16 سبتمبر 2025
تسجيلأبرز ما تحتاجه منطقة الشرق الأوسط في الوقت الراهن هو ترميم العلاقات بين السعودية وإيران إن لم يكن إعادة صياغتها وفقاً للتحولات والمعطيات الجديدة في المنطقة. فطالما ظل الشحن والتجاذب من الطرفين مستمراً دون اللجوء إلى العقلانية والتفاهم ستظل المنطقة متأزمة بين فسطاطين يملكان مقومات الاتفاق بقدر أقل من إمكانات التنافس التي تغذيها أيضاً جملة مواقف تاريخية ومصالح عالمية وإعلام لا يفتر عن الشحن وتشويش صورة الأخر بل وتحميله تبعات التاريخ والمستقبل معاً. فمشروع الصراع بين الطرفين قائم ومقوماته كثيرة ومتنوعة سوى أن الحاجة إلى الركون إلى الحكمة وضبط النفس هي المبتغى لهذه المرحلة وما بعدها باعتبار أن أي صراع ربما لن يضيف للمنطقة وأهلها سوى الدمار والمزيد من دواعي الفرقة. ومؤخراً دعا الرئيس الجديد للجمهورية الإسلامية في إيران السيد حسن روحاني إلى إزالة التوترات بين بلاده والمملكة العربية السعودية وكان الرجل من الذكاء حين وصف تلك التوترات بـ " الطفيفة " مؤملاً في المضي نحو مرحلة من الوفاق خاصة وأن عموم المسلمين على أبواب موسم للحج مما تجده إيران فرصة سانحة لإثبات حسن النية أمام السعودية والتعاون معها في إنجاح الموسم دون توتر أو إثارة للقلاقل حيث ظل الحج سابقاً الورقة الإيرانية التي تصعد من خلالها المواقف والأزمات مع السعودية ربما لمواقف سياسية متباينة أو لتفعيل مشروع الثورة الإيرانية أو لمجرد الاستعراض العالمي أمام مؤيدي الثورة وجمهور مقلديها من أبناء المذهب. فإيران من خلال رموز قيادتها تدرك حجم الثقل السعودي في المنطقة وتدرك البعد الروحاني الحقيقي لمكانتها في قلوب المسلمين كما تدرك أيضاً الحجم العالمي للسعودية اقتصادياً وسياسياً وتدرك أيضاً أنها لاعب المواجهة الأبرز في الكثير من المواقف والأزمات الإقليمية في البحرين وسوريا ولبنان وربما في العراق وغيرها وتدرك أيضاً أن المناورة مع هذا الند قد لا تجدي في ظروف تتقاطع فيها المصالح الإقليمية والعالمية. لذلك ولظروف التغيير الإيراني الجديد في شكل الرئاسة ربما يكون من المجدي العودة بحجم ونوعية العلاقة لمرحلة ما قبل الرئيس السابق أحمدي نجاد والذي جر العلاقات السعودية الإيرانية إلى زاوية ضيقة انعدمت معها عرى التواصل وصعدت من الأزمات والمواقف. لذلك فالسعوديون فرحين بالتصريحات الرئاسية للسيد روحاني أملاً في فتح صفحة جديدة من العلاقات تزيل بؤر التوتر وتجتمع حول المصلحة ومحاور التلاقي لا الاختلاف والتناحر بل ويمكن من خلالها صياغة تفاهمات واتفاقيات حول الكثير من مجريات الأحداث في المنطقة. وهو ما يحتاج إلى إبداء حسن النوايا أولاً ومن الطرفين وبالذات من الطرف الإيراني الذي يلوح دائماً بورقة التدخل في المجتمعات المحلية والعمل على زعزعتها وإثارة نعرات الطائفية بين مكونها. ومع ترحيبنا بالتوجه الإيراني نحو إزالة التوتر فندعو الأخوة في إيران عموماً من مثقفين وإعلاميين وكل الواجهات الاجتماعية إلى نبذ المرحلة السابقة والتحول نحو الإيجابية في التعاطي مع الأخر وتقديره دون المساس بمكونه أو تغليب طرف من أطرافه على الأخر. فمعركة التناحر في هذا الجانب خاسرة ومدمرة وليس من سبيل لسعادة واستقرار المنطقة سوى بقبول التعايش المشترك في ظل احترام متبادل وتعاون جاد كلما سمحت الظروف لذلك.