27 سبتمبر 2025

تسجيل

سورية.. بين لعبة أمريكا والهدنة واغتيال الحسن!

22 أكتوبر 2012

هل جاء شعار الثوار والشعب السوري في الجمعة الماضية: أمريكا ألم يشبع حقدك من دمائنا؟ متأخراً أم أنه في وقته المطلوب نظراً لتفاقم وتيرة الوحشية الأسدية إلى مستوى لا يطاق؟ إن المتأمل المتعمق في مسار الثورة بجانبيها السلمي والمسلح يدرك – إن كان منصفاً – أنها لم تقم إلاّ نتيجة الاستبداد والاستعباد والقهر الموجه ضد الشعب في عهد حافظ الأسد و بشار بوجه خاص، وأن الجميع كان مهيأ لها وجاءت أسبابها ومبرراتها مرة ثانية فهبت بكل وطنية صادقة ولا يزال يشترك فيها كل طيف ديني وسياسي كي يقوم بواجب النهضة والنصرة وكان التصور العام الذي يخالط العقول والقلوب منذ البداية أن أمريكا بما عرفت به من الحقائق و الوثائق و القرائن المرة التي جرعتها للشعوب المهيضة الجناح لا يمكن أن تصطف إلى جانب ثورة الحق و العدل التي تريد القضاء على الاستبداد الذي أسسته أمريكا في الشام بمباركتها لحكامه بدءاً من حسني الزعيم بعد الاستقلال واستمراراً بحافظ ثم بشار الذي توجهت إليه مالدين أولبرايت وزيرة الخارجية الأمريكية في عهد كلينتون بالعزاء مباشرة كابن مدلل متجاوزة العرف الدبلوماسي بتقديم العزاء لعبد الحليم خدام الذي شغل إثر وفاة حافظ منصب رئيس الجمهورية مؤقتاً معربة عن امتنانها بتسلم السلطة إلى بشار بقولها: لقد انتقلت السلطة من الأب إلى الابن انتقالاً سلساً وهو التصريح نفسه الذي أدلى به "بل كلينتون" آنذاك ولعل هذا الأمر لا يستغرب لأن الولد سيلعب دور أبيه في حماية إسرائيل وعدم التعرض لها بأي أذى بل تركها هادئة الأعصاب فيما تتوسع به من مستوطنات حول هضبة الجولان المحتلة، وقد فهم بشار الرسالة امتداداً لأبيه وأمر كما أمر والده بالعمل على إحكام استقراره الخارجي كما نصحوه وأعانوه ليتفرغ فقط للداخل ويضبط كل شيء فيه حفاظاً على مصالح الغرب والشرق والآمرة الناهية إسرائيل لأنها وبلا ريب هي مربط الفرس في معادلة المشهد السوري في عهد الأب ولابد أن تكون كذلك في عهد الابن وإن البقاء في الكرسي مرهون بالبقاء على ميثاق الشرف الأسدي الإسرائيلي كما دلت وتدل الحقائق والوقائع فضلاً عن القرائن، ولأن الغايات والمقاصد عند أمريكا لا تنحرف عن بوصلة المصالح حسب ما يقتضيه الزمان فقد غادر السفير الأمريكي روبرت فورد دمشق إلى مدينة حماة ليشارك المتظاهرين الذين ناف عددهم عن ستمائة ألف يومها انتفاضتهم ولم يكن وارداً عند هؤلاء أن يطردوه ورفعوا أغصان الزيتون للجميع رغم أن اللانظام الأسدي كان دوماً يمطرهم وابل الرصاص دون تمييز وبعد مرور أشهر تشهد جلسات عدة تصريحات للسفير نفسه بأن أمريكا لا تستطيع أن تقدم للثورة شيئاً وأن تحركها مواجه بالفيتو الروسي الصيني وأن سوريا موقع نفوذ للروس وليس للأمريكان تهرباً من أي تأييد لفظي سابق وكذلك قوله الشهر الماضي: إننا لا نستطيع أن نزود المعارضة بأسلحة نوعية ضد النظام، وكذلك ما أكده في رسالة من سفارته تعليقاً على شعار الجمعة السابقة و رداً على وعي العقل السوري الأصيل موضحاً أن الولايات المتحدة تدعم سورية حرة موحدة وأن دكتاتورية الأسد ستبلغ نهايتها – طبعاً بتقاعسهم حيث يدعون حماية الأسرة الدولية – وبعد ذلك على الشعب السوري أن يتحمل المشاق لإعادة بناء الدولة والبلد مدعياً أن بلاده قدمت للثورة والشعب خلال تسعة عشر شهراً مضت مبلغ 130 مليون دولار من المساعدات الإنسانية للداخل والمهجر وطبعاً نحن والمسؤولون في سورية وخارجها ليس لدينا أي دليل على ذلك، وأضاف أن أمريكا خصصت أيضاً خمسة وأربعين مليوناً للدعم اللوجستي، وكذلك فإن حكومته قامت بفرض عقوبات صارمة اقتصادية على النظام وبعض رموزه بمن فيهم