19 سبتمبر 2025

تسجيل

ارحل يا سفاح.. من فقد الإنسانية.. أنى له الإصلاح ؟

22 أغسطس 2011

إن الذي يجري اليوم في سوريا من أحداث أليمة فاقت في وحشيتها كل تصور لأمر خطير يجب أن يعود بنا إلى مراجعة سريعة لتدارك ما يمكن تداركه في مسلسل الإجرام الأسدي السادي الذي لم يعد يعرف لأي إنسانية معنى، ومع ذلك يدعي كذباً وزوراً أنه يريد الإصلاح في البلاد، وأنى للمفسد أن يصلح؟ وهكذا نقول لأن فاقد الشيء لا يعطيه، ولأن المدمن على القتل والترويع والتعذيب والذي يستخدم كل آليات الجيش والأمن والشبيحة لسحق الشعب بحجة الدفاع عن الوطن لا يمكن أن يكون مصلحاً بل يتصف بأدنى صفات الإنسانية، نعم إنه يدعي مقاومة المؤامرة التي نسجها في خياله، سواء كانت داخلية أو خارجية فإذا كان ذلك كذلك في نظره فلماذا تقدم هذه الإصلاحات الموهومة هدية لمن يوصفون بأنهم متآمرون على البلد وينفذون مخططات المشاريع الأجنبية في سوريا، كما يقولون؟! إنه قد بات أمراً مسلماً أن الاعتداء على المتظاهرين بالقتل والتمثيل والجرح والتنكيل، ومعارضة كل حر واعتقال المفكرين والناشطين الذين يرفضون أن تخيط السلطة شفاههم شأن بربري لا يمكن أن يستمر السكوت عنه من أي جماعة في الوطن الغالي وكذلك من المجتمع الدولي الذي يتغنى بالدفاع عن حقوق الإنسان، وإن الله في كتابه الحكيم يبين لنا أن من قتل النفس التي حرمها فكأنما قتل الناس جميعاً ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعاً وبين رسوله صلى الله عليه وسلم أن زوال الدنيا جميعاً أهون على الله من دم سفك بغير حق، ونبه فقهاء الإسلام إلى أنه لا يجوز قتل إنسان ولا جرحه رداً حتى على شتم حدث منه أو معارضة كالهتافات التي يطلقها المتظاهرون والمحتجون ضد من يظلم الشعب وإذ إننا نعرف أن الله قال: (لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم) النساء 148. فإنهم لا يعرفون إلا القتل وسوم أشد العذاب للمظلومين المنادين سلماً بالحرية والكرامة ولكن هؤلاء المتجبرين يدعون أنهم يقومون بواجبهم ضد عصابات مسلحة، ومع أن الشعب كل الشعب والمراقبين الإقليميين والدوليين باتوا يعرفون حق المعرفة هذا الافتراء الذي إنما نصب شبكة احتيال لاصطياد المنتفضين إلا أننا نؤكد ضرورة الدفاع عن النفس والعرض لدى أي اعتداء على أي منهما، بل وكذلك الممتلكات المالية فنحن لسنا محاربين حتى نستباح وإنما نحن محاربون ولابد من الذود بما يسمى قتال الصائل حيث الذي يدهمك في بيتك وقد سأل رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم قائلاً: "أرأيت إن دخل أحد في داري يعتدي ويريد أخذ مالي قال: لا تعطه مالك، قال أرأيت إن قاتلني قال: قاتله قال أرأيت إن قتلني قال فأنت شهيد قال: أرأيت إن قتلته قال هو في النار) وكذلك فعل عمر رضي الله عنه مع فتى دافع عن عرضه ورمى الفاحش بالسيف فأقره عمر بل قال: خذ سيفي إن شئت لتدافع عن عرضك، فلا يحق لأي معترض أن يقول: إن ثورتنا ليست سلمية بسبب ما يتخلل ذلك من أحداث لابد فيها من الدفاع عن النفس والعرض بل والمال، فمهما توافرت الاستطاعة للقيام بهذا الجهاد كان لابد من ممارستها لأنه بذلك يتم السلم الحقيقي إذ هو نوع قصاص من المعتدي ردعاً له وقد قالت العرب: القتل أنفى للقتل، وهكذا فإن الثورة السورية سلمية محضة في عمومها وفي خصوصها، ولا يستنكر أي رد لاعتداءات الهمجيين كالذي حدث في حمص وتلبسة والرستن وجسر الشغور وغيرها من بؤر الأحداث، ولن