10 سبتمبر 2025
تسجيلما زال الاحتلال الصهيوني، ومن لف لفيفه، يمعن في غيه، لتقديم روايات زائفة تجاه ما يمارسه من جرائم بحق الشعب الفلسطيني في قطاع غزة. وإمعانًا في تزييف الحقيقة، فإنه يجعل الصحفيين في مرمى نيرانه بشكل متعمد، للدرجة التي سقط فيها أمس فقط ثلاثة صحفيين، وأوشك عدد الشهداء أن يقترب من مائة صحفي، منذ بدء العدوان. وفي الوقت الذي لم تعد تنطلي فيه السردية التي يحاول الاحتلال الترويج لها في أوساط الرأي العام الغربي، فإننا نجد العديد من المؤسسات الإعلامية الكبرى لا تزال أسيرة لرواية أحادية، لا تعرف غيرها، في انسياق واضح وراء محاولات التزييف والتضليل. هذه الحالة التي أصبح الإعلام الغربي رهيناً لها، جعلت مؤسساته على المحك أمام جمهورها، إما بالانحياز للحقيقة - على خلاف ما هو واقع - وإما السير في فلك تزييفها، بل والترويج لهذا الزيف، على نحو ما يدعيه الاحتلال. وإذا كان لكشف الحقيقة ثمن، ربما يكون هو الفقد من الحياة، فإن تزييفها له أثمان أخرى، أبرزها أن يكون صاحبها مروجًا لقيم تناقض ما يرفعه، أو أن تكون هذه الشعارات المرفوعة مناقضة كليًا لتلك القيم النبيلة، التي ظل الإعلام الغربي يروج لها، ويتحدث عنها، حتى سقطت هذه الشعارات، وسقطت معها الأقنعة التي كانت تتدثر بها هذه المؤسسات. وعلى الرغم من سير هذه المؤسسات الغربية في فلك السردية الأحادية، فإننا وجدنا خلال الفترة الأخيرة من يعلن العصيان والرفض لهذا الانغماس الواضح في التزييف، بعدما أرهقه الخوض في غمار التلفيق والتشويه. وحسناً، فعل تلفزيون B.B.C ، عندما كشف في تقرير حديث له عن مدى تلاعب الاحتلال وكذبه على الجمهور، بعدم تقديم أي دليل يثبت أن مستشفى الشفاء كان مركزًا لقيادة حركة "حماس". الجرأة نفسها، فعلها الصحفي الأمريكي "ماكس بلومنتل"، عندما كشف بالتفصيل كيف قصف جيش الاحتلال بالمدفعية منازل "كيبوتس بئبري"، وبالأباتشي مهرجان "نوفا"، فقتل مستوطنيه وأحرقهم، ومنهم طفل استخدمت صوره جزءًا من الدعاية "الإسرائيلية". وتلمسًا للحقيقة، ورفض تزييفها، أعلنت "آن بوير" الصحفية في "نيويورك تايمز" استقالتها، تضامناً مع الشعب الفلسطيني، ورفضها لتهجيره القسري، وحصاره وسجنه وتعذيبه، علاوة على شهادة أخرى مماثلة لصحفيين غربيين أعياهم الاستمرار في الدعاية، وحركت الحقيقة مشاعرهم الإنسانية. مثل هذه النماذج من الصحوة الصحفية التي يشهدها الغرب، تثبت بما لا يدع مجالًا للشك، أن التزييف عمره لن يطول، وأن إسكات الحقيقة، لن تستمر جهوده طويلًا، ما دامت الحقيقة هي الحقيقة، واقعة على الأرض، وأن هناك شرفاء ومخلصين لها.