12 سبتمبر 2025

تسجيل

حتى لا يُقعدنا الخوف من الفشل

22 سبتمبر 2023

الخوف من الفشل هو عدو لدود للإنسان، وهو عائق كبير في طريق النجاح والفاعلية، وإنما يخاف الإنسان من الفشل لأنه يسبب له ألما نفسيا شديدا، والإنسان بطبعه مستعد لأن يفعل أي شيء لتجنب الألم، لاسيما إذا كان ألما نفسيا، حتى ولو كان هذا الألم هو الطريق الوحيد نحو تحقيق النجاح، ومن ثم يفضل معظم الناس أن يعيشوا بدون أهداف واضحة خشية الوقوع في الإحساس بالألم من جراء الفشل في تحقيق هذه الأهداف.ويخاف الإنسان من الفشل بسبب تجارب سابقة أخفق فيها، فأقعدت همته عن مواصلة الكد والسعي، لأنه قد ترسب لديه أن جهوده وإمكاناته غير كافية لتحقيق النجاح.ويخاف الإنسان من الفشل بسبب المثبطات البيئية، عندما يكون حوله من يغذي في نفسه الخوف من الفشل، تارة بتذكيره بمحاولات مشابهة أخفقوا بها، وتارة بدعوته إلى إيثار مبدأ السلامة، وتارة غير ذلك. ولأن الفشل قرين الجبن، فقد كان نبينا محمد صلى الله عليه وسلم يستعيذ بالله تعالى من الجبن ويقرن بينه وبين العجز والكسل، فجاء في دعائه صلى الله عليه وسلم (اللهم إني أعوذ بك من العجز والكسل، والجبن والبخل). وابتداءً لابد وأن يدرك المرء أن الخوف من الفشل أمر طبيعي، لا يصيب الأحداث أو قليلي الخبرة وحدهم. عام 2018م، أجرت شركة استثمار أمريكية تسمى «نوروست فينتشر بارتنرز» استطلاعا للرأي، كانت نتيجته أن 90% من الرؤساء التنفيذيين اعترفوا بأن الخوف من الفشل هو ما يبقيهم مستيقظين طوال الليل أكثر من أي مخاوف أخرى. فهو أمر طبيعي يصيب الجميع، لكن الفرق في مدى الاستجابة لهذه المخاوف، فمنهم من يستجيب ويقعد، ومنهم من يعلن التحدي ويمضي في طريقه لتحقيق النجاح. من عناوين الكتب الطريفة التي قرأتها، كتاب بعنوان «متعة الفشل»، برر الكاتب صيغة العنوان، بأن الفشل خطوة من خطوات النجاح، فمن لم يتذوق طعم الفشل، فأنى له أن يدرك طعم النجاح.«ونستون تشرشل» رئيس وزراء المملكة المتحدة الأسبق له مقولة تقر هذا المعنى، إذ يعرف النجاح بقوله: «النجاح هو القدرة على الانتقال من فشل إلى فشل دون أن تفقد حماسك».المخترع العبقري «توماس أديسون» أجرى عددا هائلا من التجارب لاختراع المصباح الكهربائي، لم تكلل بالنجاح، فسأله أحدهم: لماذا لا تتوقف عن هذه التجارب الفاشلة؟ فأجاب أديسون: «الفاشلون هم أناس لم يعرفوا كم كانوا قريبين من النجاح حينما توقفوا».وهناك حكمة صينية بهذا الشأن تقول: «حينما يغلق أمامك باب الأمل لا تتوقف لتبكي أمامه طويلا ؛ لأنه في هذه اللحظة انفتح خلفك ألف باب في انتظار أن تلتفت إليها». ومن الحكم الإدارية المعروفة: «من رحم الفشل يولد النجاح». إن على المرء ألا يدع خوف الفشل يقعده عن العمل، لأن القعود هو الفشل بعينه، وبحسبة بسيطة ندرك أن الإقدام والمضي يحتمل النجاح، بينما القعود هو فشل قطعي لا احتمالات معه للنجاح. وينبغي أن يكون ارتباط المرء بالعمل والسعي الحاضر، لا بالنتائج المستقبلية، ولنا في نملة سليمان - التي لا نمل من تكرار الاستفادة منها- مثل، فعندما أرادت إنذار قومها من جيش نبي الله سليمان نادت فيهم ليدخلوا مساكنهم، ولم توقفها أسئلة على غرار: هل سيصل صوتي الضعيف إلى كل قومي؟ هل سأستطيع أن أنقذهم قبل فوات الأوان؟ وإن المؤمن أولى الناس بعدم الاستجابة لهاجس الخوف من الفشل، لأن له منظومة عقائدية في القدر تريح نفسه وتربط على قلبه، فهو مطالب بالأخذ بالأسباب، لعلمه أن المقادير مقدرة بأسبابها، لكن إذا أتى بالسبب ولم يكلل بالنجاح، حينها يستحضر إيمانه بقدر الله تعالى، فيرضى بصدر منشرح، ثم يعاود الكرة في السعي والعمل. فكيف يتمكن منه الخوف من الفشل، وهو يقرأ وصية النبي صلى الله عليه وسلم (واعلم أن ما أخطأك لم يكن ليصيبك، وما أخطأك لم يكن ليصيبك). الفاشل هو القاعد، والناجح هو من يمضي في سبيله بكد وسعي حتى وإن لم يبلغ مراده، والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.