12 سبتمبر 2025
تسجيلالمجازر بحق أهلنا في حلب أنطقت الحجر وأسمعت الأصم غير أن فئة من بني جلدتنا يبحثون عما يدين الضحية ويؤيد المجرم ؛ هم قلة ؛ وأكثرهم منتفعون ومتحزبون وبعضهم يحملون بين جوانحهم خيرا غير أنهم كسالى وجبناء فيتعامون عن الحق ليستقيلوا من الواجب ؛ ومنهم من لديه اشتباه في الرؤية .. هؤلاء المشتبِهون أعنيهم اليوم ؛ فما الذي يحملهم على مناصرة الباطل ولماذا يتذكرون مزايا الفاجر ويتجاهلون خزاياه ؟ هل لا يرون قبائحه ولا يشمون نتنه ؟ وهل المطلوب مناقشتهم أم نسبهم ونشتمهم ونجمعهم في صورة واحدة مع المتهتكين أخلاقيا المتعوّجين مسلكيا المعاقين وطنيا ؟ وأقول :هؤلاء النفر لا يجمعون الصورة بكل أطرافها وتفاصيلها ؛ وينظرون للأمور من ثقب فترة كان فيها النظام يدعم المقاومة ، ويتذكرون أنه حارب ( إسرائيل ) في 73 ، وأنه ظل ممانعا رافضا لعملية التسوية في الوقت الذي تهتك فيه الموقف الرسمي الفلسطيني ، هذه - في نظرهم – صورة دائمة للنظام وكافية وكفيلة لتجاوز أي إساءة منه مهما عظمت بالأخص عندما يقارنونه بنظم أخرى لا تقل عنه استبدادا وخبثا وقسوة ، وتجمع مع ذلك الخيانة العظمى والهزيمة الماحقة والفساد القبيح ولكنهم لم يروا خيانات النظام في ال67 وتسليمه الجولان ، ولم يروا مجازره في مخيم تل الزعتر الفلسطيني ، ولم يروا استبداده بشعبه ومجازر حماة ثم حلب وقتله أكثر من ثلاثة أرباع مليون نسمة حتى الآن وتهجيره أكثر من عشرة ملايين داخل وخارج سوريا .مشكلة هؤلاء أيضا أنهم لا يحدّثون معلوماتهم السياسية ؛ فهم لم ينظروا إلى مستجدات وواقع المنطقة وأن روسيا التي تدعم النظام وتقتل شعبه اليوم دخلت الحلف الصهيوني من أقبح أبوابه ، وأن أمريكا التي تدعي دعم الثورة هي أمريكا التي لا تعترض على التدخل الروسي والتي تمنع تسليح المعارضة ، والتي اتفقت مع إيران وتغض الطرف عن الحوثي وانقلابه ، وأن النظام وحزب نصر الله قد استبدلا المقاومة ودعمها بعداوتها وبدعم النظامين العراقي والسيساوي ودعم السلطة .ومشكلتهم أيضا أنهم لم يفهموا طبيعة المعركة بين النظام وشعبه وعلاقتها بالصراع الكلي وبالعدوان على الأمة والإسلام ، ولم يفرقوا بين الحرب الطائفية القذرة التي يخوضها وبين الحروب السياسية وحروب المصالح التي كان يخوضها مع البعض ، ولم يدركوا أن حربه هذه تقع في إطار خدمة المشروع الأمريكي الروسي الغربي الصهيوني لتقسيم المنطقة وشغلها بالطائفية وإرهاقها بالخلافات البينية وما صار يسمى ( الجيل الرابع من الحروب ) الذي يعتمد على الفتن الداخلية دون تكاليف تذكر على الدولة المحرّكة . وعليه ؛ فإذا كان سقوط حلب مؤلما ؛ فإن الأشد إيلاما هو سقوط هؤلاء الذين لا ينقصهم الإخلاص في دعايات وترويجات النظام ، وفي عدم قدرتهم على تفهّم الاختلاف ، وأن معظمهم منساقون مع حب الأمة والغيرة على شرفها الوطني والثوري ولكن مع جهل تائه فيجد النظام فينا ومنا من يؤيده مهما فعل . آخر القول : لنستمع لمخالفينا في الموقف من جرائم بشار فليسوا كلهم فجرة وقتلة ، ولنخض نقاشاتنا معهم تفصيليا على الفرق بين واقع نظام بشار وماضيه ومستحدثاته ؛ فذلك خير من التراجم بالأوصاف والتواجه بالاتهامات .