14 سبتمبر 2025
تسجيلتناولت في مقال سابق قبل عدة أسابيع أزمة البورصة القطرية والتي تمثلت معالمها في الهبوط المستمر للمؤشرات والأسعار بحيث انخفض المؤشر العام منذ بداية العام بما نسبته 21.7% ليصل إلى مستوى 8172 نقطة. وإضافة إلى الانخفاض الحاد في أحجام التداول اليومية والأسبوعية، فإن المؤشرات الأخرى قد تراجعت بشكل قوي بما يعكس أزمة حقيقية تعيشها معظم شركات البورصة، وهي بالتأكيد ليست وليدة السنة الحالية-ولا هي من تداعيات الحصار- وإنما هي نتيجة تغيرات تراكمت منذ سنوات. فبعد فترة شهدت أعلى معدلات النمو الاقتصادي نتيجة التوسع في الطاقات الإنتاجية للغاز المسال، وارتفاع أسعار النفط، والشروع في تطوير البنية التحتية وتجهيز منشآت كأس العالم 2022، دخلنا في مرحلة من التباطؤ الشديد في النمو، نتيجة الانخفاض الحاد في أسعار النفط، وتراجع الإنفاق العام، وتباطؤ النمو السكاني، وتراجع معدل التضخم وتحوله إلى انكماش. ترجيح حدوث اندماجات بين شركات الوساطةوقد عكست مؤشرات البورصة ومجاميعها المختلفة هذه الحالة من التراجع، حيث ظل عدد الشركات بدون نمو منذ العام 2010، وعاد المؤشر العام إلى ما كان عليه في عام 2011، وانخفض متوسط حجم التداول اليومي إلى أقل من 150 مليون ريال، كما عكست نتائج الشركات خلال السنوات الأخيرة تراجعاً مستمراً في أرباح الشركات وفي توزيعاتها السنوية. ومن جهة أخرى، انخفضت نسبة السعر إلى القيمة الدفترية في المتوسط إلى 1.21 مرة، وهي أدنى نسبة في السنوات السبع الأخيرة. المعروف أن القيمة الدفترية لسهم ما هي عبارة عن صافي حقوق المساهمين في الشركة مقسوماً على عدد الأسهم المكتتب بها. ومن المفترض أن يكون سعر السهم في السوق أعلى من قيمته الدفترية. ولو كان أداء الشركات بالبورصة جيداً وجاذباً للاستثمارات منذ عام 2010، لكن وضع المؤشرات والمجاميع أفضل مما كان عليه الحال في ذلك العام ولحدثت زيادات في أسعار أسهم الشركات، وهو ما نراه قد حدث في البورصات العالمية وفي مقدمتها بورصة نيويورك التي تضاعفت أسعار أسهمها ومؤشرها العام مؤخراً، حتى تجاوز مؤشر داو جونز في الأسبوع الماضي مستوى 23 ألف نقطة. إلا أن ما حدث كان هو العكس، ووفقاً للبيانات التي صدرت عن بورصة قطر حتى نهاية الأسبوع الماضي، فإن الشركات التي باتت أسعار أسهمها تقل عن قيمها الدفترية قد ارتفع عددها إلى 19 شركة بدلاً من 6 شركات فقط في عام 2010. كما انخفضت نسبة متوسط السعر إلى القيمة الدفترية لكل السوق من 2.05 في عام 2010 إلى1.21 فقط مع نهاية الأسبوع الماضي. وتنخفض النسبة المشار إليها بشدة في بعض الشركات بحيث بات سعر السهم يقل عن نصف قيمته الدفترية، ومن ذلك 0.20 من قيمته في العامة للتأمين، و 0.24 في قطر للتأمين و0.44 في التنمية، و0.46 في الملاحة. وتصل النسبة إلى 0.55 في العامة للتأمين، و 0.54 في الإجارة، و 0.56 في السلام، و 0.59 في الإسلامية للتأمين، و 0.62 في التجاري، و 0.65 في بروة، و 0.71 في الخليجي، و 0.73 في البنك الأول. وهذه التراجعات المستمرة باتت تستوجب اليوم الذهاب إلى الاندماج بين الشركات المتماثلة. وقد كان هنالك مشروع اندماج بين الريان وبنك بروة والدولي، ولكن نتائج الدراسات والتقييمات لم تظهر بعد حتى الآن. ويمكن تصور حدوث بعض الاندماجات بين بعض البنوك كالتجاري والدوحة والأهلي من ناحية، وبين المصرف والدولي الإسلامي من ناحية أخرى. ويمكن حدوث اندماجات بين شركات الوساطة التي باتت تعاني بشدة من تقلص أحجام التداول في البورصة. وهناك إمكانية لاندماج بعض شركات التأمين مع بعضها، إضافة إلى اندماج بعض شركات الاستثمار وأنشطة الأعمال. وتؤدي عمليات الاندماج إلى تقليص نفقات التشغيل، وتحسين كفاءة الأداء. إن عمليات الاندماج ليست بالظاهرة الغريبة على قطر، فقد اندمجت شركة النقل البحري مع الملاحة، والعقارية مع بروة، والأولى للتمويل مع بنك بروة، والفحص الفني مع وقود. فهل نرى موجه جديدة من الاندماجات بين الشركات قريباً؟؟