14 سبتمبر 2025

تسجيل

الرجل الأوحد .. ظاهرة غير صحية

23 يناير 2006

بين فترة وأخرى نسمع من قبل مسؤولين بوزارات الدولة المختلفة عن ضرورة ضخ دماء جديدة من الكوادر المؤهلة، وأهمية إعداد وتأهيل العناصر الموجودة في هذه الجهات، وأن هناك موازنات تخصص لقطاع التدريب والتأهيل، ولكن على أرض الواقع قلما نجد التزاما، أو سعيا جادا لتطبيق هذه الاستراتيجية. لن نتحدث نظريا عن هذه القضية، ولكن سأضرب أمثلة على ذلك، من المديرين مثلا من يُقدم على إعداد خليفة له، يكون مؤهلا للقيام بواجباته الإدارية بصورة لا تحدث إرباكا في آلية العمل، إذا ما غاب هذا المدير تحت أي ظرف كان؟ نادراً ما نجد توجها على هذا الغرار من قبل المسؤولين، بهدف إعداد الكوادر التي يمكنها تأدية المهام، وتحمل المسؤوليات على أكمل وجه، فالذي يحدث في الغالب أن المدير أو المسؤول يتم تغييره - دون إرادته - ويؤتى بشخص آخر قد يكون من خارج منظومة العمل في هذا القطاع أو الإدارة، أو يسند العمل إلى موظف موجود بالفعل بالإدارة، ولكن هل بالفعل وفر له من قبله في هذه المهمة بيئة مناسبة، وعمل على إعداده لتولي منصب إداري في المستقبل؟ مهم جداً الخبرات التراكمية، لكن الأهم أن يتم نقل هذه الخبرات بصورة صحيحة وصادقة من جيل لآخر، مع تعزيز وتطوير وبناء تراكمي على هذه الخبرات، التي حصدها المسؤول من خلال عمله الميداني، الذي يمثل أفضل تجربة، ويكون خيرا من ألف شهادة. وفي أحيان كثيرة قد يظل المسؤول في منصبه سنوات عديدة، ويترك منصبه دون أن يأخذ بيد أي من موظفيه نحو القيادة والإدارة، بل يظل محتكراً صناعة واتخاذ القرار، دون أن يوسع من دائرة الصلاحيات، ويعطي من دونه الصلاحية في اتخاذ القرارات، حتى وان اخطأ مرة وثانية وثالثة. البعض من المديرين أو المسؤولين يعتقد أنه إذا ما تم تأهيل موظف ما أو تدريبه فانه قد يحتل مكانه، وبالتالي فان اي عملية تأهيل يعتبرها البعض «خطراً» داهماً ومحدقاً بمستقبله، وهذه نظرية خاطئة جدا، ففي كل الحالات فإن عملية التغيير قادمة، إن لم تكن خلال عام فانها بالتأكيد ستأتي بعد ذلك بأشهر أو سنوات، ولن يخلّد هذا الشخص في منصبه، ومن ثم فإن أفضل طريقة للبقاء في ذاكرة الموظفين هي أن تخلق كوادر، وتعد العناصر التي يمكنها قيادة العمل بصورة جيدة، وعلى مستوى عال من الكفاءة، وتترك اثرا طيبا يذكرك الآخرون به، وهذا هو التحدي الحقيقي، فهل سأل احدنا كيف يُعد قيادات شابة مؤهلة لإدارة العمل دون ارباك أو خلل إذا ما غاب عن الإدارة؟ ادفع بمساعديك ومعاونيك ومن تتوسم بهم خيراً إلى الأمام، فهؤلاء يمثلون سنداً للعمل، ولايمكن أن ينجح العمل بطريقة «الرجل الأوحد»، تماما كما هو الحال بالنسبة لليد الواحدة، فإنها لا تستطيع أن تصفق.