بشار الأسد وأكد أن حكومته ستعمل على محاسبة عصابات الأسد أمام العدالة وأنها أعانت المعارضة ولا تزال لإنشاء دولة ذات سيادة وديموقراطية تشمل جميع المكونات وختم قوله: إننا ندعم جميع السوريين ضد استبداد نظام الأسد، فهل نسي هذا السفير كيف مدت حكومة روزفلت الرئيس الأمريكي القديم حكومة بريطانيا بزعامة تشرشل بالأسلحة النوعية ليخرج هتلر من إنجلترا بعد أن دخلها محتلاً ولماذا كانت استجابة روزفلت لنداءات تشرشل: أعطني الأدوات أنجز المهمة حلاً قلب الميزان حتى خرج هتلر من بريطانيا وبقي أوباما بركوده وجموده غير متحمس لحماية البشر في سورية المتاخمة لإسرائيل، أليس دفاعاً عنها وتدبيراً لتمركز السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط ولو على حساب دماء الأبرياء. يشعر السوريون اليوم أكثر من أي وقت مضى وكان عليهم أن يقفوا الموقف نفسه بهذه الشعارات أنه لابد من ثورة ثانية هي اليوم على أمريكا كما هي على روسيا وإيران والصين وأتباعها، لأن الكل يريد احتواء سياسة الشرق الأوسط لصالحه ويخاف من البديل عن الأسد إذ لم يجدوا حتى الآن أشد إخلاصاً لهم منه كأداة لقمع الأحرار وتنفيذ مخططاتهم وخدمة الصهيونية العالمية وهم يحذرون من الإسلاميين والعلمانيين بل والمستقلين فلا شيء يعادل أمن إسرائيل، وأما الدماء المسفوكة بالمئات يومياً فلا تدعو للتدخل أبدا كأن هؤلاء ليسوا ببشر يا للخزي والعار من الموقف الأمريكي والغربي ومن يدعون أنهم أصدقاء الشعب السوري ولو من العرب إلاّ من رحم ربي، وأمريكا تعود لتؤكد أن النظام السوري سيسقط عبر التصدع والتشقق ولأن الشعب السوري لن يعود عن الثورة فإنهم يراهنون على تضحياتنا ثم يقطفون الثمار لهم ولمن يشاؤون، وهكذا فهم الوحوش والتماسيح أمام الضحايا ومن هنا قد نرى أن أمريكا هي رأس مهم من رؤوس المتآمرين على الثورة إلا أن تثبت العكس.أليس كلنا يعرف أنها انتظرت ستة أشهر من المذابح ليقول أوباما إن الأسد فقد شرعيته، وتلته هيلاري كلينتون: إذا كان الأسد يتصور أن الاستغناء عنه صعب فهو مخطئ وكذلك قول مساعد الخارجية الأمريكية فلتمان إن التغيير في سوريا طويل وشاق ليهيئ الرأي العام لمزيد من المجازر التي حققتها المهل العربية والدولية، ثم ركزت على الحدود التركية ستة جنرالات أمريكان ليصطادوا من يعينهم من الجيش الحر وليخضعوا إن استطاعوا المشهد لمصلحتهم، إن أمريكا لم تساعد في السلاح النوعي ولا في الحظر الجوي والمناطق الآمنة لحماية المدنيين وأوباما ورومني المرشح الجديد على حال سواء إنه الاتفاق الصهيوأمريكي، هذا الثنائي الذي لا نستغرب مع دعمه القديم والحديث لإبقاء النظام السوري ليخمد الثورة ويبقى بشار حاكماً أو إن لم يستطع – ولن يستطيع – فله كل الملاذ الآمن وما الاغتيال المستنكر للشهيد العميد وسام الحسن إلا داخلاً ضمن هذا الإطار نظراً لكشفه للجواسيس والاختراقات الاسرائيلية في لبنان ولكشفه خطة التفجير التي تولى كبرها الوزير السابق ميشيل سماحة بالتعاون مع مستشارة بشار الأسد بثينة شعبان ورئيس الاستخبارات علي مملوك فكان نصيبه القتل حفظاً على مصالح إسرائيل وسورية وأمريكا في المنطقة والكل يعمل على إنقاذ النظام السوري المنهار كما أننا نجتهد أن الهدنة التي اقترحها الأخضر الإبراهيمي ما هي إلا حلقة من حلقات التكليف الدولي المتآمر على الثورة والشعب لمنح فرصة أكبر للنظام الأسدي كي يسترجع مبادرته ويفك حصار جنوده وشبيحته في كثير من المواقع المحررة ثم ينقض على الشعب فما عرف عنه إلا ما عرف عن الذئب والثعلب والذي يجرب المجرب عقله مخرب ولكن شعبنا البطل بوعيه السياسي والميداني الواسع النطاق سيهزم قوى الاستبداد المحلي والعالمي ويومها يكون العيد حقيقياً ولو بعد حين.