31 أكتوبر 2025
تسجيلعلى نهج الولايات المتحدة الأمريكية سارت قبل أيام دولة الإمارات العربية بوضع قائمة سوداء بالمنظمات التي وصفتها بالإرهابية بلغت 83 منظمة عربية ودولية.. وكانت السعودية سبقتها قبل عدة شهور بوضع قائمة سوداء كان أبرزها وضع جماعة الإخوان المسلمين على رأسها في حادثة تعتبر الأولى في تاريخ المملكة التي عرفت بأنها الحضن الدافئ للإخوان المسلمين خلال حكمي ناصر والسادات. حتى اللحظة لا يُعرف الكثير عن المعايير التي اعتمدتها الإمارات العربية في اختيار هذا العدد الكبير من المنظمات والجمعيات والأحزاب ضمن قائمتها.. وإذا كانت الإمارات تسعى بكل قوة وجهد لمكافحة الإرهاب، فلا أظن أن القائمة الموضوعة إياها من شأنها أن تحقق الهدف المنشود بل الخشية أن تؤدي إلى نتيجة معاكسة تماما.ومفهوم أن الإمارات تهدف بسياساتها الأخيرة لتجفيف منابع جماعة الإخوان المسلمين في كل العالم ما أمكن.. وهي لم تعد تخفي عداءها لها وإصرارها على استئصالها وملاحقتها في أي بقعة على الأرض إلا أن الخشية من أن تعزز خطوة الإمارات، وبطريقة غير مقصودة طبعا، نظرية الإسلاموفوبيا في العالم نظرا للعدد الكبير من الجمعيات المدرجة على قائمتها والتي هي مرخص لها في الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي.ويزداد القلق من أن يؤدي هذا التوجه إلى تنامي ظاهرة الإرهاب وإعطاء مبرر كاف للأحزاب والجمعيات القومية واليمينية في أوروبا والولايات المتحدة للضغط على الحكومات لديها للتضييق على الجمعيات الإسلامية.فقد أُدرجت منظمات وجمعيات لا تعمل أساسا في الشرق الأوسط، ولم يتم توجيه أي اتهام لها في دولها مثل منظمة كير في الولايات المتحدة وهي منظمة تعنى بإقامة جسور تواصل بين مسلمي الولايات المتحدة والحكومات الأمريكية كما تعنى بتوضيح مفاهيم الإسلام في الإعلام الأمريكي. ولا يربطها رابط فيما هو ظاهر مع منظمات خارج الولايات المتحدة.. بل إن بعض المدرجين على القائمة جمعيات إغاثية معنية بالكوارث الطبيعية في العالم.. وبعضها نشأ منذ خمسين سنة في أوروبا تزامنا مع المهاجرين الأوائل من العرب والمسلمين إلى أوروبا ولم يوجه لها أي تهمة بممارسة الإرهاب ودعمه يوما.ثم إن إدراج جمعية الإصلاح في الكويت ضمن القائمة أمر يثير للتساؤل خاصة أن الجمعية تتمتع بعلاقة ممتازة مع الحكومة الكويتية، ولا تمارس السياسة أساسا خلافا للحزب الدستوري المنبثق عنها. وهو ما قد يدفع لتوتر خليجي- خليجي، دول الخليج بمنآى عنه في ظل التحديات الخارجية التي تواجه الخليج.. الأمر نفسه ينسحب على إدراج الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين على القائمة، فمن بين أعضائه مفتي عمان وشخصيات علمائية مرموقة في عدد من الدول الإسلامية ممن لا ينتمون أساسا إلى أيّ تيار إسلامي.ولا يُعرف على أي أسس تم إدراج منظمة الكرامة في سويسرا ضمن القائمة.. وهي منظمة لا ترتبط بالإخوان المسلمين ولا علاقة لهم بها.. وهي منظمة مرخص لها في سويسرا ضمن منظمات حقوق الإنسان.. وتقوم برفع تقارير دورية لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة حول حقوق الإنسان في العالم العربي، وتشارك في مداولات المجلس.ومن الغرابة أن تستغل إسرائيل حالة العداء والخلاف بين مصر ودول الخليج مع الإخوان المسلمين للنيل من المقاومة في فلسطين المحتلة وللقيام بعمليات تهويد جديدة داخل مدينة القدس.. بل إن العداء الخليجي المصري للإخوان أغرى رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو بالقول إن من يقوم بعمليات تخريب في القدس هم الإخوان المسلمون لتدمير العلاقة المستجدة بين إسرائيل والدول العربية، وأن إسرائيل تواجه نفس التطرف الذي يواجهه العالم العربي، وبالتالي لابدّ للدول العربية أن تتفهم إجراءات إسرائيل في مواجهة هذا التطرف، بل طالب العرب بدعم إجراءاته ما أمكن!!لا أحد يُفترض به أن يدعم الإرهاب، ولا يستحق أي أرهابي أن يُدعم ولو بالتعاطف.. فالمشاكل والتحديات التي تواجه العرب كبيرة ومتعددة ولا مصلحة لعربي مخلص أن يزيد في صبّ الزيت على النار المتقدة في المنطقة.. ما تحتاجه أزمات المنطقة وتحدياتها مقاربة شاملة تراعي هواجس الأمن والاستقرار دون أن يتخذ مكافحة الإرهاب مطية لإسرائيل وغيرها ممن يتربص بالأمة العربية لحرفها عن التحديات والمشاكل الحقيقية التي تواجهها.