13 سبتمبر 2025
تسجيلفرق بين من يتكلم ويكتب ويخطب وينصح ويخلص في كلمته ويريد الخير لمجتمعه ووطنه وأمته والإنسانية، وبين من يتفوّه ويُقطر بكلمته القذارة والقذف والبذاءة، ويمجّد ويثني على الظالم بقصد واستعلاء، وفي سطور هؤلاء وغيرهم تجد سوء الخلق والسقوط الذي انحدر به صاحب الكلمات. اللهم إنا نسألك الثبات والهداية والسداد لنا ولهم. والكلمة تجد لها صدى وتأثيراً وتأثراً وقبولاً وحياة، إذا أتت من عالم رباني، ومن حكيم، ومن ناصح أمين، ومن صحفي يُقرأ له ويتابعه الآلاف، بل حتى من لا يأبَه له، ولكن يحب مجتمعه ووطنه وقيادته، ويريد أن يحيا الجميع حياة أمن وأمان، وسلم وسلام، وعيش رغيد ونهضة وقوة في كافة المجالات، كما تحياه الدول المتقدمة الناهضة. فهل خافت هذه الدول من الكلمة الحرة؟ لا، وواقعهم يقول لنا هذا!. ولكن ومع اسفٍ شديد، من يأتي ويريد ويسعى بكل ما أوتي من سلطة وقوة وجبروت وعنجهية وغرور عجيب وغريب أن يسجن الكلمة ويكسر أقلام الكلمة، وإقامة جبرية للكلمة، وإسكات صوت الكلمة، بل وقتل الكلمة بدم بارد وكاذب، ويدفنها ويلفّها باللفائف حتى لا تخرج أبدا، ومن معه من المرتزقة والصعاليك وبطانة السوء وعلماء وخطباء ومستشاري وأبواق السلطان المتنفذين والمتمتعين والمتنفّعين بأموال وجاه السلطان وكرائمه. وجزى الله سمو الأمير، أمير دولة قطر صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، يحفظه الله حين أوصانا فقال " التسامي فوق المهاترات والإسفاف، وذلك احتراماً لقيمنا وأعرافنا". نعم. صدقت يا سمو الأمير- يحفظك الله- فلنتسامى بكلماتنا وأفعالنا عن المهاترات والإسفاف احتراماً وتأدباً وخلقاً، فهكذا النفوس الكبيرة تتسامى دائماً عن سفاسف الكلمات وسفهاء الانحدار. الكلمة الحرة ؛ سمعها رسول الله صلى الله عليه وسلم، والسيرة النبوية بأحداثها ووقائعها حافلة بهذه المواقف، فلم يقتل ولم يهدد ولم يعتقل صاحبها معلّم الإنسانية الخير صلى الله عليه وسلم. والكلمة الحرة كذلك تفاعل معها الكبار من الصحابة رضي الله عنهم، فلم يتعاملوا معها بعنف واغتيالات واستدراج لقائلها. متى يستفيق هؤلاء الذين يخافون من الكلمة الحرة؟!. فكأنما الحياة خُلقت لهم والناس عبيد لهم. أفلا يعقلون؟!. وصفحات التاريخ تحكي لنا أنه "جيء بسعيد بن جبير رحمه الله إلى الحجَّاج بن يوسف فقال: كتبت إلى مصعب بن الزُّبير؟ فقال: بل كتبت إلى مصعب قال: لا والله لأقتلنَّك قال: إنِّي إذاً لسعيد كما سمَّتْني أمي قال: فقتله، فلم يلبث الحجَّاج بعده إلا أربعين يوماً، وكان إذا نام يراه في المنام يأخذ بمجامع ثوبه ويقول: يا عدوَّ الله فيم قتلتني ؟ فيقول الحجاج: مالي ولسعيد بن جبير، مالي ولسعيد بن جبير". هكذا الطغاة والعبيد يخافون من الكلمة الحرة إذا خرجت من الأحرار. فتحية تقدير لكل من يصنع الكلمة الحرة في أمتنا بآدابها في مساحات المجتمع والوطن والأمة والإنسانية بناءً لا هدماً، قوة لا ضعفاً، حباً لا كرهاً. "ستظل كلماتنا عرائس من الشمع؛ لا روح فيها ولا حياة، حتى إذا متنا في سبيلها دبَّت فيها الروح، وكُتبت لها الحياة". هكذا الأحرار رحمهم الله. "ومضة" الكلمة الحرة المنضبطة ليست جريمة ولا معصية ولا خروجاً ولا تطاولاً على الأعراف والتقاليد. فافهم..!.