغيير، لابد من وضع عنصر إعادة التنظيم في مؤسساتنا كعنصر فاعل ومستدام، وجزء من الإستراتيجية، لأنها تعتمد على المرتكز الأول وهو اللغة فإن المرتكز الثاني هو الإيمان بالتغيير المستدام وتكييف الإستراتيجية الدائم للمتغيرات البيئية والاجتماعية والاقتصادية والمالية والنقدية وقائمة عوامل التغيير تطول، أي أن الإنسان مدعو لتثبيت رؤية حتى يستطيع التعامل مع الواقع ويصيغه بشكل يسمح له من إدارة الأعمال ووضع خطط لتسير العمل، ولكن وفي الوقت نفسه هو مدعو للوعي أن ذلك هو محاولة للإحاطة بالمتغيرات، وذلك لعمري التناقض ولكنه الممارسة الوحيدة التي أظهرت جدواها، ولذلك وعن وعي لابد من وضع الإستراتيجية والخطط والرؤى ولكن وفي الوقت نفسه لابد من الوعي أن هذا كله لا يمكن أن يستوعب الواقع أو الحياة الهادرة، فالأجدى ونحن نضع رؤانا واستراتيجياتنا والخطط وبرامج التنفيذ أن نكون على أتم الاستعداد لتغييرها وتكييفها وإعادة هيكلتها وتحسين صياغتها في كل وقت، وهذا هو الواقع دون عامل التغير تركد الحياة ولم تركد الحياة بعد من بداية التاريخ، وتلك الأيام نداولها بين الناس، هو التزاحم والتدافع والتغيير هو سنة الحياة، ولكن من أجل سبغ سمة الاستقرار على الواقع نضع الرؤى والاستراتيجيات، وحتى نتمكن من التعامل مع الواقع ونكون قادرين على تسخير عوامل النجاح في فترات زمنية من الممكن تثبيت صورة للواقع، ولكن يجب أن نكون واعين أن ذلك لن يطول حتى تأتي الحياة لتقوض من ذلك الاستقرار والهدوء الظاهر على سطح الأحداث، كما هي الجريدة تطلع كل صباح عن أحداث وأخبار جديدة وكذلك هي العوامل الفاعلة في عالم الأعمال والاقتصاد والمالية وكل ما عداها لا الطفل يظل طفلا ولا الكهل يظل كهلا، واليوم عامل التغيير أصبح في تسارع لم تعهد الإنسانية له مثيلا، وفي عالمنا العربي والخليجي عامل التغيير وإن أتى تسارعه متأخرا عن العالم بعض الشيء ولكن في العقود الأخيرة كان عامل التغيير لدينا أكبر من بقية العالم، والآن أصبحنا قريبين من بقية العالم ولكن لسنا مساهمين بالقدر الكافي، ولكن الشواهد والمؤشرات تدل على أن هذه البقعة من العالم على موعد مع التغيير والتعامل معه في العقود القادمة، وإن كنا لسنا مشاركين بالقدر المرضي الآن إلا أن اللبنات الأساسية وضعت والبذور بذرت وعناصر التحديث غرست وأسباب النمو والتطور ركزت، وفي هذا حديثنا اليوم يأتي، فقد وضعنا تصورا وبنينا عليه وهيكلنا حالنا عليه ولكن عامل التغيير وهو حاضر فما ترتيبنا حوله، وما هي الإمكانات المسخرة لاستيعابه والتكييف معه، هل تتم مراجعة الأسس التي بنية عليها رؤانا واستراتيجياتنا، وهل نحن على استعداد لإعادة صياغة تلك المخططات مع ما يعنيه من ألم التغير والتبديل، هل نحن على استعداد لإعادة صياغة ما وضعناه كمسلمات وقناعات؟ لابد أن نكون على مستوى من المرونة مما يساعدنا على التأقلم مع المتغيرات والتحولات خاصة منها الكبيرة والعميقة كما هو الربيع العربي، وهذه التحولات ستتوالى علينا كما يرى الجميع ولكن هل ستكون ثابتة في رؤانا وتصوراتنا وطرق عملنا، هناك ثابت وهو أن الإنسان العربي والخليجي بشكل خاص أصبح يعيش في وسط المتغيرات فلابد أن عامل التغيير أصبح من مسلماته وإن كان في اللاوعي ولم يصل بعد لسطح الوعي مما يوجب التعامل معه بشكل واع بعيد عن التقوقع والتمسك بموقف واحد أو توقع المستقبل بخيار واحد أو مواجهة المستقبل بإستراتيجية واحدة دون وضع خيارات متعددة ولكن كما قلنا الإنسان العربي اليوم هو مشروع معد للتغيير على غير الماضي الرافض للتغيير، آلية التغيير كشأنها في عجلة من أمرها، منكبة على كل ما به صلة بالحياة تعبث به وتحوله من وضع إلى وضع، وهنا تأتي أهمية التعامل مع عامل التغيير في القطاع الخاص والقطاع العام،لا تقف الحياة عند منعطف ولا في منتصف طريق، بل هي جارية لمستقر لها بإذن الله، ورجال الأعمال والبشر بشكل عام في حاجة لإدخال عامل التغير في ثقافة المؤسسة والمجتمع، في المدرسة في البيت في الشركة في المؤسسات، الجمود والركود وإن كان الإنسان يحتاج للراحة إلا أنه لا يجب أن تتحول الراحة إلى استراحة، ولا تغرنا الإنجازات فالوقت يحول الإنجازات مع مروره إلى إطلال، فلا راحة حتى يستلم الخالق الأمانة من الإنسان، ويترجم هذه في الخطط الاستراتيجيات والهياكل والبنى في شكل مراكز أبحاث وتطوير، ولذلك فالشركات والمستثمرون عادة ما ينظرون في نسبة الصرف على عاملي البحث والتطوير، فالشركة والمؤسسة وعلى مستوى البلدان فالمساهمة في تشكيل التغيير أهم عمل إنساني، وكلما كان هناك وعي وتسخير للموارد لخدمة البحث والتطوير كلما سعى الناس والمستثمرون للحصول أو التواجد حيث تكون هذه النسب عالية، لأنها دليل على أن ثقافة تلك الدولة أو الشركة ثقافة تقدم وتطوير، وهذا نوع من التأمين المستقبلي للبلد والسكان والشركات لأنه يمكنها من البقاء والاستمرار.