يسوغ أبداً أن يدير أحد خده الأيسر للمعتدي الظالم بعد أن صفعه على خده الأيمن، وإن الإهانات المعنوية والمادية التي ذاقها الشعب في حي الرمل الجنوبي، وخاصة الفلسطينيين في اللاذقية كانت وصمة عار أضيفت إلى سجل هؤلاء القتلة السفاحين، وكذلك فإن إجهاض 142 امرأة في خان شيخون بمحافظة أدلب وانقطاع لبن الرضاع عن كثيرات من النساء، وكل ذلك من الترويع المريع يبرر ما قد يفعله بعض الأحرار للدفاع عن النفس والعرض والمال وكما قلت فهو محقق للسلم من حيث المآل وليس رافعاً له بحال ولقد كان الأجدر بمن يتحذلق ويتشدق بادعاءات العصابات المسلحة أن يعلنها بصراحة لا تقبل الشك أنه لا عصابة مسلحة في سوريا إلا عصابة النظام من جيش وأمن وشبيحة مجرمين، أليس ما رأيناه ونراه من انشقاقات شريفة مثلا داخل الجيش اعتراضاً على ذبح الشعب المسالم دليلاً ساطعاً على أن الراعي الأسدي هو الذئب المسلط على الغنم وهو الفرد الذي لا ند له كما يقولون ويدعون بل كتبوا على اللوحات والجدران لا إله إلا بشار الأسد! أي إنسانية ترجى من مثل هؤلاء حتى يرجى منهم الإصلاح، الذي يتباهون به وهو مازال حبراً على ورق، حكومة عادل سفر التي لا تملك من أمرها شيئاً، بل لم يجرؤ أي وزير فيها على أن يعترض على هذا القمع الخطير الذي روع الجميع وأطار النوم عنهم في شهر الإحسان والتسامح والسلام، إن مثل هؤلاء الفرديين المستبدين في حكمهم لم يعرفوا أبداً ما أهاب به أبو العلاء المعري بالكرام العظام أن يكونوا غيريين لا أنانيين. ولو أني حبيت الخلد فرداً لما أحببت بالخلد انفرادا فلا نزلت عليّ ولا بأرضي سحائب ليس تنتظم البلادا لقد نجحت العصابة الأسدية في توزيع الظلم على السوريين في جميع المدن والقرى والأحياء داخلياً وفي كل مكان فيه سوري خارجياً، ولابد لجميع أطياف شعبنا أن ينال حقه وحريته في المشاركة السياسية لإصلاح البلاد وليس بهذا الإصلاح الحربي الذي يقوم به هؤلاء الفراعنة ليحرقوا الأخضر واليابس ومع ذلك فهم ملاك البلاد والعباد ولا ندري من أين لهم هذه المليارات من عرق الشعب المسكين وما له الذي يقتل به صباح مساء، أما آن لهؤلاء أن يستلهموا بعض الفكر الإنساني حتى من مفكرين أجانب مثل فينس الذي يقول: على الإنسان ألا يكتفي بأن يعتز بنفسه بل عليه أن يستشعر كما له الإنساني بحيث يخجل من الاتيان بالعمل القبيح، أو كقول فوفالس وهو ينصح العلماء أن يتعاملوا بالإنسانية، لا كما نرى حتى بعض علماء الدين وبعد كل هذه المذابح والمجازر المروعة التي لا يمكن لإنسان فيه إحساس إلا أن يتأثر ويتألم بسببها وينكر على فاعليها، يدعو مثل هؤلاء للرئيس بالخير والبركة وطول العمر ويقفون ببابه دعاة للفتنة كما فسرها حذيفة بن اليمان رضي الله عنه، يقول فوفالس: لا يمكن لأي إنسان أن يصبح عالماً بمعنى الكلمة من غير أن يصير قبل ذلك إنساناً بمعنى الكلمة، فيا وعاظ السلاطين احذروا يوماً تشخص فيه الأبصار، وايم الله إن الذي يجري من مسلسل الدم والدمار والعار على يد النظام السوري الفاشل الذي لم يستطع بعد خمسة شهور أن يقمع أهل الحق الأحرار ولا أن يقنع من حوله والبعيدين بحجته التي هي أوهى من خيط العنكبوت، كل ذلك يدل دلالة قاطعة على أن الإنسانية بعيدة عن هذه العصابة بعد الأرض عن السماء وأن سوريا قلب الأمة والعروبة النابض لن تتوقع من السفاح الإصلاح وهو فاقد للشرعية لأنه قاتل ولا يتمتع بأي أخلاق سياسية والشعب لايريد أن يحكمه إلا إنسان من الرجال.